الأديب د. وصفي حرب:الشاعر مرآة أمته وهو يعكس حالها إن رقياً أو انحطاطاً
تاريخ النشر : 2018-07-23
الأديب د. وصفي حرب:الشاعر مرآة أمته وهو يعكس حالها إن رقياً أو انحطاطاً


في إطار سلسلة اللقاءات التي أقوم بها بقصد اتاحة الفرصة امام المهتمين بالشان الثقافي والابداعي والكتابة الادبية بشكل عام والذين قد يعانون من ضائلة المعلومات الشخصية عن اصحاب الابداعات الثقافيةعبر انحاء الوطن العربي الكبير،لذلك فان اللقاءات بهم والحوار معهم من اجل اتاحة الفرص امامهم للتعبيرعن ذواتهم ومشوارهم الشخصي في مجال الابداع والكتابة ويتيح للجميع التعرف عليهم من قرب والتواصل معهم مستقبلا
ويأتي هذا اللقاء رقم ( 72 ) ضمن نفس المسار
وفي ما يلي نص الحوار

سؤالنا الأول هو السؤال التقليدي ماذا عن البطاقة الشخصيه للأديب الناقد والشاعر د.وصفي تيلخ؟
اولا ارحب بك عزيزي الاستاذ صابر حجازي..
وصفي حرب تيلخ الرئيس التنفيذي لمجلس الكتاب والادباء والمثقفين العرب ، وهو مجلس يضم مجموعة من خيرة الكتاب والأدباء والمثقفين العرب وله فروع في عدد من الدول العربية ومنها مصر.
د.وصفي تيلخ رجل بسيط فلسطيني المولد اردني الجنسية سوري التعليم مصري التخصص عروبي الهوى والعاطفة.
متزوج ولي من الأبناء ثمانية أولاد وأربع بنات.
متخصص في البلاغة والنقد الادبي وتتلمذت على ايدي اساطين اللغة والادب العربي في عصرنا امثال الاستاذ الدكتور بدوي طبانة والاستاذ الدكتور حسن درويش الجندي والاستاذ الدكتور محمد محمد حسين رحمهم الله وهم جميعا مصريون. ولهم من المحبة والاجلال ما يستحقون.

س: ماهي النصوص الشعرية الأولى …. القراءات الأولى التي ساهمت في تشكيل هويتك الشعرية ؟
كان ذلك أيام كنت في السنة الأولى في كلية اللغة العربية بجامعة دمشق
حيث شغفت بمجمل الشعر الجاهلي لغة واسلوبا وبلاغة وعمق معاني وفروسية شعراء..فأخذت اقلد ذلك الشعر بيني وبين نفسي..اكتب ثم امزق ما كتبت.. وذات مرة نسيت ماكتبته في ورقة وضعتها في كتاب الادب الجاهلي فاستعاره زميل لي وعثر فيه على الورقة فعرضها على استاذنا د.عبد الحفيظ السطلي فأعجب بما كتبت واجبرني على القائها امام طلاب القسم وكنا آنذاك اكثر من الف طالب..ثم اولاني من الاهتمام والنصح والتوجيه ما لا انساه ابدا…وما ان وثقت بنفسي حتى اتخذت لنفسي مسارا خاصا ينبع من شعوري واحساسي دون التأثر بأحد من شعراء العربية.

