هل طلبوا منك أن تكذب علينا يا ميلادنيوف بقلم رأفت عسليه
تاريخ النشر : 2018-07-11
هل طلبوا منك ان تكذب علينا  يا ميلادنيوف
بقلم / رأفت عسليه
في تغريده عبر حسابه الرسمي في "فيسبوك" قال منسق الأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ملادينوف إنه عقد اجتماعات مثمرة في القاهرة مع قيادات من حركتي فتح , وحماس حول كيفية دعم جهود المصالحة الفلسطينية , وانهاء الانقسام الفلسطيني.
موضحا أن الاجتماعات تركزت حول دعم جهود المصالحة التي تقودها مصر من أجل إعادة الحكومة الفلسطينية إلى غزة، مشيراً إلى أن المشاورات تناولت منع التصعيد والتخفيف من معاناة المواطنين في القطاع والعمل على رسم حل سياسي.
السيد ميدلانوف الذي يبدي اهتماما كبيرا على ما يبدو بالانقسام الفلسطيني المدمر ,  على ما يبدو انه طلب منه أن يبث روح الأمل من جديد في قلوب الناس , وأن يبيع لهم وهم المنقسمين وكذبهم الذين مل الشعب منه , وأصبح الشعب يكذبهم ولو صدقوا , وهذا ناجم عن عدم مصداقية طرفي الانقسام في ما كانوا ينشرونه , ويطرحونه للرأي العام  الفلسطيني من أخبار ومعلومات متناقضة , وهذا ما اوجد حالة الاحباط المزمنة في نفوس الشعب الفلسطيني المتعطش لإنهاء الانقسام , وإعادة اللحمة بين شطرى  الوطن.
لم يمض على تصريح وتفاؤل ميلادنيوف ساعات حتى طل  القيادي حركة وفتح ومسؤول وفدها في حوارات القاهرة عزام الاحمد ليطلق رصاصة الرحمة على ما تحمله الناس من تفاؤول والاستبشار خيرا يما يدور في القاهرة كما بشرهم به المسؤول الأممي , فقد اكد الاحمد عبر لقاءه مع تلفزيون فلسطين ان المصالحة لن تتم ولن تتقدم دون ان تتخلى حركة حماس عن حكمها في غزة , وبعض من التصريحات الاعتيادية لهذا الرجل , حماس هي الاخرى لم يرق لها ان تمر تصريحات عزام الاحمد دون رد , فكان الرد على لسان موسى ابومرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس , حيث خاطب الاحمد بنوع من السخرية , واكد ان حماس لن تقبل بأي شرط للجلوس مع فتح وانهاء الانقسام.
إذن ميلادينوف كان مخطئا في وضع نفسه بهذا الزاوية العفنة , وعليه ان يعي بأن لا لمصالحة فلسطينية دون تخلي طرفي الانقسام عن أهدافهم الفئوية الضيقة التي لا تخدم الا مصالح متنفذين في الحركتين ,وان المصالحة لن تتم ولن يكتب لها التقدم ولو خطوة واحد الى الامام  , لأن من الضروري ان ينظر طرفي الانقسام بجدية لما يعصف بغزة , نتيجة عزم الحكومة الاسرائيلية تشديد الحصار على غزة , وفرض حصار جديد يزيد من الخناق على المواطنين في القطاع المليئ بالازمات.
المصالحة الوطنية ليست بالأمر الصعب, أو أنها بحاجة لمعجزة من اجل انجازها , فلن تكون أصعب من وجود الاحتلال جاثما على قلب غزة , قبل ان يرحل عنها عام 2005 , بفعل الإرادة الفلسطينية الحقيقة بالتحرر والخلاص من الاحتلال , والمصالحة الوطنية بحاجة لقرارات جادة ومسؤولة تضع بين نصب عينيها المخاطر المحدقة والمؤامرة على شعبنا الفلسطيني لتصفية قضيته والقبول بالاستسلام المهين الذي تطرحه الولايات المتحدة الأمريكية , لما يسمى بصفقة القرن.
والرسالة للسيد ميلادينوف بأن ينقل هذه المخاطر إلى أصحاب القرار في الحركتين , والى كافة الفصائل الفلسطينية لكي تكون موحدة في مواجهة هذه المؤامرة التي باعتقادي أنها ستأتي بنتائج كارثية للقضية الوطنية , أيضا لابد الإشارة إلى ما تعرضه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطيين من تقليصات في خدماتها وواجباتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين هو محط اهتمام للمجتمع الفلسطيني , وعلى السيد ميلادينوف التركيز على هذه القضية كونه يستطيع إيصال الرسائل للعالم بأن الوضع الفلسطيني لا يحتمل المزيد من الضغط , وهذا قد يولد انفجارا لا تحمد عقباه , وقد يكون الجميع في فوهة البركان إذا خرجت الامور عن السيطرة , فالاهتمام بهذه القضية أولى للمسؤوليين الدوليين من المصالحة التي تعتبر شئنا فلسطينيا داخليا.
باعتقادي أن الأمور تتجه الى الاسوء من  كل النواحي , لا سيما في ظل انسداد الافق السياسي وان حوارات القاهرة ستكون ليست الا حلقة من مسلسل الوعود الزائفة للشعب الفلسطيني, ناهيك عن احكام الحصار على قطاع غزة على مرأى الدول العربية واحرار العالم دون ان يحرك احد ساكنا وكأن العالم اجمع اتفق في الغرف المظلمة على تمرير صفقة القرن بأي شكل كان .