آفاق الهدنة بين "حماس" و"إسرائيل" ومخاطرها  بقلم:عماد أبو رحمة
تاريخ النشر : 2018-07-05
آفاق الهدنة بين "حماس" و"إسرائيل" ومخاطرها  بقلم:عماد أبو رحمة


 آفاق الهدنة بين "حماس" و"إسرائيل" ومخاطرها
عماد أبو رحمة

تقدير إستراتيجي
(أصدرت لجنة السياسات في مركز مسارات هذه الورقة من إعداد: د. عماد أبو رحمة).


مقدمة

منذ انطلاق "مسيرة العودة" في 30/3/2018، تكثَّفتْ الدولية الرامية إلى منع انهيار قطاع غزة، والحيلولة دون تفجّر مواجهة مسلحة شاملة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتواترت الأنباء عن قرب التوصل إلى اتفاق هدنة بين حركة حماس وإسرائيل.

نُقِل عن مصادر ديبلوماسية غربية بأن كلًا من "حماس" و"إسرائيل" تدرسان مسودات عدة لاتفاق هدنة، قدمها بشكل منفرد كل من مصر وقطر، وأن ثمة "تقدم ملموس" في الاتصالات غير المباشرة بين الطرفين بشأن الهدنة ورفع الحصار.

رابط مباشر للقراءة

وزعمت تلك المصادر بأن حكومة بنيامين نتنياهو تخلت عن شرطها السابق بنزع سلاح "حماس"، واكتفت بالإفراج عن جنودها الأسرى، ووقف حفر الأنفاق الهجومية، ومنع أي هجمات على إسرائيل من قطاع غزة، مقابل تسهيلات واسعة على المعابر[1]، علمًا بأنه لم يثبت حتى الآن أن حكومة إسرائيل غيّرت فعلًا موقفها السابق فيما يتعلق بسلاح "حماس".

وكَشَفَتْ عن وجود توافق دولي متعدد الأطراف بشأن قطاع غزة، يشمل الإدارة الأميركية والأمم المتحدة ودولًا عربية وغربية، يقوم على فصل الإنساني عن السياسي، ويسمح بتنفيذ مشاريع إنسانية حيوية في قطاع غزة خلال الأشهر القادمة.

نُسِبَ إلى مسؤولين في "حماس" قولهم إنّ الحركة وافقت على "فصل الإنساني عن السياسي"، وتعهدت، عبر دول عربية، بالحفاظ على الهدنة، ومنع شن هجمات من داخل قطاع غزة على أهداف إسرائيلية.[2]

تُعنى هذه الورقة بفحص فرص التوصل إلى اتفاق هدنة بين "حماس" وإسرائيل، وتبيان مخاطرها، وذلك من خلال وصف السياق الذي أوصل قطاع غزة إلى حافة الانهيار، وتحليل مواقف الأطراف ذات العلاقة ("حماس" والسلطة الفلسطينية وإسرائيل ومصر والإدارة الأميركية)، وصولًا إلى طرح السيناريوهات المحتملة بشأن الهدنة، وتقديم الاقتراحات.

 

السياق الذي أوصل قطاع غزة إلى حافة الانهيار

بعد فوز "حماس" في الانتخابات التشريعية الثانية العام 2006، وتشكيلها للحكومة العاشرة، فَرَضَتْ إسرائيلُ حصارًا مشددًا على قطاع غزة، وعُزِلَتْ الحكومة وقوطعت دوليًا لرفضها تلبية شروط "اللجنة الرباعية الدولية" (الاعتراف بإسرائيل، وبالاتفاقات الموقعة، و"نبذ الإرهاب"). وكانت الحكومة مطالبة بمواجهة هذه التحديات وتحمل أعباء الجهاز البيروقراطي الضخم الذي ورثته بخزينة فارغة، إذ بلغت نسبة الرواتب والأجور 75% من موازنة العام 2006.[3]

كما بدأ صراع مبكر على الصلاحيات بين مؤسستي الرئاسة والحكومة، وكانت بوادره مجموعة من القوانين أقرّها المجلس التشريعي المنتهية ولايته بهدف توسيع صلاحيات الرئيس، بالإضافة إلى جملة من التعيينات والترقيات بقرار من رئيس السلطة، اعتبرتها "حماس" بمنزلة سحب لصلاحيات الحكومة ومحاولة لإفشالها، وقامت بإلغائها في أول جلسة للمجلس المنتخب، واتخذت قرارات بتعيين موظفين من أنصارها، وإجراءات أخرى موازية لتعزيز صلاحيات حكومتها.[4]

تواصل صراع الصلاحيات بين الطرفين، وتمحور حول التعيينات والترقية، وتبعية الأجهزة الأمنية والهيئات العامة، مما أدى إلى زيادة حدة الاستقطاب، وتفاقمت حالة الفوضى والفلتان الأمني، واندلاع اشتباكات مسلحة بينهما في غزة.

في هذا السياق، وقع الانقسام السياسي والجغرافي أواسط حزيران 2007، وكان على "حماس" وحدها تحمل مسؤوليات الحكم بعد سيطرتها المنفردة على قطاع غزة بالقوة المسلحة، في ظل تشديد الحصار والعزلة الدولية التي فُرضت عليها.

لجأت الحركة إلى امتدادها التاريخي (حركة الإخوان المسلمين) من أجل الخروج من عزلتها، وترتب على ذلك حملة دولية واسعة لكسر الحصار، تضمنت قوافل بشرية، ومساعدات، وحملة إعلامية، وتحركًا دوليًا حقوقيًا وقانونيًا. وانطلق هذا التحرك من فكرة أن المستهدف هو "المشروع الإسلامي"، وبالتالي أصبح هدف كسر الحصار تثبيت "الحكومة الإسلامية" في غزة.[5]

ولكن هذه الجهود، على أهميتها، لم تنجح في كسر الحصار، بل ازدادت عزلة الحركة بعد سقوط حكم "الإخوان" في مصر، وتمزّق "ثورات الربيع العربي" في حروب أهلية وطائفية، واتُهِمت "حماس" بالتدخل في الشأن المصري ودعم الجماعات الإرهابية في سيناء، وأغلَقَت السلطات المصرية معبر رفح، ونفذ الجيش حملة لإغلاق الأنفاق ومنع التهريب.

في هذه الأجواء، اتجهت "حماس" نحو المصالحة، ووقعت "اتفاق الشاطئ" في 23/4/2014، وكُلِّفَ رامي الحمد الله برئاسة "حكومة التوافق الوطني" بمهمات محددة: التحضير للانتخابات خلال ستة شهور، والعمل على رفع الحصار وإعادة الإعمار.

