ركوة حرف (9) رواية خريف يطاول الشمس نزهة أبو غوش بقلم طلعت قديح
تاريخ النشر : 2018-09-12
ركوة حرف (9)

قراءة في رواية خريف يطاول الشمس للكاتبة : نزهة أبو غوش
...........
تمثل رواية (خريف يطاول الشمس) امتدادًا للوجع الفلسطيني القاتم في تفاصيله السردية المدقعة ، وأحسب في تركيبتها أنها امتدادٌ لذاك المشروع الفلسطيني ( الملهاة الفلسطينية ) التي بدأ به الشاعر والروائي الفلسطيني ( إبراهيم نصر الله ) .
لكننا أمام رواية أرادت أن يكون لها نمطٌ خاص ، نمط تفصيلي يقترب حد الالتصاق من الوجع ، وما ينجم عن ذلك من معاناة تختصرها في هذه الرواية . . .
• تمتاز الرواية بالقرب العميق من الوجع ، بتفاصيل توخز من يقرأ معاناة شعب ، وبأن هذا الشعب أُريد له أن يُدفن وأن يندثر ، بيد أن المشاهد التي ساقتها الكاتبة تبدي لنا ملامح واضحة عن صلابة الشعب الفلسطيني ، والتي أحسب أنه ما قاسى شعب مثله ( إلا الشعب السوري الذي أعتبره اختصارًا للوجع الفلسطيني في بضع سنين ) !
• وكأني بالكاتبة ( نزهة أبو غوش) لم تترك وجعًا أو قهرًا ، شاردةً أو واردة وإلا وسكبتها في هذه الرواية ، حتى التفاصيل التي يمكن إهمالها لصغر دورها ، إلا أنها أبت إلا أن تكتبها .
• تقلبت حكاية الرواية الحوارية بين الفصحى لعامية ، كي لا تضيع المفردات من خلال الحديث بين مفاصل شخوص الرواية ، وبين الأحداث المتتالية ، إلا أن الاختلاط في الحوارات يجعل من غير المستساغ أن نقارن بين الحوار الفصيح والعامي لنفس الشخصية !
• الأرشيف الفلسطيني الشعبي الذي أثرت به الرواية من خلال الأهازيج والمناسبات من أفراح وأتراح ، وما تلا ذلك من معاناة ، كل ذلك أعطى صورة واضحة على أن اللسان الفلسطيني هو لسانٌ طليق للتعبير عن مكنونه باختلاف المشاعر ، وعبر ذلك عن ثقافة الشعب المتأصلة المتشبثة بجذوره .
• لم تغفل الكاتبة الأحداث التاريخية الجسام التي رافقت سرد الرواية ، وما دار خلالها ، كاشفة الإثم الكبير الذي اقترفه خونة العرب من تواطئهم الحقير ضد الشعب الفلسطيني ، وجعله فريسة لليهود ومطية للانتداب البريطاني ، ورغم هذه الخيانة ما كان لليهود مكان .
• طرقت الكاتبة موضوعًا شائكًا ألا وهو قضية اللاجئين التي أصبحت وكالة الغوث هي اللوحة الواجهة لهم ! ولم تكن تلك الوكالة إلا حقنة تخدير طويلة المدى ن وجعل منشأها مرتبطًا بالوجع الفلسطيني ، فهي بمثابة صك انتداب وُقع من أول يوم غرست فيه الطعنة الأولى . . .
• برزت الشخصية الضبابية لـ( مرزوق) ، فهي شخصية متقلبة ، لا تعرف إلا المال منهجًا لها ، لكن هل هو عميل أم سمسار أم ما هي صفته ، لماذا تركت الكاتبة هذه الشخصية دون تعريف !
• برزت شخصية محورية في الرواية وهي شخصية المقاوم للمحتل ( علي) ، البارز في الشخصية هي القوة الهائلة التي يمتلكها ، تمامًا كشخصية الأسطورة التي تمثل القامة التي تأخذ الأجيال منها العبرة ، إلا أن طريقة الاختفاء من التابوت لم تتضح أم هو إخفاء متعمد !
• المفصل الحقيقي اللاذع في الرواية هي المرأة الفلسطينية ، فهي تركيبة متفردة في التاريخ البشري ، وما مدى اتساع التدبير في الرواية إلا جانب من هذه الحياة المتعبة . . .
• الشيء الذي لم ينضب من هذه الرواية في الكثير من أحداثها هو الأمل برغم قساوتها وسوادها ، وليس ذلك إلا من خلال العقيدة الإيمانية التي تعلم أن الأمل في وجه الله لا في وجه البشر .
• المميز في هذه الرواية أن استقصاء المعلومات والأحداث كان شفهيًا على لسان من عايشوا هذه المأساة ، والمحير هنا هو الذاكرة الخصبة للشخصيات برغم مرور عشرات السنين وتقلب الحال ، وما يتبع ذلك من استحضارٍ للأوجاع وأجزم هنا أن الحاكي والمحكي له ، طالما نزفت دموعهما من هول تذكر الحاكي وتأثر المحكي ، وكان أكثر المواقف تأثيرًا هي طريقة شرب الماء من البئر !
• قرأت شيئًا مما حدث لعموم الشعب الفلسطيني المكان يختلف لكن الألم واحد . . .

• قراءة : طلعت قديح