أرضي ليست ثوباً بقلم:يوسف حمدان
تاريخ النشر : 2018-07-11
أرضي ليست ثَوْباً ألبِسُهُ
يَصغُرُ عن جَسَدي
أو يَبْلى فأبَدِّلُهُ
ليست مُلْكا يُهدى
أرفضُهُ أو أقبلُهُ
هي حَبلُ وريدي
ومُحَرّكُ نبضاتِ القَلبِ
هي دارٌ دافئةٌ
تتفتحُ فيها أزهارُ الحُبِ
هي تحملُني وأنا أحمِلُها أبداً
في البُعد وفي القُربِ
هي نورٌ لا يخبو
يتبَعُني ويُضيءُ على دَرْبي
بِيَديْها رسَمت لوني بمزيجٍ
من لون التربةِ والقَمحِ
هي بهجةُ كل جَمالٍ يتألقُ
بين الساحِلِ والسَفحِ
تُطعمُني جُبنَ الماعزِ والزعترِ
والعُقبةَ من كعكِ الحُلبَةِ
أو رُطَبَ البلَحِ
حين تضيقُ الدُنيا من حَولي
تستَقْبِلُني بحنانٍ
وتُغَمِّدني بالحبِ وبالفَرَحِ.
***
أرضي أُمّي
تدفعُ عنّي
كلَ صُنوفِ الهَمِّ
حتى حين أكونُ بعيداً عنها
أتأَمَّلُها شبراً شبراً
في الحُلمِ
حين أحنُّ إليها
أشتمُّ شذا تُربتِها
أتَلَمَّسُ كلَّ حَناياها ودَواخِلها
في لحمي
هي تعرفُ كلَ تفاصيلي..
تعرفُ نبرات غِنائي وبُكائي
تعرفُ ضحكاتي ومواويلي
تُغمضُ عَيْنَيْها وتَراني
تَحْمِلُني أبداً
في الحِضنِ من الرَحْمِ
لن تقبلَ أن تتبنّى أحداً
لا يعرفُ لهجَتَها
لن تتبنّى أحداً
حاول أن يسلِبَها مِنّي
أرضي تعرفُ أوتارَ لِساني
وفصيلةَ دمّي..
أرضي أمّي
هي تعرفُ أنَّكَ قد تسلِبها
ردحاً من دهرِ
خُذْ منها ما شِئتَ
ولا ترمي السُمَّ الكيماوي
في التربةِ أو في ماءِ النهرِ
لا تسرقْ رملَ الشَطِّ
وأن شِئتَ اشربْ ماءَ البحرِ
قد تدري أو لا تدري
هي من علَّمَني فنَّ الصَبرِ
هي تدري وأنا أدري
أني سَأعودُ ألَيْها..
سَأعودُ إلَيْها
فوقَ رَوابيها
أو بينَ الحُفَرِ
وسَتبقى أمّي أبَدَ الدَهْرِ.
يوسف حمدان - نيويورك