على الرغم من أن "حماس" قبلت عدم مشاركة ممثلين عنها في الحكومة، وتغاضت عن تكليف الرئيس للحكومة بناء على برنامجه، إلا أن حكومة نتنياهو أدانت الاتفاق، وادّعت بأن "حماس" تنظيم "إرهابي" ملتزم بتدمير إسرائيل، وخيّرت السلطة بين مفاوضات التسوية والمصالحة مع "حماس".[6]

وأعقبت إسرائيل ذلك بشن حرب عدوانية على غزة في 8/7/2014، أحدثت دمارًا هائلًا وخسائر فادحة في الأرواح. ومما فاقم الصعوبات أمام "حماس"، أن "اتفاق التهدئة" الذي تم التوصل إليه برعاية مصرية لم يتضمن رفع الحصار، أو ضمانات بإعادة الإعمار، وبالتالي جعلَ إسرائيلَ الطرفَ المتحكمَ في مصير قطاع غزة.[7]

كما أحبطت حكومة نتنياهو جهود الوساطة الدولية، التي بذلت من قطر ومسؤولين دوليين وأوروبيين، بهدف التوصل إلى اتفاق هدنة طويلة الأمد، يقوم على موافقة إسرائيل على رفع الحصار، وبناء ميناء بحري في غزة، مقابل التزام "حماس" بمنع أي هجمات على إسرائيل، غير أن إسرائيل أصرّت على معادلة "هدوء مقابل هدوء".[8]

كذلك فشل رهان "حماس" على تركيا، التي تنازلت عن طلبها رفع الحصار وإنشاء ميناء بحري في غزة، كشرط لقبولها توقيع اتفاق عودة العلاقات مع إسرائيل - التي تضررت بشكل كبير بعد هجوم البحرية الإسرائيلية على سفينة مرمرة التركية في أيار 2010 – ووُقِّعَ الاتفاق في حزيران 2016، وكان أقصى ما حصلت عليه تركيا موافقة إسرائيلية على إقامة مشاريع إنسانية في غزة، والسماح بتدفق البضائع التركية ما دام الهدوء مستمرًا.[9]

إزاء ذلك، اتجهت "حماس" للانفتاح على مصر بعد انتخاب قيادتها الجديدة مطلع العام 2017، وزار وفد برئاسة إسماعيل هنية، رئيس مكتبها السياسي الجديد، القاهرة يوم 23/1/2017، بعد قطيعة دامت ثلاث سنوات، وأعلن هنية عن "صفحة جديدة" في العلاقات بين الطرفين، وأن "حماس" لن تتدخل في الشأن المصري، ولن يكون لها علاقة بما يجري في سيناء.[10]

وتوصلت الحركة إلى تفاهمات مع محمد دحلان، القيادي المفصول من حركة "فتح"، برعاية مصر، بهدف التخفيف من وطأة الأوضاع الإنسانية في غزة.

كما استجابت "حماس" لجهود الوساطة المصرية، ووافقت على حل اللجنة الإدارية، ووقعت "اتفاق القاهرة" في 12/10/2017، وقبلت بتسليم المعابر والوزارات والجباية لحكومة التوافق، في مقابل التزام الحكومة بدفع سلف للموظفين الذين عينتهم إلى حين انتهاء اللجنة الإدارية التي شكلت بغرض تسوية أوضاعهم من عملها.

واستهدفت "حماس" من وراء ذلك إلقاء عبء المسؤولية على حكومة التوافق، وتجنب انفجار الأوضاع في غزة، خاصة بعد اتخاذ الرئيس محمود عباس إجراءات عقابية ضد غزة.

ولكن المصالحة تعثرت ووصلت إلى طريق مسدود، لأن حكومة التوافق لم تلتزم بدفع السلف للموظفين، وربطت ذلك بإجراءات "تمكين الحكومة". وفي المقابل تلكأت "حماس" في تسليم الوزارات، ورفضت تسليم الجباية والقضاء وسلطة الأراضي، وظلت تتصرف على أنها السلطة الحاكمة لغزة، وأصرت على الاحتفاظ بالقرار الأمني وعدم المساس بسلاحها.

وبعد حادث تفجير موكب رئيس الحكومة رامي الحمد الله، تصاعدت حدة الخلافات بين الطرفين، وتبادلا الاتهامات بالمسؤولية عن محاولة الاغتيال، وعن فشل المصالحة، وأعلن الرئيس عباس نيته فرض المزيد من الإجراءات العقابية[11]، وشدد بذلك الخناق على الحركة، التي باتت تتخوف من تفجر الأوضاع في وجهها.

في هذه الأجواء، أطلق ناشطون شباب الدعوة لاعتصامات على المناطق الحدودية، تحت مسمى "مسيرة العودة الكبرى" في 30/3/2018، وتلقفت"حماس" الدعوة باعتبارها "طوق نجاة"، ووسيلة لتحويل الانفجار المحتمل نحو الاحتلال.[12] وفي ظل الدعم الواسع للمسيرة من القوى والمؤسسات والفعاليات الشعبية والمجتمعية، تم التوافق على تشكيل إطار قيادي للمسيرة تحت مسمى "الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار".

انطلقت "مسيرات العودة" كما كان مخططًا لها في الثلاثين من آذار، واستمرت وحافظت على زخمها في قطاع غزة، بالرغم من المجازر والقتل الوحشي للمتظاهرين العزل من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.[13] ومن النتائج المباشرة للمسيرة أنها طرحت القضية الفلسطينية وحق العودة بقوة على أجندة المجتمع الدولي، ونجحت في تركيز الاهتمام على النتائج الكارثية للحصار المفروض على غزة منذ العام 2006، وفرضت تدخل أطراف إقليمية ودولية، طرحت مبادرات وأفكار بهدف منع انهيار قطاع غزة والحيلولة دون تفجر أوضاعه.

          

مواقف الأطراف الرئيسية

موقف "حماس"

وضعت "مسيرة العودة" الإقليم أمام تحديات إستراتيجية، استدعت تدخلًا دوليًّا كثيفًا لمنع انهيار القطاع وانفجاره. ونتيجة لذلك تعززت مكانة "حماس" كلاعب رئيسي لا يمكن تجاوزه في كل ما يتعلق بشؤون غزة، باعتبارها صاحبة الدور والتأثير الرئيسي على مجريات الأوضاع هناك.

ويشير سلوك "حماس" إلى أنها سعت أساسًا، ومنذ البداية، لتوظيف المسيرة سياسيًا من أجل كسر الحصار، وظهر ذلك في تسمية "الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار". واتضح أكثر في تصريحات مسؤولي الحركة ورئيس مكتبها السياسي، الذي أعلن بوضوح بعد أحداث يوم 14 أيار الدامي أن "هدف مسيرة العودة كسر الحصار"، وأنها لن تتوقف إلا بتحقيق هذا الهدف.[14]

على هذا الأساس، انفتحت الحركة على جميع الأفكار والمبادرات المطروحة، وتعاطت بمرونة عالية مع الوساطة المصرية، ووافقت على منع اقتحام المتظاهرين للسياج الفاصل من أجل تقليص الخسائر البشرية. كما تعاونت مع الجهود التي يبذلها الوسيط الأممي نيكولاي ملادينوف، الذي أكد بأن "حماس" مستعدة وناضجة لمقاربات واقعية.