س: أنت شاعر معروف ولك حضورك في الاعلام العربي بشكل او باخر – فهل من الممكن ان تعرفنا برصيدك الادبي ومشروعاتك المستقبلية ؟
ان دراستي اللغة العربية في جامعة دمشق وهي المعروفة بتشددها في التعليم وصاحبة المقولة المشهورة “لم ينجح أحد” بعثت في نفسي حب البحث والدرس والتأليف كما بعثت مشاعري وموهبتي وحببت الي الشعر الفصيح بلغتنا الصحيحة الرصينة..
لي عدد من المؤلفات والدواوين منها:
كتاب بلاغة الحاتمي ونقدة – دراسة نقدية بلاغية
ابن رشيق القيرواني – دراسة نقدية بلاغية
حسين سرحان ؛ شعره ونثره
ديوان نكث الجراح
ديوان للوطن تهويمة حب
ديوان عرش القمر
ديوان خذيني اليك
وغيرها اضافة الى عشرات المقالات في البلاغة والنقد والادب في عدد من الجرائد والمجلات العربية.
اما مشروعاتي المستقبلية فإنني اعمل عليها منذ زمن وملخصها الوقوف في وجه هذا الارتداد العربي من خلال الكلمة ومن خلال محاولة حفظ ثقافتنا العربية من الانهيار..والمساهمة في ايجاد جيل من الكتاب والادباء يجعل همه الاول الحفاظ على ثقافتنا العربية من ان تلحق بمواقف امتنا السياسية والعسكرية ومعروف للجميع حال امتنا في هذا الزمن المالح ، ومن المعلوم ان ثقافة واداب اية امة من الامم تتبع موقف الامة السياسي والعسكري قوة او ضعفا..
وأنا امارس ذلك من خلال مجلس الكتاب والادباء والمثقفين العرب ومقره في المغرب وشعاره “تطوير الفكر العربي من خلا ل الثقافة بعيدا عن التطرفات السياسية والدينية”..ومن الجدير أن أنوه بمؤسسه اخي وصديقي الشريف الدكتور جهاد ابو محفوظ.

س: ما هي الفكرة المحورية التي تدور حولها نظرتك للشعر ؟
الشعر غذاء الروح ومربي الامم والشعوب إن سما سمت به الأمة وان سقط سقطت معه..وذلك يشمل كافة مواضيعه وجوانبه.

س: كيف تحدد خارطة الشعر العربي اليوم؟
للأسف هذه الخارطة تحتاج الى عدسات مكبرة كي نراها بوضوح..اقول باختصار انني أسمع بعشرات الالوف من الشعراء ولكنني لا اجد من الشعر الا ما ندر..للحقيقة أقول انك لا تجد من الشعراء الشعراء الذين يتقنون فن الشعر لغة وبيانا ووزنا وبلاغة على مستوى الوطن العربي الا العدد القليل…فليس كل من قال بيت شعر اصبح شاعرا… ناهيك عن هذا الكم الهائل من القول بما يسمى “العامية” التي اعد الكتابة بها في الاعمال الادبية اساءة كبرى للغتنا العربية ان لم أقل مؤامرة عليها

س: ما الدور الذي تلعبه القصيدة في هذا الزمن وما هو دور الشاعر الذي يقول شيئا للعالم وللناس؟
ان الشاعر مرآة امته وهو يعكس حالها ان رقيا او انحطاطا..وما اجمل القصيدة الصادقة التي تخاطب العقل والقلب معا فتأخذك بعيدا عن دونيات المادة وسفاسف الآمور لتحلق في فضاء المكارم والشرف والمروءة والعزة والعفة التي تقف في وجه الهدم وتتخذ البناء المادي والمعنوي موقفا لا حياد عنه.
ولا يعني ذلك ان تكون القصيدة جامدة او معجمية الكلمات بل لا بد ان تتمتع بموازين الصحة والجمال أيما كان موضوعها.

س: ما أقرب قصائد شاعرنا الى نفسه؟ مع ذكرها.؟
كل قصائدي قريب الى نفسى اذ ان لكل قصيدة ظرفها ودافعها الموضوعي والعاطفي والنفسي..ولكن سأضع لك ثلاث قصائد علها تعكس جزءا من صورتي الشعرية..
القصيدة الاولى بعنوان “سمراء” فقد تجدني فيها سباقا الى بعض الصور البيانية:

