القاهرة.. والمصالحة قادمة بقلم: وفيق زنداح
تاريخ النشر : 2018-09-12
القاهرة.. والمصالحة قادمة بقلم: وفيق زنداح


القاهرة ... والمصالحة قادمة
اليوم او غدا ... هذا العام او العام القادم .... لا مفر من المصالحة ... ولن استمع للأصوات المحبطة ... ولن اصدق التحليلات القائمة على حسابات خاطئة لحالة من الخيال والاوهام ... ولن اكون بحكم المهنة الا صادقا بحسابات التاريخ وملابسات الواقع وافاق المستقبل من خلال هذا الوطن الجريح والنازف .... والذي يزداد بهمومه وثقل احواله ... واعباء حياة اهله والذين طالهم المرض ... كما الجوع والعطش ... في ظل فقر وبطالة ... لحالة يرثى لها ... وواقع ازمات طاحنة وكوارث متفاقمة تزداد بحدتها وضراوتها ... حتى وصلت الى لقمة الاطفال وكرامة الناس واحوالهم ... مما زاد من الظواهر السلبية كالادمان والانتحار ... ولن اقول بأكثر من ذلك والذي يستوجب ويفرض ضرورة المصالحة اليوم قبل الغد .
تضحيات جسام عبرمسيرة كفاح طويل ولا زالت قوافل الشهداء والجرحى والاسرى من خلال شعب لا زال مرابطا ومثابرا وثابتا على الحقوق ... ومتمسكا بقضيته العادلة برغم كل ما يحيطه ويتداخله من مصاعب وازمات ومخططات ليس اقلها ما يسمى بصفقة القرن ... وما يجري التضيق علينا من خلال ابتزاز سياسي ومالي عنوانه ابتزاز القيادة والسلطة ومنظمة التحرير وارباكها ووضع العراقيل أمامها وافشال مهامها ومسؤولياتها ازاء شعبها .
مخطط كبير لحصار مالي ... وكأن التاريخ يعيد نفسه .... ما بين حصار القيادة سياسيا وماليا في تونس ... وما بين الحصار والابتزاز الامريكي في هذا الوقت الذي تقف فيه السلطة الوطنية والقيادة الفلسطينية في مواجهة المخطط الامريكي الاسرائيلي بما تمتلك من مقومات وادوات وارادة شعبية .
المشهد الفلسطيني بكافة تفاصيله وعناوينه .... مدخلاته ومخرجاته ... يؤكد ان المصالحة قادمة ... وان المصالحة خيار وطني ... وان المصالحة لا مناص منها .... كما يتأكد لنا جميعا ان القاهرة عنوان تلك المصالحة .
وبالسؤال حول اسباب التفائل في ظل تصريحات محبطة وعلاقات يسودها التوتر وتضارب المصالح والاولويات ... فأن التفائل مبعثه الحقيقة ... وليس الخيال السياسي ... مبعثه واقع الارض .... وليس بعض عواصم الاقليم .
التفائل مبعثه تاريخ شعب وثورة ومسيرة كفاح طويل .... لا يمكن ان يقبل باستمرار هذه المهزلة ... وهذا الاستخفاف بحقوق وتضحيات شعبنا .
مبعث التفائل واساسه بأنه لا خيار لنا ولا مخرج لازماتنا ... ولا حرية يمكن ان نحققها ولا دولة مستقلة يمكن ان نجسدها الا من خلال المصالحة والوحدة الوطنية باعتبارها خيارنا الوحيد والاكيد شاء من شاء وابى من أبى .
تفائل نابع من تاريخ طويل ... وواقع مرير .. وتضحيات ثورة ممتدة لا يمكن ان تقبل بأن تتعرض الحقوق وعوامل الصمود ومقومات القوة التي نمتلكها لمغامرات المراهنين والشاردين والتائهين عن رؤية الحقيقة الساطعة ... والتي منبعها تاريخ وثقافة ... لوطن وشعب وقضية .
مبعث التفائل والاصرار والتاكيد بأنه لن ينال منا الجوع ولن يتملكنا المرض ... ولن نصبح اعدادا هامشية على قارعة الطريق ... ولن نكون متسولين ولا حتى متفرجين على ما يخطط ضدنا ... ولن نكون مستمعين لهذا التصريح او ذاك ... وكأننا كرة يتلاعبون بها وتتقاذفها الارجل ... وتحركها العواصم والمصالح .