ولكن قيادة الحركة كانت على دراية بأن هدف التدخلات الإقليمية والدولية هو منع المواجهة العسكرية مع إسرائيل، وأن غالبية الحلول المطروحة تركز على الجانب الإنساني للمشكلة، ولا توفر ضمانات لحلول طويلة المدى، لا تبقي إسرائيل الطرف المتحكم في المعادلة.[15]

لذلك، من المتوقع أن تواصل قيادات الحركة التأكيد على موقفها المعلن برفض الموافقة على وقف "مسيرة العودة" مقابل ترتيبات أو حلول جزئية، تدفع فيها "حماس" ثمنًا سياسيًا لا تستطيع تحمل تبعاته، دون أن يعني ذلك عدم تعاطيها أو تعطيلها لأية إجراءات دولية لتحسين الأوضاع المعيشية لسكان القطاع، باعتبار أن ذلك يصب في مجرى كسر الحصار.

ومن المرجح أن تسعى "حماس" للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد، الخيار المفضل لديها في حال استمرار انسداد أفق المصالحة، تحقق من خلالها هدف الاحتفاظ بسلطتها في غزة، من دون أن تضطر لدفع ثمن الاعتراف بإسرائيل، لأنها تستطيع تبرير الهدنة وطنيًا على أنها "حل مرحلي" في سياق معركة التحرير.

ولكن هذا الخيار يصطدم بالعديد من العقبات، في مقدمتها رفض إسرائيل لفكرة الهدنة طويلة الأمد، واشتراطها تلبية "حماس" لشروط الرباعية الدولية، وربطها تقديم التسهيلات لقطاع غزة بحل مشكلة جنودها المحتجزين لدى الحركة، ووقف تطوير القدرات العسكرية، بما في ذلك الأنفاق الهجومية، وكذلك بموقف الإدارة الأميركية من "حماس"، وسعيها لإنهاء حكمها لقطاع غزة وعزلها، تمهيدًا لتمرير "صفقة القرن"، بالإضافة إلى عدم تفضيل مصر لهذا الخيار.

ولهذا، من المتوقع أن تلجأ الحركة إلى بدائل أخرى، إلى جانب "مسيرة العودة"، للضغط على الجانب الإسرائيلي لتقديم تنازلات، من نوع تسيير سفن لكسر الحصار من غزة، أو محاولة نقل المسيرة إلى مناطق أخرى، خاصة الضفة الغربية، أو مواصلة إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، والتصعيد العسكري المحسوب، على غرار التصعيد الذي جرى في الشهر الماضي، بحيث لا تدفع الأمور نحو مواجهة عسكرية شاملة لا تفضلها الحركة في هذه المرحلة.

ولكن خيار التصعيد العسكري المحسوب محفوف بالمخاطر، لأن رغبة الطرفين في تجنب المواجهة الشاملة، لا تضمن قدرتهما على التحكم بقواعد اللعبة ومنع الانفجار في كل المرات، خاصة في حال وقوع خسائر بشرية.

أما فيما يتعلق بالمصالحة، فالأرجح أن تتجاوب الحركة مع جهود الوساطة المصرية، في حال تجددها، ولكنها ستسعى لتوظيف "مسيرة العودة"، التي جعلتها تشعر بأنها باتت أكثر قوة، من أجل تجاوز فكرة "التمكين"، ورفع العقوبات المفروضة على غزة من قبل السلطة.

 

موقف إسرائيل

شكلت "مسيرة العودة" تحديًا إستراتيجيًّا لإسرائيل، فَرَضَ عليها التعاطي مع الضغوط والمبادرات الدولية، لأنها لا تحبذ خوض حرب جديدة في غزة نظرًا لتكلفتها الباهظة، ولأن أولويتها في هذه المرحلة مواجهة التمدد الإيراني في سوريا.

كما أن إسرائيل لا تريد لقطاع غزة أن ينهار، في ظل عدم وجود بديل عن سلطة "حماس"، قادر على ضبط الأوضاع والمحافظة على اتفاق التهدئة في العام 2014.[16]

ومن هذا المنطلق، تبنى معظم الوزراء في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابنيت)، قبل انطلاق "مسيرة العودة"، فكرة إقامة ميناء في غزة، أو ميناء يخدم غزة على غرار مشروع يسرائيل كاتس، وزير المواصلات، بإقامة جزيرة اصطناعية قبالة شاطئ غزة، لأنها تحرر إسرائيل من المسؤولية عن مصير السكان في غزة، وتمنع قيام شعب فلسطيني موحد. ولكن نتنياهو عرقل أي مداولات حول هذا الموضوع، ورفض توصيات القيادة الأمنية حول مصلحة إسرائيل في التوصل إلى تسوية مع غزة.[17]

وبعد انطلاق مسيرة العودة، تزايدت الأصوات التي تدعو إلى التعامل مع غزة ككيان منفصل ذي استقلالية شكلية وزائفة. ومن أبرز هذه الأصوات غيورا أيلاند، الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي، الذي دعا إلى اتباع سياسة مستقلة تجاه غزة، تقوم على الاعتراف بدولة غزة، وأن "حماس" الآن هي الحاكم الشرعي.[18]

كما دعا كوبي ميخائيل، الرئيس السابق لشعبة الأبحاث الفلسطينية بوزارة الشؤون الإستراتيجية، إلى استغلال ضعف "حماس"، ودفعها للقبول بهدنة طويلة الأمد، ولكن بشرط أن يتم ذلك بمعزل عن قيادة السلطة، وأن تبقى غزة "كيانًا مردوعًا".[19]

ونُقِل عن مسؤول كبير في الجيش قوله: إن الفترة الحالية هي فرصة جيدة للتوصل إلى تفاهمات مع "حماس"، تمتد لسنوات عدة، لأن البديل هو المواجهة، في حين أن التهديد الأكبر في الشمال.[20]

برزت خلافات عميقة بين أفغيدور ليبرمان، وزير الحرب، والقيادة العليا لأركان الجيش، حول كيفية التعامل مع غزة، إذ صرح ليبرمان بأن تحسين الأوضاع في غزة لن يحسن الوضع الأمني ويوقف "أعمال الشغب"، وأن الهدنة لعشر سنوات لن تخدم إلا "حماس"، التي ستستغلها لمراكمة القوة، وأضاف "من دون حل مسألة أسرى الحرب المفقودين لن يكون هناك شيء".[21]

وصرح نتنياهو، بعد لقائه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن حكومته تدرس مقترحات مختلفة لمنع انهيار الأوضاع الإنسانية في غزة.[22] أما كاتس فأعلن أنه سيطرح خطته، ببناء جزيرة صناعية قبالة شاطئ غزة، للنقاش في اجتماع المجلس الوزاري المصغر.

ولكن اجتماع المجلس الوزاري المصغر، الذي عقد يوم 11/6/2018 لمناقشة المبادرات التي قدمت بشأن غزة، لم يحسم هذا الجدل، إذ حُذِفَ مشروع كاتس من جدول الأعمال، وناقش المجلس مقترحات ملادينوف، ولكنه لم يتخذ أي قرارات، وربط تنفيذ أي مشاريع إنسانية أو اقتصادية، على المدى المتوسط أو البعيد، بعودة الجنود الأسرى كشرط أساسي.[23] وبذلك أبقى الأمور مفتوحة على احتمالات عدة، بما في ذلك المواجهة العسكرية الشاملة، التي لا ترغب إسرائيل بالانزلاق لها في هذه المرحلة.

