عام الهجرة بقلم: خالد صادق
تاريخ النشر : 2018-09-13
عام الهجرة بقلم: خالد صادق


عــام الـهـجـرة
خالد صادق
عندما اشتدت الخطوب والكروب والأعباء على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وذاقوا ألوان العذاب على يد أئمة الكفر الذين لا أيمان لهم, وحيكت المؤامرات والخطط ليل نهار للقضاء على الإسلام وهو في مهده, أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة من مكة إلى المدينة المنورة, وطلب من أصاحبه الهجرة الى المدينة المنورة إلا أبا بكر الصديق رضي الله عنه أمره ان يبقى معه ولا يهاجر مع الصحابه رضوان الله عليهم أجمعين, وكانت الدعوة الإسلامية في سنتها الثالثة عشرة وقد اجتاز المسلمون هذه السنوات المليئة بالمحن بصبر وثبات وقوة تحمل كبيرة, صقلت من شخصياتهم وزادتهم إيمانا مع إيمانهم وازداد يقينهم بالله عز وجل أنهم حتما منتصرون, وسيعودون لمكة فاتحين, وسيصلون في البيت الحرام, ويقيمون شعائرهم الدينية, لقد كان يقينهم اكبر من كل الضعف الشكلي الذي كانوا يحيونه آنذاك, فكانت السياط تنهال على ظهورهم وتكوي أجسادهم العارية, لكن اليقين كان يخرج مع صيحة النصر التي يرددها بلال الحبشي رضي الله تعالى عنه وأرضاه بقولته الشهيرة احد احد, إنها كلمة كانت تؤسس لدولة أركانها قائمة على سواعد رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه, فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.

وعندما جاءت البشرى للصديق رضي الله عنه بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة من مكة إلى المدينة, وقف صلى الله عليه وسلم على أبواب مكة ليقول: «والله يا مكة انك لأحب ارض الله الىَ, ولولا ان اهلك أخرجوني منك ما خرجت أبدا», ليرسى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدة التمسك بالأرض التي ولدت فيها ونشأت وترعرعت ارض الآباء والأجداد وعدم هجرانها وعدم التخلي عنها أو التنازل لصالح احد عن ذرة تراب منها مهما بلغ جبروته ومهما بلغ بطشه وقتله, لان الأرض تنتمي لأصحابها الأصليين ويقينا أنها ستعود إليهم طال الزمان أم قصر, فكانت هجرته صلى الله عليه وسلم من مكة ليس لمغادرتها خوفا من بطش الكفار, ولكن كانت مغادرة من اجل العودة إليها فاتحا, وتمكين المسلمين من ممارسة عباداتهم بحرية بعيدا عن بطش الكفار, وتطهير البيت الحرام من الكفار وأصنامهم وعباداتهم الضالة, فكانت الهجرة هدفها التهيؤ للنصر والتمكين, وكانت المدينة المنورة ميدان الإعداد والتجهيز لصناعة هذا النصر, وعندما علم كفار قريش بذلك لاحقوا رسول الله وأصحابه فكانت معارك وغزوات انتهت بفتح المسلمين لمكة التي عشقها وأحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم, ووقف عليه الصلاة والسلام ليخاطب أهلها الذين طردوه وأصحابه منها وآذوه وعذبوه قائلا: «ماذا تظنون أني فاعل بكم, قالوا أخ كريم وابن أخ كريم, ليقول عليه الصلاة والسلام اذهبوا فانتم «طلقاء».

اليوم نعيش مؤامرات كبيرة ومخططات تهدف للالتفاف على قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة إلى أرضهم التي هجروا منها عنوة, مؤامرات يشارك فيها الغريب والقريب, واللاجئ الفلسطيني يقاوم ويجابه كل المؤامرات بصدره العاري, يخرج بمسيرات حاشدة أطلق عليها اسم مسيرات العودة الكبرى, إيمانا منه بان حق العودة هو حق مقدس لا يمكن التنازل عنه أو المساومة عليه أو تجزئته, ساوموه بالتعويض المالي, والأرض البديلة, والوطن الجديد, فقال والله يا فلسطين انك لأحب ارض الله اليَ ولولا ان عصابات بني صهيوني أخرجوني منك بالمجازر الدامية وبقوة السلاح, وبمؤامرات العربان, ومخططات الأمريكان والمجتمع الدولي, ما خرجت منك أبدا, واقسم ان نبقى على العهد حتى نعود إليك فاتحين, نزيل عن ثوبك الأبيض الناصع أدران بني صهيون, ونطهر أرضك ومقدساتك من دنسهم لن نلين ولن نستكين حتى نستعيدك ونشتري حريتك بدمائنا وأشلائنا فهذا عهدنا مع فلسطين ولن نتراجع عنه قيد أنملة مهما بلغ حجم التضحيات. مخطئ من يساوم على حق العودة, ومخطئ من يتحدث بلسان اللاجئ الفلسطيني عن القبول بجزء من الأرض والتنازل عن البقية المتبقية من مساحة فلسطين التاريخية, مخطئ ذاك الذي يفاوض لأجل 22% من مساحة فلسطين ويتنازل عن 78% طواعية لصالح الاحتلال, لأن الفلسطيني الذي هجر من أرضه سيبقى شاهرا لسلاحه يقاوم كل المؤامرات والمخططات, ولن يستطيع احد ان ينتزع منه حقه في العودة إلى أرضه, ولن توهنه طول سنوات الانتظار أو تنال من عزيمته, فالأرض جزء من العقيدة والتفريط في ذرة تراب منها حرام شرعا حسب فتوى علماء المسلمين, لذلك سيبقى نضالنا مستمرا حتى ننتزع حريتنا ونحرر أرضنا من دنس الاحتلال الصهيوني البغيض مهما طال الزمان أو قصر فهذا عهدنا مع الله الذي وعدنا بالنصر والتمكين والله لا يخلف الميعاد.