مهاجماً الرئيس! - ميسون كحيل
تاريخ النشر : 2018-09-07
مهاجماً الرئيس! - ميسون كحيل


مهاجماً الرئيس !

سماع الحقيقة أمر مؤلم لممارس مهنة الكذب؛ الذي يٌعتبر بالنسبة له أسهل بكثير من قول الحقيقة ! وبمجرد سماع ما يكشف كذب أسياده، حتى يستشيط غضباً في تعليقات مبرمجة في ذاكرته مكيلاً الاتهامات معلقاً و واصفاً بما يتمتع هو من أوصاف من الكذب، و تزوير الحقائق؛ لكنه يراها في الأخرين، ممن لديهم ضمائر حية، واحترام للذات؛ وذلك ليس مهماً فلطالما أدركت أن الكلاب قد ترقص على جثث الأسود. وهذه المقدمة هدية خاصة لأولئك الذين يظهرون خفية أو علناً لوضع لمساتهم للرد على مقال بمنطقية ومهنية، و دون تحديد موطن الخلل أو الاعتراض السياسي عليه، لأنه بالأصل غير موجود؛ إلا ضمن البرمجة التي أشرت إليها، والكامنة في ذهنه، فهل هذا الغضب الجامح على الرئيس الفلسطيني محمود عباس مبرر؟ هل تخلى عن ثوابت القضية ووقع على أي من بنود المساس بها؟ هل مارس دوراً في تمرير صفقة القرن من خلال وسطاء كما يفعل غيره؟ هل يعمل ويبذل الجهود من أجل عودة القطاع لحضن الشرعية أم لانضمامه لمحور صفقة القرن؟ أسئلة كثيرة، وغيرها أكثر؛ لن يستطيع أحداً من الكذبة أن يجيب عليها بمنطق، ونراه يذهب بعيداً في سرد لتضليل الناس . والحقيقة أن هناك مَن يعمل في نهج يحاول فيه تثبيت أن غزة ليست جزء من الدولة بل هي الدولة! ويفضل السير والتقدم في إجراءات واتفاقات ما يسمى بالتهدئة على حساب المصالحة، ولملمة التشتت الفلسطيني الداخلي، و تقوية الشرعية الفلسطينية ضد التحديات المفروضة عليها، والضغوطات التي تمارسها مجموعة من الأطراف، ومع كل تعثر يخرج أحداً ما؛ مهاجماً الرئيس غير مكتفياً من نتنياهو وهو يهاجم الرئيس، ولا من ترامب وهو يهدد الرئيس، ولم يكتف من الأيادي الخفية التي تعمل ضد الرئيس ! وكأن العمل الوطني الآن بات مرهوناً بمهاجمة الرئيس !

لا شك بأن التهدئة المطروحة الآن في الأسلوب والطريقة والأفكار، وبحسب ما نستنتجه ستؤدي حتماً إلى حسم موضوع قطاع غزة؛ بحيث سيتم قطع وفك أي تواصل له مع الضفة وبشكل نهائي، ولهذا فإن الجهود السرية والخفية و شبه العلنية تعمل على خطوات؛ أولها بدأ مع ما اتخذته الإدارة الأمريكية من قطع وفك التواصل السياسي للقدس مع الضفة، والخطوة الثانية لقطع وفك التواصل الجغرافي ما بين قطاع غزة والضفة، والخطوة الثالثة المخطط لها هي عملية حشر مناطق و محافظات الضفة الغربية، وإحكام السيطرة الإسرائيلية عليها، من خلال قطع وفك التواصل الديمغرافي؛ بحيث يميل إلى الإسرائيليين في كل منطقة على حِدَة بتركيبة سكانية إسرائيلية، ومستوطنات وثكنات عسكرية وجيش صهيوني ! وبدلاً من أن يقوم الفلسطينيون بتوحيد جهودهم لمواجهة القرارات الأمريكية، والممارسات الإسرائيلية فيما يتعلق بالقدس تناسى قوم منهم القدس، وبدأ بالتفكير في قطاع غزة ! وبدلاً من إعلان الحرب على الأمريكان والإسرائيليين ذهبوا إليهم وأعلنوا الحرب على الرئيس !

الرئيس لم يعطل المصالحة في وقت من الأوقات، ولم يربطها مع صفقة القرن، وهذه الأخيرة ليست من ضمن أجندة الرئيس إلا في إفشالها، واستعمال كلمات جديدة تمويهاً و تضليلاً أمر مكشوف؛ لأن الفرق شاسع بين الحصار والتهدئة، وما يخفيهما الظلام والربط بين الحصار وصفقة القرن غير صحيح؛ لأن المصالحة ستساهم في رفع الحصار، وأما التهدئة فستمرر صفقة القرن، ما لم تكن الشرعية الفلسطينية على رأس أي اتفاقات بمشاركة سياسية يدعو لها الرئيس باستمرار، فالمصالحة تلم الشمل، والتهدئة على صورتها الحقيقة ستشتت الواقع الفلسطيني أكثر، ولهذا فالمصالحة هي المطلب الوطني الآن، وأهم من أي بنود أخرى إلا إذا قرر أحدهم البقاء زعيماً إلى الأبد، وأنا بانتظاره ليخرج مجدداً مهاجماُ الرئيس .

كاتم الصوت : التوازي في التعامل بين الأخوة والأعداء دلالة على أن الأخوة أعداء !!!

كلام في سرك : غزافورة لا تزال حلم كبير و وطن البديل !!!