من المرجح أن تواصل الحكومة تمسكها بشرط إعادة الجنود الأسرى، بغرض المناورة وكسب الوقت وابتزاز "حماس" ومنع تحقيقها لمكاسب جوهرية في هذه المرحلة، مع السماح بتقديم بعض التسهيلات لتخفيف، وليس إيجاد حلول لمشكلات غزة، ومنع تفجرها. وفي هذا الإطار قد تسمح لجهات دولية بتقديم مساعدات إنسانية للسكان، عبر الأمم المتحدة، أو من خلال جسم إقليمي دولي، تماشيًا مع خطة ترامب.

والأرجح أنها ستتبع سياسة تقليص الخسائر البشرية في صفوف المتظاهرين الفلسطينيين، تجنبًا للمزيد من ردود الفعل والإدانات الدولية، وحتى لا يكون ذلك سببًا لموجة تصعيد جديدة.

ومن المتوقع أن تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي سياستها القائمة على الردع، وأن ترد على أي عملية تنفذها فصائل المقاومة ضد أهداف إسرائيلية، ولكن بشكل محسوب، وبما لا يؤدي إلى اندلاع مواجهة شاملة.

ومع ذلك، ينبغي عدم استبعاد احتمال المواجهة الشاملة بالكامل، والذي زادت احتمالاته في الآونة الأخيرة، لأن أحد الخيارات المطروحة من قبل قيادة أركان الجيش الإسرائيلي، هو خيار الإخضاع، من خلال عملية عسكرية سريعة وواسعة النطاق على غزة، تُرغِم "حماس" على قبول هدنة بالشروط الإسرائيلية، لا تحقق لها أي مكاسب.

 

موقف المنظمة/السلطة الفلسطينية

يقوم موقف قيادة المنظمة/السلطة على اعتبار سيطرة "حماس" على غزة "انقلابًا"، وأن سلطتها في غزة هي سلطة أمر واقع غير شرعية. ومع ذلك، فإن حاجتها لمد سلطتها لقطاع غزة جعلها مضطرة لتوقيع اتفاقات للمصالحة تقوم على دخول "حماس" إلى المنظمة، وتشارك الطرفين في السلطة. ولكنها رهنت تنفيذ الاتفاقات بمخاوفها من هيمنة "حماس" على المنظمة والسلطة، أو تقييد قدرتها على التحكم في توجهها السياسي، إلى جانب خشيتها من المقاطعة الدولية.  

من هذا المنطلق، رفضت السلطة الجهود التي بذلت لأجل التوصل إلى هدنة طويلة الأمد بعد حرب 2014 على غزة، واعتبرتها بمنزلة "مؤامرة" لفصل القطاع عن الضفة وتدمير المشروع الوطني، وعارضت انفتاح مصر على "حماس"، ورعايتها لتفاهماتها مع دحلان.

فرضت السلطة إجراءات عقابية على غزة لإجبار "حماس" على تسليم الحكم لحكومة التوافق، ونظرت إلى جهود المصالحة المصرية بكونها عملية "تمكين" لحكومة التوافق لمد سيطرتها على غزة، و"استعادة حق" أُخِذَ منها بصورة غير شرعية، وليس من منظور الشراكة الوطنية الشاملة.

وتعاملت بارتياب مع "مسيرة العودة"، لأن من شأنها أن تقوي "حماس"، بحيث لا تكون مضطرة للتخلي عن حكمها لقطاع غزة، تحت ضغط الإجراءات العقابية التي اتخذتها، إلا أنها غضت النظر عن مشاركة "فتح" الرمزية في المسيرة، حتى لا تظهر وكأنها خارج حالة الإجماع الوطني.

هناك تخوفات من عدم تجاوب السلطة مع طلب ملادينوف لعقد لقاء ثلاثي، فلسطيني مصري إسرائيلي، لمناقشة الأزمة الإنسانية في غزة. وذكر موقع "كان" العبري بأن السلطة عبرت عن امتعاضها من مؤشرات التوصل إلى هدنة مع "حماس"، وأبلغت إسرائيل رفضها للتسهيلات التي تقدمها مصر وإسرائيل لـ"حماس"، لأنها تقوي حكم "حماس" في غزة. [24]

وواصلت السلطة فرض الإجراءات العقابية على غزة، حتى بعد المجازر التي ارتكبت بحق المعتصمين في مخيمات العودة، ولم تفكر باتخاذ أية إجراءات لتعزيز صمود سكان غزة، بل لجأت أجهزتها الأمنية إلى قمع اعتصام نظم في رام الله طالب برفع العقوبات عن غزة، ولكن ردود الفعل المحلية والدولية دفعتها للسماح بتنظيم الاعتصامات.

من المرجح أن يتواصل موقف السلطة الرافض لأي جهود تستهدف التوصل إلى حلول لمشكلات غزة عبر تفاهمات مع "حماس"، وبالقفز عن السلطة، باعتبار أن ذلك يكرس انفصال غزة عن الضفة، ويطيل أمد سيطرة "حماس" المنفردة على قطاع غزة، ويفتح الطريق أمام البدء بتنفيذ خطة ترامب تحت شعار "غزة أولا".

ولكنها قد تجد نفسها مضطرة للتجاوب مع الجهود الدولية الهادفة إلى تحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، وكذلك تخفيف العقوبات، تحت ضغط المطالبات الدولية والمصرية، وكذلك الداخلية، خاصة بعد التظاهرات التي خرجت في مدن الضفة للمطالبة برفع العقوبات عن غزة، وتخوفها من اتساع نطاقها وخروجها عن سيطرتها.

الأرجح أن تبدي السلطة مرونة أكثر تجاه جهود المصالحة المصرية، في حال تجددها المحتمل، بهدف قطع الطريق على أية حلول لا تكون هي طرفًا فيها، وقد تكرس انفصال قطاع غزة.

موقف مصر

تتعامل مصر مع قطاع غزة باعتباره كيانًا سياسيًا يخضع لسيطرة جماعة مسلحة، هي امتداد لجماعة "الإخوان المسلمين" التي تناصبها العداء، وتعتبرها "جماعة إرهابية"، وسبق أن اتهمتها بدعم الجماعات الإرهابية في مصر.

ولكن مصر، تخشى من أن يؤدي انهيار سلطة "حماس"، في ظل غياب بدائل قادرة على تعبئة فراغ السلطة، إلى حدوث فراغ أمني، يخلق بيئة حاضنة لنشاط الجماعات الإرهابية في سيناء؛ لذلك فضلت إعادة العلاقة مع قيادة "حماس" الجديدة، لأن بقاء غزة تحت سيطرة جماعة تعتبرها معادية، ولكنها منضبطة وعقلانية، يمثل خيارًا أفضل من الفوضى والفراغ الأمني.[25]

تركزت المحادثات التي أجرتها قيادة "حماس" مع المخابرات المصرية خلال زيارات متتالية إلى القاهرة على الملف الأمني. واستهدفت مصر التوصل إلى تفاهمات مع "حماس"، تضمنت ترتيبات لضبط الحدود مع غزة، وإقامة منطقة عازلة، ومنع التهريب والتسلل عبر الأنفاق، وأبدت "حماس" حرصًا شديدًا في تنفيذ التزاماتها.

