" الأردوغانية" ، زعامة أم ديكتاتورية ؟..بقلم:حمدان العربي
تاريخ النشر : 2018-07-11
" الأردوغانية" ، زعامة أم ديكتاتورية ؟..بقلم:حمدان العربي


الحقبة التي تعيش فيها الدولة التركية ، في عهد زعامة الرئيس رجب طيب أردوغان ، لا يختلف فيها اثنين بأنها من أهم الفترات تميزا التي مرت بها تركيا عبر عصور تواجدها...
حتى أن البعض يرى في هذه الفترة (أي الفترة الأردوغانية) ، امتداد للعصر السلطاني بزعامة سلاطين "أل عثمان" ، التي خضعت له تركيا وجعل منها إمبراطورية مخالبها وصلت إلى ما وراء الأرض و البحر...
حتى أن هناك من يرى أن تركيا رُزقت من جديد بسليمان القانوني ،المتمثل في شخصية أردوغان ، الذي سيعيدها مرة أخرى إلى ألمع العصور التي مرت بها الأمة التركية وجعلها في مقدمة المراتب من حيث بناء مؤسسات الدولة داخليا ، جغرافيا و تاريخيا...
وأهم انجاز حققه أرودغان هو لجم شهية العسكر في الحكم وإدخالهم بيت الطاعة لتصبح المؤسسة العسكرية لا تختلف عن باقي مؤسسات الدولة وليست المؤسسة الوصية على الدولة...
وهذه مهمة بحد ذاتها ليست بالهينة أو سهلة وانجازها ليس متاح للجميع لجعل مؤسسة عسكرية "تغولت" وتوغلت في مفاصل الدولة حتى أصبحت ترى في وجودها هو وجود الدولة نفسها ، لتصبح حبيسة الثكنات أو السجون...
و لا يعني أن هؤلاء العسكر راضون على ما فعل بهم أردوغان وتفريط بهكذا سهولة في تلك الامتيازات الضخمة التي كانت بحوزتهم تحت غطاء حماية علمانية الأتاتوركية ، التي ورثوها عن مصطفى كمال أتاتورك وكانوا بها وتحت غطاءها يعينون الرؤوساء و يعدموهم عند الضرورة ، كما حصل لعدنان مندريس...
وكاد رجب طيب أردوغان أن يحصل له نفس ما حصل لمندريس ، لو كتب للمحاولة الانقلابية الأخيرة النجاح. رغم أن هذه المحاولة كان لها جانب ايجابي استغلها أردوغان أحسن استغلال لتصفية جذرية داخل المؤسسة وتقليم أظافرها التي طالت أكثر من اللازم...
لكن من جانب آخر، هناك من يرى أن هذه الحقبة التي دشنها طيب رجب أردوغان ، هي تأسيس لديكتاتورية لا فرق بينها و بين ديكتاتورية العسكر ، الفرق الوحيد هو في لون اللباس...
مستندين في ذلك إلى سعي أردوغان الحثيثة لبسط قبضته على جميع مفاصل الدولة وجعل منه المرجعية الوحيدة لتسيير أمور الدولة...
وهذا النمط من الحكم يُبنى دائما على فردية القرار يُزكى في الغالب من مؤسسات خاضعة للسلطة الأمر الواقع لا دور لها سوى التصفيق لقرارات الزعيم الأوحد وتزيين له الواجهة ليصبح يرى في نفسه الملهم و المنقذ وبدونه لا وجود للدولة أصلا...
وفي هذه البيئة تنشأ الطفيليات والتزلف لتُغيب عن رأس السلطة الرؤية الحقيقة وتصبح حاجز بينه وبين أفراد شعبه .عكس دولة المؤسسات ، كل مؤسسة لها دورها الدستوري...
كمثال البنيان الشاهق متعدد الركائز ، لا يتخلل بتهدم ركيزة منها. عكس بنيان بركيزة وحيدة .وهكذا يكون الفرق بين دول مبنية على مؤسسات و أخرى على الزعامات الفردية...
ويبقى السؤال مطروح عن ظاهرة "الأردوغانية" ، هل هي في الصنف الأول أو الصنف المقابل. وفي كلتا الحالتين تبقى ظاهرة استثنائية تستحق الاهتمام...

بلقسام حمدان العربي الإدريسي
11.07.2018