أذاننا صاغية .. وعقولنا متفتحة لكل صوت عاقل .. ولكل رؤية ثاقبة وجادة ولكل ارادة جامعة ولكل وطني شريف يسعى للوحدة الوطنية لاتمام المصالحة وانهاء الانقسام الاسود بتاريخنا الحديث .
المصالحة قادمة ... عبر بوابة القاهرة ... ولن يكون بامكان أحد اعاقة واطالة أمد الفراق والانقسام وسواد الليل الحالك .... والذي طال بوحشيته وخيوطه لينالوا من داخلنا ويأكلون من لحمنا وينهشون من عظمنا ويمسون بكرامتنا ويغيرون بموروثنا وما اعتدنا وتربينا عليه .
لم يعد بمقدور أحد ادخالنا بلعبة الموانع والاعذار والاولويات .... لغة ممجوجة ومكشوفة ولم يكن هناك من يمكن ان يصدق مثل هذه الاقوال .
والا فأن المفاوضات مع عدو محتل لها ما يزيد عن عقدين من الزمن لن يكون بالمدة الكبيرة بمنظور المدة الزمنية .... اذا ما تمت المقارنة ما بين اشقاء واخوة لا زالوا على حوراهم منذ 2007 وحتى اليوم وما جرى من اتفاقيات وما جرى من عدم التزام بها ... وكأن الزمن متاح لنا وليس ضاغط علينا وهذا بعكس الحقيقة بالمطلق .
الرأي العام الفلسطيني والعربي لا يصدق ما يجري تداوله حول اسباب عدم اتمام المصالحة ... الا اذا كان هناك من جهات خارجية تحاول التلاعب بالمواقف ... وتحاول تعقيد المشهد بما يخدم مصالحها اولويات عملها داخل الاقليم .
نحن أبناء الشعب الفلسطيني نثق ثقة كاملة ومطلقة بالقاهرة عنوان وحيد لاتمام المصالحة وانهاء اخر فصول هذا الانقسام الاسود ... باعتبار ان القاهرة ممسكة بهذا الملف وقادرة على رؤية الحقيقة الكاملة ... ولن يمر على القاهرة اعاقات مصطنعة ... لكن القاهرة بباعها الطويل وصبرها المعروف ... وتحملها للإطالة والمماطلة ... تعرف كيف ومتى يمكن ان تقول كلمتها الفاصلة والحاسمة ... وان تطبق المصالحة بما يخدم الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة ... ولن تسمح القاهرة بحكم المكانة والدور من استمرار مسلسل المماطلة والتلاعب تحت مزاعم وخيالات لا حصر لها .
المشهد السياسي الفلسطيني ومدى ارتباطه بالمشهد الاقليمي بتطلب انجاز ملف المصالحة وعدم الاستمرار بالتلاعب بالكلمات ... لان الوقت كالسيف ويحتاج الى الحكمة والمعرفة والدراية لاهمية ومتطلبات المصالحة وتنفيذ بنود الاتفاقيات ... والدخول بشراكة وطنية تؤسس لانتخابات رئاسية وتشريعية وان ننهي هذا الفصل المأساوي من حقبة زمنية أضرت بنا واعاقت تقدمنا وجعلت من قضيتنا متعثرة .
المصالحة قادمة لا محالة مهما زاد الوقت ومهما اشتدت المعاناة ... والقاهرة عنوان تلك المصالحة مهما تعددت الجهات المعطلة والمتدخلة والتي تريد ان تزيد من مصاعبنا وتشابك اوضاعنا .
هذه الحقيقة التي نعرفها منذ زمن ... والتي نؤكد عليها اليوم وغدا .... ان المصالحة قادمة ... وان كافة التصريحات التي تتحدث حول المصاعب والفشل ... تتحدث عن نفسها وعن مواقفها ... ولا تتحدث عن ما يجب ان يكون ... لان المصالحة ليست خيار فصائلي فردي ... بل ان المصالحة خيار وطني قومي ... وسيبقى عنوانه القاهرة ... والجميع يعرف ماذا تعني القاهرة بدورها ومكانتها ونفوذها ولحظة قرارها وحسمها .
الكاتب : وفيق زنداح