أثمرت جهود الوساطة المصرية في توقيع اتفاق القاهرة في تشرين الأول 2017. واستهدفت مصر منه منع تدهور الأوضاع الإنسانية، وتغيير الوضع القائم للحكم في قطاع غزة، واستعادة دورها الإقليمي المتراجع، وتعزيز مكانتها ضمن الترتيبات الإقليمية الجديدة.

بعد انطلاق "مسيرة العودة"، تخوفت مصر من تطور الأحداث باتجاه مواجهة مسلحة، لذلك مارست ضغوطًا على "حماس" لمنع اجتياز المتظاهرين السلك الفاصل، مقابل فتح معبر رفح وتسهيلات تجارية. كما توسطت لوقف التصعيد العسكري بين قوى المقاومة وإسرائيل، وطلبت من إسرائيل اتخاذ إجراءات لتخفيف الحصار، وضغطت على قيادة السلطة لرفع العقوبات عن غزة، ولعبت دورًا رئيسيًا في الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حلول للوضع في قطاع غزة، وقدمت مبادرتها الخاصة بهذا الصدد.

وبحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، تقوم المبادرة المصرية على استئناف عملية المصالحة بين "فتح" و"حماس"، وتوسيع دور السلطة في القطاع، وتسوية قضية سلاح "حماس"، والمبادرة إلى تسهيلات اقتصادية لمعالجة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.[26]

يشير ذلك إلى أن مصر لا تدعم فكرة التوصل لتفاهمات طويلة الأمد مع "حماس"، بمعزل عن السلطة والرئيس عباس، لأن من شأن ذلك تكريس شرعية "حماس" وحكمها لقطاع غزة لسنوات طويلة، في حين إن خيارها المفضل، الذي توخت تحقيقه من خلال رعايتها لاتفاق المصالحة، هو عودة حكومة الوفاق إلى قطاع غزة، أو ترتيبات شراكة في الحكم، وبما يضمن احتواء "حماس"  وتقليص نفوذها.

يؤكد ذلك استضافة مصر لاجتماع أمني سياسي لممثلين عن مصر والأردن والسلطة، في 30/5/2018، تناول الأوضاع السياسية والميدانية في غزة، بالإضافة إلى ما نشر عن نية مصر استضافة اجتماع آخر يضم ممثلين عن مصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل والأمم المتحدة.[27]

الأرجح أن مصر ستواصل فتح معبر رفح وتقديم التسهيلات لقطاع غزة خلال المرحلة القادمة، وستستمر في ممارسة الضغط على "حماس" لمنع اجتياز السلك الفاصل، ووقف إطلاق الصواريخ، وذلك بهدف منع مواجهة عسكرية في غزة. ومن المتوقع أيضًا أن تواصل ضغطها على السلطة لرفع العقوبات، تمهيدًا لاستكمال مسار المصالحة في المرحلة القادمة، باعتبار ذلك الخيار المفضل لديها.

الموقف الأميركي

ينطلق تحليل موقف الإدارة الأميركية من محددين: الأول، موقف إدارة ترامب من حركة "حماس"، والثاني منظور الخطة الأميركية للتسوية (صفقة القرن).

فيما يتعلق بالمحدد الأول، فإن إدارة ترامب تصنف حركة "حماس" حركة "إرهابية"، وهذا ما عبر عنه ترامب في خطابه أمام القمة العربية الإسلامية بالرياض، في 21/5/2017. كما أدرجت الخزانة الأميركية رئيس المكتب السياسي للحركة في "قائمة الإرهاب"في كانون الثاني 2018، ليصل بذلك عدد قياديي الحركة المدرجين على القائمة إلى ثمانية.[28]

ومن جهة أخرى، فإن إدارة ترامب لا تنظر لـ"حماس" كشريك محتمل في تنفيذ خطتها للتسوية، لذلك طلبت من عباس مدّ سيطرة حكومته لغزة، بهدف عزل "حماس" ونزع سلاحها، باعتبار ذلك جزءًا من متطلبات تمرير "صفقة القرن".

ويؤكد ذلك مطالبة جيسون غرينبلات، مبعوث ترامب لعملية السلام، "حماسَ" بإعادة قطاع غزة إلى سيطرة السلطة الفلسطينية، وذلك في كلمته أمام مؤتمر واشنطن الذي دعت الإدارة الأميركية لعقده في آذار 2018، بهدف "البحث في حلول عملية لمشكلات قطاع غزة".[29]

لذلك، من المستبعد أن تدعم الإدارة الأميركية أية تفاهمات طويلة الأمد مع "حماس" بشأن قطاع غزة، والأرجح أنها ستستمر في سياساتها الرامية إلى وقف "مسيرة العودة"، من خلال البحث عن حلول إنسانية لمشكلات غزة، بمعزل عن "حماس" والسلطة، بهدف توفير ظروف مواتية لتمرير "صفقة القرن". ويبدو أن هذا أحد أهداف الجولة الأخيرة لجيراد كوشنير، مستشار ترامب، وغرينبلات.

السيناريوهات المحتملة

السيناريو الأول: استمرار الوضع الراهن

يقوم هذا السيناريو على فرضية فشل الجهود والمبادرات التي تستهدف إيجاد حلول للكارثة الإنسانية في قطاع غزة، بمعنى استمرار الحصار، ومواصلة السلطة فرض إجراءاتها العقابية، واستمرار الاعتصامات على الشريط الفاصل، مع ما يرافقها من فعاليات، مثل استمرار إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة وجولات التصعيد العسكري.

يمكن وصف هذا السيناريو بالكارثي، لأنه قد يؤدي إلى انهيار قطاع غزة، أو تفجر مواجهة مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي، باعتباره المسؤول الرئيسي عن الحصار الذي أوصل غزة إلى حافة الهاوية.

لا يمثل هذا السيناريو خيارًا مرغوبًا من قبل أي طرف من الأطراف: فإسرائيل ليست معنية، في هذه الظروف، بخوض معركة في غزة، رغم تأكيد قيادة الجيش على جاهزيته في حال اندلاعها، لأنها تدرك بأن تكلفتها ستكون عالية، علاوة على أن أولويتها في هذه المرحلة تتمثل في مواجهة المشروع الإيراني.

كما أن "حماس" لا ترغب في استدراج إسرائيل لحرب جديدة، لأنها تدرك - من تجربتها - نتائجها الوخيمة على غزة، وتأخذ تهديدات قيادات الجيش الإسرائيلي على محمل الجد، وتقدر بأن حجم الدمار والاستهداف لبنيتها سيكون أكبر من الحروب السابقة. كما أنها تدرك بأن التحولات الجارية في المنطقة لا تصب في مصلحتها، ولا توفر لها الدعم الذي كان متوفرًا عندما اندلعت حرب 2014.

