الإجراءات بحق قطاع غزة .. ومأزق الساسة
ولعل المراقب، سواء عن قرب أو من طرف خفي، يمكنه ملاحظة أن تلك الإجراءات جاءت كوسيلة ضغط في وقت رأت فيه السلطة الوطنية ضرورة وضع حد للإنقسام البغيض، كما صرح ويصرح الناطقين بإسمها وبعض رموزها، كون أن قطاع غزة يعتمد بشكل رئيسي على رواتب موظفي السلطة الوطنية. ووفقاً لتلك التصريحات، فإن الهدف من تلك الإجراءات هو حث الجهة المسيطرة على قطاع غزة على المضي قدماً في إجراءات المصالحة وإنهاء الإنقسام الذي يشكل وصمة عار في جبين النضال الوطني الفلسطيني، خصوصاً في ظل التحديات الجسام التي تواجه القضية الفلسطينية في الوقت الراهن. وقد بدا ذلك مفهوماً لأول وهلة ما دام الهدف نبيلاً، لكن للأسف لم تحقق تلك الإجراءات لغاية الآن ذلك الهدف النبيل كون أن الطرف المعني في قطاع غزة بتلك الإجراءات لم يحرك ساكناً، ولم يحدث أي تقدم في عملية المصالحة منذ إتفاق القاهرة، ما يعني أن المتضرر الأول والأخير من وراء تلك الإجراءات هم المواطنين والمواطنات في القطاع الحبيب بشكل عام، والعاملين و العاملات في مرتبات السلطة الوطنية المدنية والعسكرية على وجه الخصوص.
وفي الأونة الأخيرة شعر البعض في الضفة الغربية بالخجل والحنق نتيجة تلك المعاناة لأهلنا في قطاع غزة ما دفعهم إلى التظاهر السلمي إحتجاجاً على تلك الإجراءات، ومعلوم أن الحق في التعبير عن الرأي هو حق كفله القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003 في المادة (19) منه ما يعني أنه يتفق وصحيح القانون ولا يشكل خروجاً عنه.
لكل ما سبق، نرى ضرورة إجراء مراجعة شاملة وعملية لتلك الإجراءات ونجاعتها وقدرتها على التأثير في ثني الجهة المسيطرة على قطاع غزة على إنهاء الإنقسام. ونرى كذلك ضرورة البحث عن عن حلول أكثر إبداعية وأكثر فاعلية وأقل ضرراً تساهم في إعادة لم الشمل الفلسطيني وتوحيد جناحي الوطن وحماية المشروع الوطني، وذلك حتى لا يكون عامة الناس والعاملين والعاملات في القطاع الحكومي التابع للسلطة الوطنية المتضرر الأول والأخير من وراء تلك الإجراءات ولو كانت أهدافها نبيلة، كما ذكرنا آنفاً، في حين أن من تم إستهدافه أصلاً من وراء تلك الإجراءات لا يتجاوب معها ولا يعيرها الإهتمام المطلوب.