ســــمــــراء …

…………………….شـعـر: د.وصــفي حــرب تيلخ
إنـي بـربـك يا سـمراءُ أعتــصمُ
………………فما عَلِـمتُ شفاه العيـن تـبتسمُ
أشكــو إليـه سـنا عيـنـيك فاتـنتي
………………فـمـا لغيـر بديـع العيـن أحـتـكم
مجامع الحسن والإغراء قد جُعِلت
………………ما بين ثغـرك والعينين تُقتَسَـم
أكــاد أفــقد عـقـــلي أو أشــك بـه
………………فـلسـت أدري أَوَاعٍ أم أنـا وَهِــمُ
ما بين وهمي ووعيي أشتكي ألما
………………وحَـيرَة وصـراعا كيـف ينحَـسِم
ماذا يقول أُولو الألباب إنْ سمعوا
………………بغير ما أَلِفوا في العين أو عَلِمُوا
إن قلّــدُوها جُمان الدُرِّ في حَزَنٍ
………………أو سلّحوها بسـيف لـيس يَـنثَــلِم
فـما عــهدوا بها نُطقا ولا شَفَةً
………………فكيـف تضـحك أحـيانا وتبـتــسم
قــالت أصبتَ ولكن لا تُجادِلُهُم
………………فليس بمثلِ ضَحُوكِ العينٍ يُختَصَم
إن كنتُ أبديتُ من عينيّ مُبتَسَمَا
………………فـما لغــيرِكَ ما أُبدي ومــا أَسِــمُ 1
أهديــتُ عينكَ ما لم أُهدِهِ أحدا
………………من قبلِ هذا وإنْ بالمَيْنِ قد زعموا 2
فـقلــتُ أَهدَيْتِنِي ما لستُ آلَفه
………………لحــظا غريبا وهــمسا كـلّه نَغَــمُ
وبســمةً بعثتْ ما كـان أَثْقَلَهُ
………………عِبْءُ الهموم فجاء اليوم يقتَحِم
قلبا تناسى مع الأيام صَبْوَتَه
………………حتى ظننتُ زمان الحبِّ ينصرم
لكنْ بعينيك سحرٌ يُستطَبُّ به
………………كَــرُّ السنين وقــلبٌ كاد ينحَــطِم
فقد بعثتِ من الأعماق ذاكرة
………………فيها العـواطف بالأيام تصطــدم
قــولي بربِّك هل بُــرءٌ لما أجِدُ
………………وقارٌ وعقلٌ وعشقٌ كيف تنسجِم
إنّـــي أُقِـــرُّ بــما أخفــيه من وَلَعٍ
………………أمام سحرك; إنّ العقــلَ ينـــهزم
وقـــد أتــيتُكِ يا سمــراءُ معــترفا
………………أن الفؤاد بنار الوَجد يضــطّرِم
إنّي أبوحُ وهذا الليل يجمعنا
………………والليل إنْ ترك العشاق يُتَّهَمُ
قلبي أسيرِك يا سمراء من زَمَنٍ
………………فخففي القيدَ إن الوعدَ مُحترم
إذا الأسارى بقيد الأسر قد بَرِمُوا
………………فقد رأيت به العشاقَ ما بَرِمُوا 3
محراب حُسنك يغريني وأعشقه
………………فكيف أنجو وهذا القلب مُستَلَم
خــذي بِيَدي بلا خوفٍ ولا وَجَلٍ
………………ولا تــردُّدَ إنّ الـعمرَ يَنــصَرِم
حــالي وحالــــك والآلامُ شاهـدة
………………كلٌّ يعاني وبالكـــتمان يلتزِم
قلبي وقلبك بالحرمان قد غرقا
………………فـآنَ لنا نعـيمَ الحـبِّ نَســتَهِم 4
بُوْحِي بوجدك علّ الله يرحمنا
………………وعلّ جرح الهوى والعشق يلتئم
بُوحِي بحبك لا تخفي لواعِجَهُ
………………ولتجعلي الليل بالأحلام يزدحم
قالت حنانَك ما أبقيتَ لي هَرَبَا
………………إنْ قلتَ ما قلتَ، عندي مثلُه رُزَم
إنْ طــال ليلُــك أو عُــدّت دقائقه
………………مـعـا دقائِقَ هـذا الليـل نَغتَــنِم
سمراء أنتِ لِحَرِّ الشوق بلسَمُه
………………فلتطفئي حَرَّ قلبٍ نالَه الألـم
يا دوحةَ الحُبِّ والأفنانُ وارِفَة
………………رُوحي لديكِ فلا بَرْدٌ ولا تَهَمُ 5
قد ضاق قلبيَ باستئثارِ أضلُعِه
………………و فَرَّ عنّي دَعاهُ الشوقُ والهَيَم 6
واختار غُصْنا رقيقا كَيْ يُداعِبَه
……………..فيه الحنانُ وفيه الدِّفءُ والنِّعَم
دَنَوتُ منكِ وقد صِرنا بِمَقرُبَة
………………ولحظةُ القُربِ في نفسي لها عِظَم
فاحترتُ فاتنتي من أين أغترف
………………أَوَرْدَ ثغــرِكِ أم عينيـــك ألــتَثِم 7
*********
1. أَسِمُ: ألقي ببصري
2. المين: الكذب
3. برموا: ضاقوا بـه
4. نستهم: نقتسم، كل يأخذ سهما
5. التهم: شدة الحر
6. الهيم: شدة الحب
7. التثم: أقبّل
والثانية بعنوان “سيد الالوان” مستوحاة من مقولة امريكا “لماذا يكرهنا العالم ”