مصر هي الأخرى لا تفضل حربًا جديدة على حدودها، قد تخلف فوضى وفراغًا أمنيًا يوفر بيئة حاضنة للجماعات الإرهابية، وكذلك الإدارة الأميركية لا تريد مواجهة عسكرية، لأنها معنية بتهيئة المناخات لطرح "صفقة القرن" في أقرب وقت.

من المحتمل أيضًا أن تضطر السلطة لتخفيف العقوبات عن غزة، استجابة للضغوط المحلية والإقليمية والدولية التي تمارس عليها، لذلك، من المرجح أن تعمل جميع الأطراف على تغيير الوضع الراهن في قطاع غزة، ولكن وفقًا لأجنداتها المختلفة.


السيناريو الثاني: هدنة طويلة الأمد

يفترض هذا السيناريو توصل "حماس" وإسرائيل إلى اتفاق هدنة طويلة المدى، عبر وسطاء، ودون أن يعني ذلك الاعتراف المتبادل بين الطرفين، بحيث ترفع إسرائيل الحصار المفروض على قطاع غزة، مقابل حل مشكلة الجنود الأسرى، وتعهد "حماس" بمنع الهجمات ضد إسرائيل، ووقف تطوير الأسلحة أو تهريبها، والتخلي عن الأنفاق الهجومية.

يحقق هذا السيناريو لـ"حماس" هدفها في الاحتفاظ بحكم غزة، والتفرغ لفرض أجندتها الاجتماعية على سكانه، ويظهر الحركة وكأنها حققت "إنجازًا" برفع الحصار عن غزة، من دون أن تدفع ثمن الاعتراف بإسرائيل، أو التنازل عن أراضٍ فلسطينية.

في المقابل، يحقق اتفاق الهدنة لإسرائيل أمرين: الأول، أن "حماس" ستتولى مهمة منع التنظيمات المسلحة من تنفيذ هجمات ضدها من قطاع غزة، وهذا يتيح لجيشها تركيز اهتمامه على الجبهة الشمالية. والثاني، أن الاتفاق يحقق لإسرائيل هدفها بفصل القطاع عن الضفة، ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة، وتوجيه طاقتها كاملة لاستكمال مخططها الاستيطاني والتهويدي لابتلاع الضفة والقدس. كما أن الاتفاق يخرج "حماس"، بما تمتلكه من إمكانات، من معادلة الصراع مع الاحتلال، لأنه من المرجح ألا يكون التزامها بالهدنة مقتصرًا على غزة.

يعترض تنفيذ هذا السيناريو عقبات عدة، أولها رفض المستوى السياسي في إسرائيل للهدنة طويلة الأمد، وقناعة وزير حربها بأن الردع العسكري يكفي للتعامل مع غزة، وأن الهدنة طويلة الأمد لن تخدم سوى "حماس".

كما أن الإدارة الأميركية لا تدعم التوصل إلى ترتيبات دائمة مع "حماس" في الظرف الراهن، لأن خطتها لتسوية الصراع ما زالت تقوم على تولي حكومة التوافق للسلطة في غزة، بحيث تكون مركز "الدولة" الفلسطينية المنوي إقامتها. ولكن هذا الموقف قد يتغير مع استمرار رفض السلطة لـ"صفقة القرن" وتعطيلها لتنفيذها.

والأرجح أن تعارض مصر هذا الخيار، لأنها تخشى من تولي جماعة دينية تعتبرها معادية لها حكم كيان سياسي على حدودها، وتفضل عودة حكومة التوافق إلى غزة. ويضاف إلى ذلك موقف السلطة الذي يرفض القفز عنها لصالح ترتيبات تسهل تنفيذ خطة ترامب، وإمكانية اتخاذها خطوات محددة لعرقلة هذه الترتيبات.

بناء على ما سبق، يبدو أن فرص تحقق هذا السيناريو محدودة في الظرف الراهن، ولكنها ليست مستحيلة، لأنه الخيار المفضل لدى "حماس" في حال فشل المصالحة. كما أن قيادة أركان الاحتلال تفضل التوصل إلى ترتيبات طويلة الأمد مع "حماس"، تتضمن وقف إطلاق نار طويل الأمد، وتحديد سقف التسلح في غزة، مقابل تخفيف الحصار بشكل كبير.

أخيرًا، الهدنة طويلة الأمد لا تعدّ خيارًا مفضلًا لمصلحة الشعب الفلسطيني، لأنه يكرس انفصال قطاع غزة، وقد يمهد الطريق لتمرير "صفقة القرن"، وبالتالي يحمل مخاطر جدية على مستقبل المشروع الوطني.

السيناريو الثالث: الحل الإنساني

يقوم هذا السيناريو على التوصل إلى ترتيبات لتخفيف الحصار، وليس إنهائه، عبر آلية تشرف عليها الأمم المتحدة، أو جسم دولي وإقليمي، بمعزل عن "حماس". ويشمل ذلك فتح معبر رفح، وتطوير معبر بيت حانون، ودخول عمال غزيين إلى إسرائيل، وإقامة مشاريع للمياه والكهرباء والبنية التحتية، وغيرها من التسهيلات، مقابل الالتزام بالتهدئة وفق معادلة "هدوء مقابل هدوء"، أو "هدوء مقابل تسهيلات".

تكمن مشكلة هذا السيناريو في حصر مشكلات غزة ببعدها الإنساني، أي مشكلات سكان يواجهون ضائقة معيشية، ويتجاوز الجوهر السياسي للمشكلة، بوصفها مشكلة شعب يخضع للاحتلال والحصار والتجزئة، ويحرم من ممارسة حقوقه الأساسية، وبالتالي، فإنه يوفر ترتيبات لحلول جزئية وآنية لمشكلات القطاع، ويكرس انفصاله عن الضفة، ويبقي إسرائيل الطرف المتحكم بمصير هذه الترتيبات.

ومع ذلك، فإن هذا السيناريو يحظى بدعم كبير من قبل الأمم المتحدة، ويلقى تشجيعًا أوروبيًا.

من المرجح ألّا تعطّل "حماس" هذا الحل، مع أنه ليس خيارها المفضل. وفي هذه الحالة تستطيع تسويقه كونه "إنجازًا لمسيرة العودة وللمقاومة"، وخطوة على طريق كسر الحصار.

ومن المرجح أيضًا أن تدعمه مصر، لأن لها مصلحة في منع انهيار غزة، وأنه يبقي هامش المناورة لديها متاحًا لاستكمال جهود المصالحة بين "فتح" و"حماس"، كونه لا يوفر حلولًا دائمة لمشكلات غزة.

ومن المتوقع أن لا تبدي السلطة معارضة علنية لهذا المشروع، رغم أنها ما زالت ترفض التعاون، وتنظر لأي تسهيلات لغزة على أنها تقوية لـ"حماس".

سيواجه تنفيذ هذا السيناريو عقبة رئيسية تتمثل بموقف الحكومة الإسرائيلية، الذي يربط تنفيذ أي مشاريع إنسانية أو اقتصادية، على المدى المتوسط والبعيد، بعودة الجنود المحتجزين لدى "حماس" والالتزام بالتهدئة.

