حروب غيومية تمهيداً للحرب المائية ..بقلم:مروان صباح
تاريخ النشر : 2018-08-10
حروب غيومية تمهيداً للحرب المائية ..بقلم:مروان صباح


حروب غيومية تمهيداً للحرب المائية ..

مروان صباح / أبداً ، لا نهاية للنهفات ، بالطبع ، بفضل عبقريات أهل المشرق ، بات المشرق مسرح متنقل ، لا يتوقف عن إصدار السخريات واحدة تلو الأخرى ، وهنا بالطبع ، جميع النهفات السابقة في كفة ونهفة الإيرانيين الجديدة بكفة أخرى ، بالفعل دون إنذار مُسبق فاجأ أحد أدميرالات الحرس الثوري العالم ، عندما وضع النقاط على الحروف وقدّم تفسير للأسباب الجفاف الذي يجتاح البلاد ، ويُكمل مسؤول الأسطول الغيومي ، بأن اسرائيل سرقت وتسرق تباعاً الغيوم بهدف حبس الأمطار عن جمهوريته ، إيران الثورة وداعمة المقاومة ، طيب ، إذا كانت اسرائيل سرقت أرض فلسطين والقدس والاقصى ، جميع المسروقات حصلت على الأرض وايران ومليشياتها لم تحرك ساكناً ، اللهم إلا ، بالصراخ والضجيج والشعارات ، فهل يعقل للمواطن الايراني أن يتوقع وفرة قربية في المَاء ، طالما السرقة هذه المرة من السماء ، بل حال الادميرال تماماً كالمتزوج الذي صعد على سطح خزانة الملابس في غرفة النوم ومن فوقها أشبع زوجتَه الملقى على السرير هتافات ، اليوم سيكون الجنس الأكبر الذي سيتحدث عنه البشرية ، وعندما سرقها النعاس واطمئن أنها أخلدت إلى النوم ، تسلل طرازان الخزائن كالحرامي ، وإنضجع بجانبها ، وفي سياق متصل ، ننبه قائد قوات الغيُمومية الإيرانية ، الأخذ الحيطة والحذر ، ربما تقوم قوات السراويل المسروقة الاسرائيلية بسرقة سروالك وانت نائم ، عبر شفاطات هوائية عن بعد ، والله أعلم ، يبدو في هذا الوقت كل شيء ممكن ، طالما يسود في إيران حالة من الغياب الجمعي .

من المؤسف أن يصل التضليل إلى هذه الدرجة ، لكن ، في مراجعة عميقة لأصل البنيويات التى بني عليه التضليل ، يجد المراجع ظاهرة خطيرة في إيران ، ليست جديدة بل عتيقة وتتخمر بعد كل مدة من الزمن ، يقع عليها تعديلات ويضاف لها كثير من الخيالات ، هي الأسطورة ، وقد تكون الصفوف الأول في الحرس الثوري أو في الوظائف المدنية متوغلة بالفساد بنوا أمجادهم وتضخمت جيوبهم على هذه السرديات ، إلا أن ، ما يلفت النظر في الحقيقة تقديم المبررات ، وهذا يعكس عن حجم تسلط الأسطورة داخل الذهنية الجمعية للشعب الايراني ، بغض النظر ، كونها مذهبية أو قومية ، جميعها بُنيت على شخصيات خرافية ، تطورت هذه الهياكل وتحولت إلى صور راسخة، وهذا على الأقل ، يفسر لجوء الساسة أو رجال الدين إلى مثل هذه التحليلات أو التبريرات ، بالطبع ، بعيداً عن جموع كبيرة من الشعب الايراني باتت تتحرك لاسقاط النظام وتبادر في فكفكت واظهار حجم الفساد ، لكن النظام الايراني ، يعتمد على شرائح أُنشئت بين دوائر وعوائل تسيطر الأساطير والخرافات عليهما ، الذي يُمكن النظام من تمرير ما يريده بارتياح ، كما حصل مع أدميرال الأسطول الغيوم ، بل في مراجعة تبسيطية ، لوحظ اثناء تفنيده للاسباب الجفاف ، حالة الوثوق التى يتمتع بها ، وهنا يفتح للمراقب باب ، ينبثق من تشقوقاته نور ضعيف ، لكنه يفسر أسباب غياب المنطق لدي جموع كبيرة ، يبدو وهكذا أظن ، الحركة الإعلامية بجهاتها المختلفة ، محصورة في إعلام النظام ، ليس لأنه بالكفاءة التى تمنع من تسلل الإعلام النقيض ، بل ، لعدم قدرة الأغلبية التحدث اللغة العربية او الأجنبية ، فعدم معرفة لغة اخرى هي التى تحكم على الناس مشاهدة والاستماع لإعلام النظام ، وأي شخص يمتلك لغة غير الفارسية ، يتحول إلى معارض في الداخل أو لاجئ في العالم ، لأن باختصار ، يصبح لديه إمكانية التمييز بين ما يطرح من تضليلات ، تماماً كما حصل في مسألة جفاف الأمطار .

تطل إيران على جبهتين بحريتين ، وتمتلك ما يقارب 40 نهر ، لكنها ، تعاني نقص من الأمطار ، وهذا أمر لم يعد معقد ، بل الجدير بالدول التى تتمتع بمرونة في الانتقال ومواجهة التحديات ، أن تقوم بتحلية مياه البحار واستخدامها في الزراعة والخدمات والإبقاء على مياه الأنهر والسدود للشرب التى تبلغ أكثر من 500 سد ، والحال ، أنه يصعب على دولة مثل إيران ، أن تعطي أولوية لخدمة ورعاية المواطن ، لأن في نهاية المطاف ، النظام قائم على سردية واحدة لا تشاركها سرديات اخري ، آلا وهي ، عسكرة المجتمع ، وهنا للأمانة المهنية ، نجح النظام في احداث تغيرات كبيرة وجذرية في التصنيع والتطوير والتقليد ، لكنه فشل في المجال الاقتصادي والمشاركة في السوق العالمي ، في النهاية ، دولة مثل ايران قائمة ومستمرة على ايرادات النفط وأي حرب ستخوضها في المستقبل ، ستكون أشبه بالانتحار ، وهذا إذ يفسر ، سيفسر عن الغاية الأولى والأخيرة للنظام ، تأمينه من السقوط ، وهذا ايضاً يتيح للمراقب فهم هبات متقطعة للإيرانيين ، لكنها ايضاً مستمرة ، بالفعل ، هناك ضيق في العيش وايضاً ، المجتمع يخزن شعور بالمظلومية ، بل للحقيقة ، هناك شعور لدى الأكثرية ، بأن ايران دولة عدائية .

ولكي يكتمل المشهد للتدخلات الإيرانية في المنطقة العربية على نحو أكثر تظهيراً ، لقد درس المستشرقين المذهب الشيعي الايراني ، على الأخص ، وجد عناصر تكوينه يحمل دمج بين الروح الخطابية العالية في المظلومية المذهبية وايضاً القومية ، وعلى هذين الوترين ، سهل الغرب للإيرانيين ، في إظهار تعتطشهم لتدمير الوطن العربي وسفك دماء أبناءه ، وبهذه الحالة ، وقف الإيراني أمام عجز في المواجهة الفعلية مع الاسرائيلي وتورط في سفك دماء أبناء المنطقة ، لهذا ، الوقوف في نصف الطريق ، جعله يبحث عن حرب مع الغيوم . والسلام
كاتب عربي