(( سيّــدَ الألوان: عــذراً ))*
من وحي تساؤل أميركا: لمَ يكرهنا العالم؟؟
د.وصفي تيلخ
سيّدَ الألوان عذراً
————— هل يكون اللّون كُفْرا
كلُّ شيءٍ ليس يُبدي
————— منكَ شيئاً صار نُكْرا
كان لَوْني مُستَحبّاً
—————– رائقاً ينساب بِشْرا
هل يجوز الشِّعْر فيه
———– سيّدي… إنْ قلتُ شِعْرا؟!
أيّ لونٍ قد أناجي
—————- تاهتِ الأحْلام فِكْرا
سيّد الألوان إنّي
————- ضِقتُ بالألوان صَدْرا
غيرَ أنّ القول فيكم
—————— جائِزٌ شِعْرا ونَثْرا
لم تكنْ إلاّ جَميلاً
—————- تأسِر الألباب أسْرا
كنتَ يوماً ذا عطاءٍ
———— مثل حُلْوِ الوَرْد عِطرا
ذات يومٍ كنتَ تُغري
—————- تملأُ الآفاق طُهْرا
فغَرِقْنا فيكَ حبّاً
—————— وفُتِنّا فيكَ دَهْرا
سيّد الألوان إسمع:
———— لستُ أخفي عنكَ سِرّا
كان لي بيتٌ صغيرٌ
————— عربيّ اللّونِ وَعْرا
كنتُ في بيتي كريماً
—————- وجناحي كان حُرّا
فجعلتُ البيتَ تِبْعاً
————– أبيضَ الجدران غُرّا
قلت قد يصبح يوماً
————– عاليَ الأبراج قَصْرَا
فَغَدا من غير بابٍ
————— ضيّق الأرجاء قبْرا
يكْتُمُ الأنفاس ضِيقاً
————- يُنهِكُ الأجساد عَصْرا
وشكَوْنا فيه عُرْياً
—————— وهُتِكنا فيه سِتْرا
لم أعُدْ حُرّا طليقاً
—————- لم أعُد أختال فَخْرا
بيتُنا الأبيض أَضْحى
—————– ينشُرُ الآلام نَشْرا
فتساءلْنا بِحُمْقٍ
————— لمَ هذا البيت حَصْرا
ومضَيْنا في حياءٍ
————— نَسْبُر الألوان غَوْرا
وجَهِدْنا فيه بحْثاً
—————— فوجدنا فيه سِرّا
سيّد الألوان وحْشاً
—————– يأخذ الألوان قَهْرا
سامَها ذُلاّ وبطْشاً
—————– راعها نَهياً وأمْرا
فكرِهتُ البيتَ لوْناً
————- وكرهتُ البيتَ خُبْرا
ثُمّ تأتيني شَكاةٌ
————– لِمَ صار الكُرْه جَهْرا
سيّدَ الألوان عفواً
—————- لا نريد الحُلْوَ مُرّا
لا نريد العدلَ ظلماً
—————- لا نريد الخيرَ شَرّا
قد ملأتَ الحيّ رُعباً
————- واستبحتَ الدّار قَسْرا
صرْتَ كالغِرْبان شُؤْماً
———— صرْتَ للأشرار وَكْرا
سيّد الألوان عُذْراً:
—————– لا جزاكَ الله خيْرا
*-الإشارة الى البيت الأبيض
والقصيدة الثالثة بعنوان ” إن عشقتم”
……………إن عشقتم….
………. شعر:د. وصفي حرب تيلخ
إن عشقتم ذات ليلٍ
………….سهرة عند النجوم
أو رغبتم بهــــدوءٍ
………..حالمٍٍ يجلو الهمـــوم
…….. فابعدوا الأقمار عنّا
……. واتبعـــــــــــــــوني
…..لظلام الكون في الصحراء
…. ســــــــــرٌّ كالجنــــون
لسمائي راقبــــــــوها
……….. مرّة من بعــــد مرّة
كعروسٍ من خيـــالٍ
…………. زيَّنتهـــــا ألفُ دُرّة
لا تظنّوا ذلك الكـــــوْ
…………. كبَ أو تلك المجرّة
….. غيرَ أرواحٍ تجلّــــتْ
….. زادها العشق جنون
….. نبضهــا حسٌّ رقيقٌ
…. واشتيـــاقٌ وفتــــون
كلّ نجمٍ في سمائي
…………. ليس نجماً كالنجوم
كلّ نجمٍ كان كأساً
………… لِشَكاةٍ وهمـــــــوم
…… لسماء الليل سحـــرٌ
…… وحديث ذو شجـــون
….. كان همْساً كان دمعاً
……. كان ضرْباً من جنونْ

