لا شيء يعلو فوق كرة القدم..بقلم: حمدان العربي
تاريخ النشر : 2018-06-19
لا شيء يعلو فوق كرة القدم..بقلم: حمدان العربي


لعبة كرة القدم ، لم تصبح رياضة كباقي الشُعب الرياضية الكثيرة و المتفرعة الكثير منها أحسن وأنفع بكثير من اللعبة التي تربعت بشكل مطلق على عقول الشعوب و الحكام في نفس الوقت...
وهي ، أي لعبة كرة القدم ، قد تكون القاسم المشترك الوحيد الذي وحد الشعوب بحكامها . لكن لكل جهة مآربها ، الشعوب أصبحت ترى في هذه اللعبة متنفسها الوحيد للضغوطات النفسية المترتبة عن الصعوبات التي تواجهها في مشوارها الحياتي ( الحياة)...
أما الحُكام أصبحوا يرون في هذه اللعبة الجماهيرية مسكنات مهدئة لشعوبهم ولو إلى حين . هذه المسكنات مفعولها أصبح أقوى مردودية من مفعول الخطب الرنانة و الوعود التي تعودت الشعوب سماعها من حكامها . مفعول هذه الخطب عادة يزول سريعا ، عكس مفعول الفوز في مقابلة كرة القدم...
وإذا كان ملكا في إحدى الأزمنة استشار وزيره كيف يُمكن له (أي ملك) ، إسكات وإخماد احتجاجات العارمة التي تشهدها مملكته ، رد عليه الوزير المستشار : " أخرج عليهم بخطاب هام ، يا مولاي"...
ولو يُعاد نفس المشهد الآن ، ويُطرح نفس السؤال لكان جواب الوزير المستشار لملكه مغايرا تماما عن الاستشارة الأولى ، ويقول له : " ابني لهم ملاعب كرة قدم كثيرة ، يا مولاي"...
والدليل ، الكثير من الدول تُعاني من مشاكل اقتصادية وتنموية جذرية ويواجهها عجز عميق في ميزان خزائنها ، رغم ذلك تصب جم اهتمامها في اتجاه هذه اللعبة لا لشيء سوى محاولة لاستمالة مشاعر شعوبها وبالخصوص الطبقات الشبابية ( الشباب) المدمن حتى النخاع على هذه اللعبة ...
ليس هذا فحسب ، أصبحت هذه اللعبة نقطة الالتقاء المال و السياسة ومدخلا للثراء السريع .وكما هو معلوم ، أينما التقى المال بالسياسة حل الفساد والمال هو عصبة الفساد ومفسد للأخلاق والرياضة بجميع فروعها ، من بينها لعبة كرة القدم ، أخلاق وتهذيب النفس...
والدليل على ما تم ذكره ، الفضيحة المدوية التي تم الإعلان عنها في عاصمة إمبراطورية كرة القدم ، ألا وهي الفيدرالية الدولية لكرة القدم "الفيفا"...
ربما ما تم الكشف عنه يكون سوى القليل مما يجري في دهاليز هذه الإمبراطورية و فروعها المترامية الوجود. بمعنى ، هذه اللعبة أصبحت مفتاح الثراء الغير مشروع و تبييض الأموال التي سُلبت بطريقة أو بأخرى من مقدرات الشعوب...
بالمختصر المفيد ، لعبة كرة القدم تبقي فرع من فروع الرياضة تحتاج كالقطاعات الرياضية الأخرى من اهتمام و تطوير ، لكن لا يمكن لها أن تسبق قطاعات إستراتيجية أكثر أهمية أو تصبح عن أفيون مسكن ...
لأن نهضة الشعوب والأمم تكمن أساسا في المخ وليس في القدم . بمعنى ، لا يمكن بأي حال من الأحوال تفضيل بناء ملاعب تستعمل في مناسبات معينة على حساب بناء جامعات ومراكز أبحاث أو على حساب تشييد المستشفيات والمراكز الصحية ، التي يحتاج لها الفرد في كل الوقت ،وقس على ذلك. أو تكون أجرة مدرب كرة القدم أضعاف و أضعاف أجرة الأستاذ أو الطبيب أو المهندس ، أو ما شابه ذلك...

بلقسام حمدان العربي الإدريسي
18.06.2018