يبقى هذا السيناريو هو الأقرب للتحقق، ربما بشكل جزئي، لأن قرار"الكابنيت" الإسرائيلي لا يتضمن رفضًا للمشاريع الإنسانية الطارئة، ولأن قيادة أركان الاحتلال تفضّل تقديم تسهيلات لغزة. كما أن إمكانية التوصل لصيغة اتفاق لتبادل الأسرى تظل دومًا قائمة.

أخيرا، يمكن القول إن هذا السيناريو يعد أقل ضررًا من الخيارين السابقين، ولكنه ليس الخيار الأفضل لمصلحة الفلسطينيين، لأنه لا يوفر حلولًا دائمة، ويحصر مشكلات غزة في بعدها الإنساني والمعيشي، ويتغاضى عن جوهرها السياسي.

 

السيناريو الرابع: المصالحة

يتحقق هذا السيناريو عن طريق استكمال جهود الوساطة المصرية بين حركتي "فتح" و"حماس"، ونجاحها في تذليل العقبات التي حالت دون تنفيذ اتفاق القاهرة الذي وقعه الطرفان العام 2017.

تتمثل العقبات التي تواجه هذا الخيار في كون الاتفاق نفسه اتفاقًا جزئيًا، يقوم على فكرة "التمكين"، بمعنى مدّ سلطة حكومة التوافق إلى غزة، مقابل وعود بحل مشكلة رواتب موظفي حكومة "حماس" ورفع العقوبات عن غزة، وليس اتفاق رزمة شاملة يتضمن البرنامج السياسي وأسس الشراكة الكاملة. لذلك، فهو اتفاق غير قابل للتنفيذ، كما بينت التجربة، لأن كل طرف تعامل مع الاتفاق من منظور اعتباراته الخاصة، وليس انطلاقًا من المصلحة العامة والشراكة الوطنية؛ ذلك أن "حماس" توخت إلقاء عبء المسؤولية على حكومة التوافق، ومنع انفجار القطاع تحت ضغط الحصار والعقوبات، ولكنها أصرت على التمسك بسيطرتها الأمنية وعدم المساس ببنيتها العسكرية.

في المقابل، تعامل الرئيس عباس بارتياب مع جهود المصالحة منذ البداية، ونظر لها كعملية "تمكين" لحكومته، وفهم قبول "حماس" تسليم السلطة على أنه إشارة ضعف، وأرجأ رفع العقوبات عن غزة، ولم يلتزم بصرف السلف لموظفي حكومة "حماس"، وذلك بهدف الضغط على الحركة ودفعها للتنازل عن السلطة "من الألف إلى الياء"، بما في ذلك سلاحها.

وفي المحصلة، وصلت المصالحة إلى طريق مسدود، خاصة بعد محاولة تفجير موكب رئيس الحكومة، وتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن التفجير، وعن فشل المصالحة، وإعلان الرئيس نيته فرض المزيد من العقوبات، وإبلاغ "حماس" للوسيط المصري قرارها بعدم التعاطي مع إجراءات التمكين، واشتراطها رفع العقوبات والعودة لاتفاق القاهرة 2011. وقد تعزز هذا الموقف لدى "حماس" بعد انطلاق "مسيرة العودة"، التي ولدت لديها شعورًا بأنها باتت أكثر قوة.

تتمثل العقبة الأخرى في الموقف الأميركي والإسرائيلي من المصالحة، إذ تبين أن هدف إعطاء الضوء الأخضر للجهود المصرية مد سلطة حكومة التوافق إلى غزة، وعزل حركة "حماس"، تمهيدًا لتمرير "صفقة القرن"، وهذا يعني أنهما سيعملان على تعطيل أي اتفاق مصالحة يقوم على مشاركة "حماس" في السلطة.

ولكن، في مقابل ذلك، هناك العديد من العوامل التي تدعم فرص المصالحة، أهمها دعم مصر والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لهذا الخيار، خاصة بعد انطلاق "مسيرة العودة"، وتوجيه الانفجار المحتمل لغزة نحو الاحتلال، والتخوف من اندلاع مواجهة عسكرية شاملة.

كما أن "حماس" و"فتح" لا يملكان خيارات أفضل من المصالحة في الوقت الراهن، لأن "حماس" ستكون مضطرة لدفع ثمن باهظ مقابل رفع الحصار والمقاطعة الدولية والاعتراف بسلطتها، أي الاعتراف بإسرائيل ونبذ المقاومة، وهي لا تزال غير مستعدة لدفع هذا الثمن.

ومن جهة أخرى، فإن الرئيس لا يملك وسيلة أفضل من خيار المصالحة والشراكة الوطنية للحيلولة دون انفصال القطاع عن الضفة، خصوصًا بعد فشل الرهان على الإدارة الأميركية.

والأهم من ذلك، أن كلا الطرفين يرفضان "صفقة القرن"، ويعتبرانها تهديدًا مباشرًا للقضية والحقوق الوطنية، وبالتالي فإنّ خيار المصالحة هو الكفيل بتوحيد كل الجهود لمواجهة الخطة الأميركية، والسياسات والإجراءات الإسرائيلية التي تستهدف تصفية القضية والحقوق الفلسطينية، من خلال تكريس انفصال القطاع، وابتلاع القدس والضفة، وإنهاء قضية اللاجئين.

بناء على ذلك، إنّ الخيار المفضل للفلسطينيين هو خيار المصالحة والوحدة الوطنية، ولكنه خيار يواجه العديد من العقبات، في مقدمتها مواقف طرفي الانقسام، وعدم جاهزيتهما للشراكة الوطنية الكاملة، وغياب الثقة المتبادلة بينهما، واتهام كل طرف للآخر بأنه يسعى لتمرير "صفقة القرن"، وهذا غير حقيقي، ولكن محصلة سلوك ومواقف كلا الطرفين في ظل استمرار الانقسام من شأنه أن يمهد الطريق لتمريرها، دون وعي منهما بذلك.

استنتاجات وتوصيات

أولًا: إن الهدف الرئيسي للجهود والمبادرات الدولية المطروحة منعُ انهيار قطاع غزة أو تفجر مواجهة عسكرية مفتوحة، من خلال تقديم تسهيلات وحلول ذات طابع إنساني، من أجل تخفيف حدة الضائقة الإنسانية للسكان، لا حلها جذريًا برفع الحصار، وذلك مقابل تثبيت التهدئة التي تم التوصل إليها في العام 2014، والتي جعلت إسرائيل الطرف المتحكم في مصير قطاع غزة. وهذا الخيار الأكثر قابلية للتحقق، في ظل الظروف والمعطيات الراهنة.

ثانيًا: إن فرص التوصل إلى هدنة طويلة الأمد، وفق المعطيات والاشتراطات الراهنة، لا تزال ضعيفة. ولكنها لن تكون مستحيلة في حال تغير الظروف القائمة، أو تبدل الموقف الأميركي لجهة اعتبار الهدنة مدخلًا لتمرير "صفقة القرن".