س: مسألة التزام الشاعر بقضايا الشعب، أين وصلت هذه العلاقة معك؟
تجد في مؤلفاتي ديوانا كاملا بعنوان للوطن تهويمة حب..وفي ذلك اجابة على سؤالك.
اما الالتزام كقضية نقدية فلي فيها وجهة نظر…فان كان المقصود فيها ان لا يتجاهل الشاهر قضايا امته وان يكون فعالا ايجابيا فيها فأنا مع هذا الالتزام..واما ان كان المقصود فيها ذلك المصطلح الذي اوجده الشيوعيون الذي يحرم – تقريباعلى الشعراء ان يكتبوا في غير اهداف ودعاوى حزبهم ويطالبهم بتجاهل كافة المواقف والانفعالات النفسية والوجدانية والعاطفية التي تعتريهم كبشر فأنا لست مع هذا الالتزام…اذ لا ينبغي ان يُقيد الشاعر بموضوع بعينه ولكن من تمام الفضائل ان يعبر الشاعر فيما يعبر عن هموم امته وشعبه وان يشاركها آلامها وآمالها من تلقاء نفسه .

س: هل يمكننا أن نتحدث مع البعض عن “موت الشعر “لصالح النثر كما طرح في مرات عديدة؟
“موت الشعر ” امر لم ولن يكون ابدا..نعم هناك طغيان نثري – مع تحفظي على كثير منه ،اذ ليس كل من كتب سطرا اصبح كاتبا واديبا-
وهذا الطغيان ناتج عن ضعف او عجز كثيرين من مدعي الشعر عن القيام بعمود الشعر على اصوله…ارى كثيرين ممن يصفون انفسهم بالشعراء في حين ان بعضهم لا يستطيع ان ينظم قصيدة شعرية واحدة ملتزمة بعمود الشعر بل ربما لا يستطيع ان يقول بيتا موزونا جميلا واحدا..من هنا يأتي الهروب عن الشعر الى النثر..ولكن دائما وابدا يبقى هناك من لهم باع طويل في فن الشعر.

س : ماذا يمكن أن تقوله شعرا للقارئ ولعشاق كلماتك؟
اقول لكم :
ولــي فـي كـــلّ قافـيــةٍ صـديـــــق
……………..لطـــــــــيفٌ في تـــنــاولـــها رفــيـــق
وصــغــتُ الــشّــعــر فــوّاحا كأنّي
……………..أرشّ الـــــــــوردَ أو عـطـرا أُرِيــق
وزاوَجْــتُ الـمـعـانـيَ مـن شُعُوري
……………..عـواطـفَ صـاغَـهـا قـلـبٌ خَــفــوق
يـشـكّـلهـا فــيـعــرِضُــها زهـــــورا
……………..يـفــوح بـعـطـرهــا فــــنٌّ أنـيــــق
فـتـــنــتــشرُ الـورودُ معــطـَّـــراتٍ
……………..لـهـا فـي كــل ضاحــية طــريــــــق
وهـــذا الشّــعــر كالأنــوار يســري
……………..له في نفس قــارئه عُلــُـــــوق
أديــبٌ فـــي تــنــاولـه المـعـانــي
……………..أصيلٌ في مـشاربه عــريـــــــق
رصيـنٌ فـــــي جــــزالــته جـمــيلٌ
……………..بليــغٌ فـي صِياغـَتـه خَـلـــــوق
شريـفُ الـلــفـظِ لا إسفــافُ فــيـه
……………..ولا إَقــواءُ أو معــــنىً غَليـــــق1
يـسـيـرٌ فـي سـهـولـتـه امـتـنــــاعٌ
……………..يَهـُـــزُّ كأنــــه نــايٌ رشيــــــق

