الإصلاح ، بالمفهوم العربي..بقلم:حمدان العربي
تاريخ النشر : 2018-07-10
الإصلاح ، بالمفهوم العربي..بقلم:حمدان العربي


أين وليت وجهك للأقطار العربية المترامية الحدود تسمع ترديد عبارة و مصطلح "الإصلاح". وكل مسؤول شغله الشاغل التكلم عن إسراع الإصلاح في قطاعه...
لكن كل هؤلاء المسؤولين في مختلف هذه الأقطار قاسمهم المشترك في الوصول للإصلاح المنشود هو زيادة في الأسعار ورفع الدعم عن المواد الاستهلاكية والخدماتية الأساسية أو ما تبقى لها من الدعم...
بمعنى ، لا سبيل أمام هؤلاء المسؤولين لتطبيق إصلاحاتهم إلا اختصار الطريق عن طريق مسح ما تبقى في جيوب مواطنيهم وإرسالهم خطوات إضافية إلى ما وراء خطوط السفلى للفقر...
عندما تسمع مسؤول يبشر مواطنيه أن عما قريب سيرفع عنه الدعم في مجال الطاقة وهي بأسعارها الحالية الكثير من فئات المجتمع عاجزة عن دفع تكلفة الكهرباء والغاز وأصبحت ، أو قاربت ، مرتباتهم الشهرية ...
ثم يليه مسؤول آخر يبشره بنفس الحماس أن الدعم عن الخبز سيختفي عما قريب وقبل أن يلتفت تأتيه بشرى من مسؤول في قطاع آخر يُبشره بإصلاح مماثل مرتقب...
وإذا قلنا رفع الدعم عن الطاقة ،فقط كمثال ، يعني الرفع الدعم عن سلسلة طويلة وعريضة لا نهاية لها من المواد الأساسية والخدماتية المرتبطة مباشرة بالطاقة التي لا يستغنى عنها المواطن لكي يبقى شبه حي، بداية من مادة الخبز ، الخط الأخير ما قبل الموت جوعا ، مرورا بالمواصلات وثمن المياه ،الخ...
الغريب في الأمر ، الكثير من المسؤولين في هذه الأقطار العربية و أثناء تقديم حجهم لتمرير مشاريعهم في رفع الدعم ورفع الأسعار لا يعطون حلول بديلة أو أسباب تقنية وجيهة، لكنهم يعطون مقارنة بدول أخرى...
من بين هذه المقارنة المُشاعة ، أن أسعار تلك المواد أو الخدمات المراد رفعها أرخص بكثير من الأسعار الموجودة بدولة أخرى، غالبا ما تكون تلك الدولة المشار إليها في صنف الدول المتقدمة ،التي لا يمكن المقارنة معها في جميع الميادين..
لكن، الجانب الذي يتجنب هؤلاء المسؤولين الخوض فيه أو التطرق إليه أثناء تقديم حججهم هو جانب التسيير في الموارد المتاحة لكل قطاع ...
قسم كبير من تلك الموارد تذهب سدى بدون مردود ناتج عن سوء التسيير وإهدار المال العام عن قصد أو بدون قصد، لا داعي للخوض في هذا الجانب كثيرا ، لأن معناه يعرفه الجميع...
أيضا ، تلك الوعود المسكنة التي تُعطى مع كل عملية زيادة الأسعار ورفع الدعم بأن الطبقة المحرومة سيدعم تدعيمها مباشرة ، لا أعرف أن كان شيئا من هذا تحقق أو سيتحقق على أرض الواقع ...
كمثال مقولة أحد زعماء العرب الذي كان يرددها دائما بأنه لا يسعى إلى إفقار الأغنياء وإنما اغناء الفقراء . ولا يعرف كيف يتم تحويل رياضيا متراجحة متنافرة الأطراف إلى معادلة متساوية الطرفين...
الإصلاح الحقيقي هو إعادة تقييم حقيقي لتوزيع الثروة على حسب الكفاءة و المردودية ، لا حسب الألقاب و النفوذ...
كمثال دول ، اليابان على سبيل المثال ، أستاذ أجنبي منتدب أكتشف أن راتبه أعلى من راتب رئيس الوزراء، ظن في البداية أن هناك خطأ حسابي حصل...
وعندما راجع المصالح المعنية أوضحوا له أن ليس هناك أي خطأ وأن راتبه أعلى من مرتب رئيس وزراء لأن مردوديته كأستاذ أعلى من مردودية رئيس الوزراء وحاشيته ...
أو مثال ألمانيا ، مرتبات الأساتذة هي الأعلى ، لأن عندهم لا يمكن أن يتساوى المعلم مع المتعلم. وهذه هي عملية الإصلاح الحقيقية والمستديمة...
بالمختصر المفيد ، الإصلاح له مفهوم واحد و بشكل عام تحسين وضع قائم أو تعديل خطأ وارد أو فشل حاصل . لكن الإصلاح لا يعني، بأي حال من الأحوال، إصلاح خطأ بارتكاب أخطاء يصبح الخطأ الأول أرحم. أيضا ،لا يمكن لمسؤول فشل في تسيير قطاعه أن يكون هو نفسه من يبشر بالإصلاح ...


بلقسام حمدان العربي الإدريسي
09.07.2018