وفي كل الأحوال، فإن الهدنة طويلة الأمد خيارٌ ضارٌ، من شأنه أن يلحق الأذى بوحدة الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني، لأنه يكرس انفصال القطاع عن الضفة، ويضعف كفاح الشعب من أجل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ويخرج غزة من معادلة الصراع مع الاحتلال، ويعزز تجزئة الشعب، ويتيح لإسرائيل توجيه كل طاقاتها لتنفيذ مخططها الاستيطاني والتهويدي في القدس والضفة.

ثالثًا: إعطاء الأولوية لخيار إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، على أسس التوافق والشراكة الوطنية الكاملة، وبعيدًا عن الهيمنة والإقصاء، بما يؤدي إلى إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير بمشاركة الجميع باعتبارها الإطار التمثيلي الجامع للشعب الفلسطيني، وإعادة النظر في علاقتها بالسلطة على هذا الأساس، وبلورة إستراتيجية سياسية ونضالية شاملة لمواجهة المخططات الإسرائيلية والأميركية التي تستهدف تصفية القضية والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. وهذا يتطلب أولًا رفع العقوبات المفروضة على قطاع غزة، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، وتجاوز "اتفاق التمكين" لصالح اتفاق الرزمة الشاملة، الذي يتضمن التوافق على أسس الشراكة والبرنامج السياسي وإستراتيجية المقاومة الموحدة.

رابعًا: العمل على تطوير "مسيرات العودة"، وتوفير مقومات استمرارها وامتدادها إلى كل تجمعات الشعب الفلسطيني. وهذا يتطلب الحذر من حصر أهدافها بكسر الحصار عن غزة، وعدم التسرع في الاستثمار السياسي، وتشكيل قيادة وطنية موحدة للمسيرة، تضم ممثلين لكل التجمعات، وتوسيع تمثيل المجتمع المدني والشباب والمرأة، بحيث تتموضع في مكانها الصحيح في إطار المواجهة الشاملة للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده مع الاحتلال الإسرائيلي.

وهذا لا ينتقص من قيمة الإنجازات الكبيرة التي تحققت، ولا يقطع الطريق على مواصلة النضال من أجل رفع الحصار عن غزة. ولكن ذلك ينبغي أن يكون في إطار برنامج نضال وطني شامل، يتضمن - إلى جانب العودة وكسر الحصار- هدف مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني، حتى لا يتكرس واقع أن لكل تجمع من تجمعات الشعب أجندته الخاصة، في انفصال تام عن أجندات التجمعات الأخرى، فبذلك تغيب فكرة الشعب الواحد، والقضية الواحدة.

                    
الهوامش

[1] الاتصالات بين "حماس" وإسرائيل تحقق تقدمًا نحو رفع الحصار والهدنة، صحيفة الحياة اللندنية، 27/5/2018.

[2] اتفاق متعدد الأطراف لإنقاذ غزة: هدنة طويلة وفصل الإنساني عن السياسي، صحيفة الحياة اللندنية، 22/5/2018.

[3] محسن صالح (محرر)، التقرير الإستراتيجي الفلسطيني لسنة 2006، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، 2007، 306.

[4] للمزيد، انظر: مريم عيتاني، صراع الصلاحيات بين "فتح" و"حماس" في إدارة السلطة الفلسطينية 2006- 2007، ط1، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، 2008، 23.

[5] إياد البرغوثي، الدين والدولة في فلسطين، مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، رام الله، 2007، 26- 27.

[6] "هستيريا عارمة" في إسرائيل بعد اتفاق المصالحة بين "فتح" و"حماس"، الميادين نت، 24/4/2014.
[7] انظر: المبادرة المصرية للتهدئة، مركز المعلومات الوطني – وفا، 14/7/2014.

[8] كشف أسامة حمدان، القيادي في حركة حماس، أن "حماس" تسلمت مقترحات مكتوبة تتعلق باستكمال ملف الهدنة، ورفع الحصار، وفتح المعابر، وميناء غزة البحري، انظر: "حماس": تسلمنا أفكارًا مكتوبة بملف التهدئة، فلسطين أون لاين، 16/6/2015. 

[9] الإعلان عن تطبيع علاقات إسرائيل وتركيا، الجزيرة نت، 27/6/2016.
[10] هنية: حماس فتحت صفحة جديدة مع مصر، الجزيرة نت/ 11/2/2017.

[11] الرئيس: قررت اتخاذ الإجراءات الوطنية والقانونية والمالية كافة، وكالة معا الإخبارية، 19/3/2018.
[12] الحية: الانفجار قادم بغزة وسنحوله نحو (إسرائيل)، الرسالة نت، 21/3/2018.

[13] الصحة: 134 شهيداً وأكثر من 15 ألف إصابة منذ انطلاق مسيرات العودة، فلسطين اليوم، 30/6/2018.
[14] هنية: مسيرة العودة لن تتوقف إلا برفع الحصار كليًا عن قطاع غزة، موقع "حماس" الإلكتروني، 14/5/2018.

[15] اجتماعات متتالية في القاهرة ... هل تسعى لوقف مسيرة العودة؟، عربي 21، 4/6/2018.

[16] لا نريدها ولكن نفضل بقائها! أيزنكوت: إذا سقط حكم "حماس" ستتحول غزة إلى الصومال، عكا للشؤون الإسرائيلية،  31/3/2018.

[17] صحيفة إسرائيلية: تأييد في "الكابنيت لفكرة إقامة ميناء بغزة ولكن؟، وكالة سوا، 18/5/2018.

[18] يديعوت أحرونوت: سياسة إسرائيلية مستقلة تجاه قطاع غزة، عكا للشؤون الإسرائيلية، 24/1/2018.

[19]Kobi Michael, "Time to Reach a Settlement with a Functional and Restrained Entity in the Gaza Strip", The Institute for National Security Studies, Telaviv University, available online at: http://www.inss.org.il

 [20] مسؤول رفيع في الجيش ينادي إلى رفع بعض القيود الاقتصادية عن غزة، تايمز أوف إسرائيل، 1/6/2018.
[21] الخلاف بين ليبرمان وهيئة الأركان حول غزة، صحيفة الأيام، 7/6/2018.
[22] نتنياهو: نبحث عن خيارات لمنع حدوث انهيار بغزة، عكا للشؤون الإسرائيلية، 5/6/2018.

[23] لا تسهيلات لغزة في جلسة "الكابنيت"، عرب 48، 11/6/2018.

[24] موقع عبري يزعم: "حماس" مستعدة للتنازل عن الأنفاق مقابل تحسين الاقتصاد بغزة، وكالة سما الإخبارية، 7/6/2018.

[25] محمود حامد العيلة، قراءة في دوافع الانفتاح بين النظام المصري وحركة حماس، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، تشرين الأول 2017.

[26]إسرائيل ترفض كافة مقترحات التهدئة في غزة، عرب 48، 18/5/2018.

[27] اجتماعات متتالية بالقاهرة، مصدر سابق.

[28] قيادات فلسطينية مدرجة على "قوائم الإرهاب" الأميركية، عربي 21، 21/2/2018.
[29] إسرائيل تكشف مداولات مؤتمر واشنطن حول مستقبل غزة، عربي 21، 14/3/2018.