هل كان أشرف مروان وطنيًا ..أم عميلاً؟ بقلم:د.إبراهيم فؤاد عباس
تاريخ النشر : 2018-08-26
هل كان أشرف مروان وطنيًا ..أم عميلاً؟
د.إبراهيم فؤاد عباس
توفى أشرف مروان في 27/6/2007 ، بعد سقوطه من شرفة شقته الفاخرة في الطابق الخامس التي اشتراها بمبلغ 4,4 مليون جنيه استرليني والواقعة في نفس الشارع الذي كان يقطنه ثلاثة رؤساء وزراء بريطانيين هم : بالمرستون – إيرل جراي- جلادستون، والذي لا يبعد سوى عدة مئات من الأمتار من ميدان البيكاديلي الشهير، ولم يجزم التقرير البريطاني الصادر عن وفاته بشيء، وكتب سايمون باركن تحقيقًا في صحيفة "الجارديان" البريطانية في 27/6/2007 وصف فيه مروان بأنه أخطر جاسوس في القرن العشرين. وسجل في التقرير  تفاصيل كثيرة عن حياة مروان ووفاته. وقال إن الدقائق الأخيرة من حياته اكتفها الغموض، فعدا انه لم يكن هناك شهود، فإنه في صبيحة وفاته، كان أربعة رجال يعملون في إحدى شركات مروان (هم جوزيف ريباسي، عصام شوقي، مايكل بارخورست، وجون روبرتس) يجتمعون في الطابق الثالث من بناية مجاورة (116 شارع بال مول)، في غرفة مواجهة  لشرفة مروان ، وكانوا ينتظرون مقدم رئيسهم للانضمام إليهم، وعندما اتصلوا به يستعجلونه، أكد لهم انه سيكون معهم بعد فترة قصيرة، لكن أحدهم صرخ وهو ينظر عبر النافذة: يا إلهي!.. أشرف مروان يسقط من شرفة منزله !".
ومنذ حادثة وفاة مروان حتى الآن، ظل السؤال المحير مطروحًا: هل كان أشرف مروان وطنيًا أم عميلاً؟
يمكن العثور على إجابة – لكن ليست شافية- على هذا السؤال من خلال ما جاء في تقرير لجنة أجرانات، وفقًا لموقع "المجموعة 73 مؤرخين": "كانت المفاجأة أن رئيس هيئة الأركان دافيد اليعازر قد شهد أمام اللجنة (لجنة أجرانات) أنه لم يثق ولو ليوم واحد في العميل أشرف مروان وأنه كان يشعر دائما أن مروان عميل مزدوج يعمل لحساب مصر غير أن المعلومات التي كان مروان يقدمها لإسرائيل كانت دقيقة حيث لا يمكن لخبير أن يشكك فيها، وبالتالي كان ميزان مصداقية معلومات مروان يجعله دائما خارج دائرة الشك في إسرائيل وعندما سأل رئيس اللجنة القاضي شيمعون أجرانات دافيد إليعازر عن السر وراء عدم إعلانه لشكوكه في حينه إلي رئيسة الوزراء جولدا مائير وجهاز الموساد والاستخبارات الحربية الإسرائيلية وحتي لوزير الدفاع يومها موشيه ديان؟... أكد دافيد اليعازر أنه سبق له التحدث إلي رئيسة الوزراء ولم تهتم، وكانت معلومات أشرف مروان قوية لدرجة أنه تراجع عن الاستمرار في اتهام مروان خشية أن يخسر مصداقية تقديره للأمور كرئيس للأركان... وأكد دافيد إليعازر في جلسات التحقيق معه أمام اللجنة أن أشرف مروان كان مسيطرًا علي عقول ضباط جهاز الموساد الإسرائيلي والاستخبارات الحربية "أمان" بشكل وصفه دادو بالمخيف".
ومؤخرًا قدم كتاب الأكاديمي الإسرائيلي يوري بار جوزيف أستاذ السياسة الدولية في جامعة حيفا "الملاك- الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل"- الصادر في سبتمبر 2017 والذي أنتجته "نتفليكس" فيلمًا-  معلومات إضافية عن قصة حياة أشرف أبو الوفا مروان المثيرة للجدل، لكن من وجهة نظر إسرائيلية، أكد فيها المؤلف أن مروان زود إسرائيل بساعة الصفر التي ستبدأ فيها حرب أكتوبر، وأنه زودها بمعلومة أخرى عن نية مصر ضرب تل أبيب مع بداية العبور بصاروخين لإرباك الجبهة الداخلية، وأن مروان أبلغ القذافي بساعة الصفر (؟).. ويذهب الكتاب إلى أبعد من ذلك بالقول إن مروان أنقذ إسرائيل عدة مرات، وليس فقط في في حرب أكتوبر.
وتجدر الإشارة إلى أن  مروان أتهم من قبل جهات عدة بأنه عميل مزدوج، وانه عمل ليس فقط لحساب المخابرات المصرية والإسرائيلية، وإنما أيضًا تعاون مع الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والإيطالية. ويرى من يميل إلى تخوين مروان بأنه جرت العادة في قصص الاستخبارات المصرية تمجيد الجواسيس المصريين (المزدوجين) الذين يعملون لصالح الوطن من خلال الأفلام والمسلسلات ويتسائلون لماذا لم ينتج فيلمًا أو مسلسلاً لأشرف مروان يوضح دوره في خدمة استخبارات بلاده ؟..
يقول جهاد الخازن في مقاله (عيون وأذان) في 29/9/2015 إن الرئيس السادات أمره بأن يتصل بالإسرائيليين ويزعم لهم انه يريد العمل جاسوسًا لهم. ويقف الخازن متسائلاً أمام الحقيقة المريبة التي تتمثل في سقوط أشرف مروان، والليثي ناصف (1973) القائد الأسبق للحرس الجمهوري، وسعاد حسني (2001) ثلاثتهم بالطريقة نفسها في العاصمة نفسها، يجمع بينهم أن كلا منهم كان يريد أن يكتب مذكراته. ويقول الخازن إن أشرف مروان كتب بالفعل مذكراته لكنها اختفت بعد موته. ويختتم الخازن بالقول إن زوجة أشرف مروان (منى عبد الناصر) قالت لجريدة "الأوبزرفر" البريطانية إن الموساد قتل زوجها.
وفي انتظار فيلم أو مسلسل مصري في مثل مستوى "رأفت الهجان" يرد على الرواية الإسرائيلية حول أشرف مروان "الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل"، تبقى الملاحظة بأن الرئيس مبارك الذي أكد وطنية أشرف مروان بمنحه وسامًا بعد وفاته، سيكون موقفه صعبًا أمام التاريخ فيما لو اتضح أن أشرف مروان كان عميلاً...ويظل السؤال: "هل كان أشرف مروان وطنيًا أم عميلاً؟" معلقًا..