بدون مؤاخذة- حماس والعودة إلى الوراء بقلم:جميل السلحوت
تاريخ النشر : 2018-08-19
بدون مؤاخذة- حماس والعودة إلى الوراء بقلم:جميل السلحوت


جميل السلحوت:
بدون مؤاخذة-حماس والعودة إلى الوراء
بداية يجب التّأكيد على أنّ حصار قطاع غزّة منذ انقلاب حماس في منتصف العام ٢٠٠٧، يعتبر جريمة حرب بحقّ الانسانيّة، فقد تسبّب هذا الحصار الذي تفرضه إسرائيل ويشاركها فيه عرب وعجم في تجويع مئات الآلاف من أبناء الشّعب الفلسطيني في قطاع غزّة، كما أدّى إلى آلاف الوفيات بين الأطفال والمرضى بسبب نقص حليب الأطفال والأدوية، ولم ينج بيت أو شخص في القطاع من ضرر لحق به بسبب هذا الحصار الجائر.
ويجب رفع الصّوت عاليا من أجل انهاء هذا الحصار الذي ما كان ليكون لو كانت هناك عدالة انسانيّة.
ومع ذلك فإنّ حماس التي اختطفت قطاع غزّة عام ٢٠٠٧ لإقامة إمارة إسلاميّة عليه، لا يجد لها أيّ عاقل مبرّرا لانقلابها، فحقوق الوطن والمواطن أكبر بكثير من الصّراع على سلطة تحت الاحتلال، وانهاء الانقسام ضرورة قصوى تمليها حقوق الوطن الذي يعاني الويلات من ممارسات الاحتلال الاجراميّة، ومن المحزن أن ترتبط المصالحة المنشودة برواتب موظفي حماس في قطاع غزّة، مع أنّ السلطة مسؤولة عن رعاياها جميعهم بغضّ النّظر عن انتماءاتهم السّياسيّة، ومن الخطأ قطع أو تقليص رواتب موظّفي السّلطة في قطاع غزّة.
وإمعانا في استمرار الأخطاء المتراكمة فإنّ ما يجري الحديث عنه من مفاوضات بين حماس وإسرائيل ترعاها قطر ومصر للاتّفاق على هدنة تهدئة بين حماس وإسرائيل يصل إلى درجة الخطيئة، فحماس غير مفوّضة من الشّعب الفلسطيني بتوقيع اتفاقات، وإذا ما حصل ذلك فإن فيه التفافا واضحا على منظّمة التحرير الفلسطينيّة، وعلى السّلطة الفلسطينيّة ذراعها في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، وبهذا ستخلق قيادة بديلة تكرّس فصل قطاع غزّة عن الضّفّة الغربيّة، وسيكون ذلك سلاحا بيد نتنياهو وحكومته اليمينيّة المتطرّفة، الذين ردّدوها مرّات "مع من نتفاوض مع رام الله أم مع غزّة؟"، علما أنّهم يتهرّبون من متطلّبات السّلام دون أسباب، ويواصلون تهويد الضّفة الغربيّة وجوهرتها القدس الشّريف.
والالتفاف على منظّمة التّحرير يعني فرض قيادة بديلة على الشّعب الفلسطيني، وشطب أكثر من خمسة عقود ونصف من نضالات شعبنا، سقط خلالها مئات آلاف الشّهداء والأسرى والجرحى، وللتّذكير فإنّ الدّول التي تعترف بمنظمة التّحرير كممثل شرعي ووحيد للشّعب الفلسطينيّ تزيد على المائة وخمسين دولة، وأنّ الدّول التي صوتّت في الجمعيّة العامّة على قبول دولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتّحدة قبل سنوات قليلة بلغت ١٣٨ دولة، فهل سيجري شطب كلّ هذه النّضالات والإنجازات لتبقى سيطرة حماس على قطاع غزّة؟
صحيح أنّ منظّمة التّحرير مطالبة بإصلاحات هامّة ومنها قبول التّنظيمات والأحزاب الفلسطينيّة كحماس والجهاد في عضويّتها، وهذا لا يعني مطلقا التّفريط بالمنظّمة وانجازاتها، كما أنّه لا يشكلّ بديلا عن المصالحة الفلسطينيّة، خصوصا وأنّ القضيّة الفلسطينيّة تمرّ بأخطر مراحلها وتحديدا بعد اعتراف الإدارة الأمريكيّة بالقدس عاصمة لاسرائيل.
ولا يمكن فهم انفراد حماس بقطاع غزّة كلّ هذه السّنوات، ويبدو أنّها بقصد ودون قصد تسير على تنفيذ تصفية القضيّة بإقامة دولة في القطاع تمتدّ إلى سيناء ضمن ما يسمّى "صفقة القرن" في حين ستبقى الضّفة الغربيّة وجوهرتها القدس نهبا للاستيطان والتّوسّع الإسرائيلي، لذا يجب الإسراع في المصالحة، واجراء انتخابات رئاسيّة وتشريعيّة، واحترام إرادة وخيارات الشّعب الفلسطيني، والتّاريخ لن يرحم أحدا.
19-8-2018