بابل مدينة فوق مدينة .. رسالة الى حضرة اليونسكـــو المحترم بقلم: أحمد رحيم الدلفي
تاريخ النشر : 2018-09-13
في ارض ترامت أطراف حضارتها وأين ما خطت قدمك فأعلم أنها تلامس معلم تاريخي أو مكان لحدث مهم لدرجة انه الأول من نوعه على وجه الأرض , وتراب هذه الأرض هي الأولى التي احتضنت البذرة الأولى لتصبح ارض السواد و أولى من دارت فوقها سطحها عجلة وعلى أديم أطيانها كتب أول حرف وأول قصيدة حب لتتزوج أول فتاة بعقد رسمي وشرع أول قانون ليدون أول مخالفة عبر التاريخ , وأين ما حللت يقال لك " كان هنا " , نعم أنها ارض ميزوبوتاميا,, العراق .
هل تعلم أن مدينة بابل الأثرية و حمو رابي و شريعته الأقدم في التاريخ البشري التي وتعود إلى العام 1790 قبل الميلاد ليست موجودة على لائحة التراث العالمي (اليونسكو) !, هل هذا الإهمال العالمي لتراث يخص البشرية جمعا عفوي وجاء صدفة ام علينا الانسياق لنظرية المؤامرة والتسليم لما يقال عن ارض بابل , يجب أن لا تنهض من جديد حيث كلما ظهرت دولة وحضارة قوية في هذه البقعة تسقط دول وحضارات أخرى ويذهب سلطانها وهيبتها أدراج الرياح لدرجة أنهم يساقون كالـعبيد لخدمة بابل وملوكها.
وهكذا أرضنا الأم التي تنزف أثار ركنت على رف الإهمال وبشكل قاسي وكأنهم يقولوا لثورها المجنح " شيدو لاماسو " لا تحلق ثانيا , و الا هل من المعقول أو المنطقي أن يبلغ عدد المواقع الأثرية في العراق أكثر من 12 ألف موقع !!, وتضم آثارا تعود إلى حقب زمنية مختلفة وتحتوي على أسرار تاريخية لا نظير لها و تعامل بهذه الإهمال الدولي والمحلي ! , وهل تعلم أن عدد الحراس المكـلفين بحماية أثار العراق هم ما يقارب الـــــ 4000 حارس وأغلبهم غير مدرب وغير جاهز بالقدر الكافي لإتمام عملية الحراسة على الوجه الأكمل.
تنتابنا حسرة مصحوبة بسؤال لــما هذا الجفاء وهل هكذا تكرم ارض الحضارات التي أغنت وآثرت التاريخ البشري من جميع النواحي , ومن حق حمو رابي أن يشعر بالغبن عندما يرى بعض الدول والمؤسسات تحتفي وتفتتح متاحف لــ"ملابس داخلية "! لملك لم يقدم للبشرية شيء سوى انه تسنم كرسي الحكم بعد أبيه , وشريعته مركونة وأثاره مباحة للسرقة او مطمورة وبني على مدينته مدينة أخرى فأصبحت بابل مدينة فوق مدينة.
وعن الأسباب التي شكلت الحاجز بين أثار بابل و اليونسكو, قال رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس محافظة بابل طالب نصار، السبت، 18 آب، 2018 الماضي ، إن "منظمة اليونسكو وبعد التقرير الذي أعدته لجنة خاصة مكلفة بمشروع إعلان بابل عاصمة للتراث العراقي، سجلت عددا من الملاحظات على منطقة بابل الأثرية"، مبينا أن "تلك الملاحظات تلخصت بوجود (قصر صدام) المشيد داخل المدينة الأثرية، كذلك وجود قاعات شيدت حديثا أيضا".
وأردف أنه "عند وصول هذه الملاحظات للجنة قمنا بإعداد حلول لهذه الملاحظات حيث تقرر تحويل القصر لمتحف يحوي آثار تتعلق بحضارة بابل حصرا، أما القاعات الموجودة في المنتج فستكون لراحة السواح والوفود", مؤكدا " الاتفاق على ذلك وان لجنة من اليونسكو ستزور آثار بابل في 30 من أيلول من العام الحالي للإعلان نهائيا عن الموافقة على المشروع".
وفي الختام نقول , بعد المكسب الكبير الذي تحقق في إدراج الأهوار في جنوب العراق على لائحة التراث العالمي نتمنى أن تتضافر الجهود للتغلب على جميع المشاكل التي تحول بين بابل والتراث العالمي إكراما لــبابل وتاريخها الكبير الذي أتحفنا جميعا .

احمد رحيم الدلفي
من العراق