بــريــق الـمــال يُــبْـهِـرُهُـم وإنّـي
……………..لَيُبْهِرُني مِنَ الحسنِ العَقيـــــق

فــأَرْفِــقْ يـا صـديـقُ ولا تَـلُـمْـني
……………..فإنّ الشّـعرَ في دمّـــي غَريــق

فـإن صــار القَـريـض غـريـبَ دارٍ
……………..فإنّي للقـريـضِ أخٌ شقيـــــــق
***
1- غليــق: غامض.

س:- أنت عضو في العديد من المنتديات الثقافية والادبية ولك موقع خاص باسمك- فهل استطاعت الشبكة العنكبوتية تقديم الانتشار والتواصل المستهذف بما تاسست من اجلة وصنع علاقة بين الاديب والمتلقي ؟
لا شك ان للشبكة العنكبوتية أثرا كبيرا وواسعا في الانتشار نين المنشئ والمتلقي…ولكن يقابل ذلك سلبيات لا يستهان بها منها ضياع كثير من الحقوق بفعل انتشار السرقات الادبية.

س : ما نوع الدعم الذي يحتاجه المبدع؟
يحتاج المبدع الى ثلاثة أشياء، الاول؛ الناقد الحق الذي ينظر الى العمل الادبي بعينيه الاثنتين فيقف على مواضع الحسن كما يقف على مواضع التقصير، الناقد الناصح المتلطف الذي لا يجعل همه تصيد الاخطاء والتشهير بصاحبها.
الثاني ؛ المبدع الواسع الصدر الذي يريد ان يطور نفسه فلا يضيق ذرعا بالنقد .
الثالث؛ وسيلة اعلام تتيح له الاشتباك مع الجمهور والتفاعل معه

س: كيف يمكن أن نعيد للقراءة الأدبية ألقها القديم؟ والتاثير الذى كان للكتابات الادبية في طليعة الشعوب العربية الذي كان سائدا؟
يكون لك بانتاج اعمال ادبية راقية تفرض نفسها على القراء.. راقية بفنها واسلوبها واهدافها واخلاقها..هذا من جهة
ومن جهة اخرى بتضافر جهود كل ذي شأن وكل غيور على هذه الامة من اجل العمل على رفعتها ووضعها المكانة اللائقة بها بين الامم فالوهن داء ان دب في امة اوهن كل مناحي الحياة فيها بما في ذلك الادب والثقافة.

س:- في نهاية هذا الحوار الذى افتخر جدا باجرائه مع سيادتكم، ماهي كلمتكم الاخيرة في ختامه – ولمن تواجهها ؟
هنا اتوجه بدعوة صادقة مخلصة الى كل من يداعب القلم والفكر ان يولوا لغتهم كل الاهتمام ..فانه من العار على الكاتب او الاديب او الشاعر ان نجد عنده اخطاء في اللغة او النحو او الإملاء…وليكونوا على ثقة ان هذه الاخطاء تذهب بجمال الموضوع..
ثم ادعوهم جميعا الى الوقوف في خندق الدفاع عن الامة وعن ثقافتها وادابها ومنع تدهورهما تبعا لحال الامة العام ان لم يكن بالامكان الارتقاء بهما.
وختاما فانه لا يسعني الا ان اتقدم لكم صديقي الاعلامي اللامع الاستاذ الاديب المصري صابر حجازي بخالص الشكر والتحية على هذا اللقاء الممتع متمنيا لكم مزيدا من التألق والنجاح.

————
الكاتب والشاعر والقاص المصري صابر حجازي
– ينشر إنتاجه منذ عام 1983 في العديد من الجرائد والمجلاّت والمواقع العربيّة
– اذيعت قصائدة ولقاءتة في شبكة الاذاعة المصرية
– نشرت اعماله في معظم الدوريات الادبية في العالم العربي
– ترجمت بعض قصائده الي الانجليزية والفرنسية
– حصل علي العديد من الجوائز والاوسمه في الشعر والكتابة الادبية
–عمل العديد من اللقاءات وألاحاديث الصحفية ونشرت في الصحف والمواقع والمنتديات المتخصصة