مفاعيل كرة القدم..! بقلم:يونس عاشور
تاريخ النشر : 2018-06-19
مفاعيل كرة القدم..! بقلم:يونس عاشور


مفاعيل كرة القدم..!!
 
بقلم: يونس عاشور
     قد تثار الدّهشة لأوّل وهلة عن ماهية سبب طرح هذا العنوان في هذا السيّاق وهو هل ثمّة ربط ميكانيكي بينه وبين الفكر الفلسفي؟ وللإجابة عن هذا التساؤل بودّنا أن نتعرّف أولاً على القوة السحرية التي تتمتع بها «كرة القدم» على المستوى السوسيولوجي فهي تلامس جميع مستويات الوجود الإجتماعي كافة كظاهرة ثقافية، ثقافية من حيث أنّها تعمل على تصوير المشهد وإنطباعه كسلوك وكمعيار وكمنهج ظاهر يُمارسه الإنسان ويحيى شتى صوره المختلِفة، وسياسية من حيث أنّها مناخ يجتمع فيها القادة بالقادة والسياسي بالسياسي لأنها تستوغل جميع مرافق الحياة هذا عدا الحيل والتكتيكات والتخطيطات التي قد تُمارس من قبل البعض في توظيفها وإستغلالها نحو الدخول عبر مفاهيمها ومعطياتها البنيوية التي يحلو للبعض أن يتصدر الطليعة عبر وسائلها المختلفة وذلك عبر خلق جمهور كبير ممن لديهم خبرة وتجربة سياسية في هذا المنحى وبحرفية عالية، كما يتجلّى بعدها الاقتصادي أيضاً ليس فقط على أنّها مفهوم جزئي كما يدعوها أحد الدارسين بمسميات كالكويرة الجلدية إلا انها تنتقل في بعدها ومضمونها إلى الكلية Totalitarianism حيث يكمن هنا هذا الجانب الاقتصادي الذي يستنزف الجيب والمحفظة بأبعاده المختلفة بما أنّ للتوجه الجمهوري نحو هذه الكرة هدفاً ترفيهياً إلا إنه لا يقل أهمية عن البعد الاقتصادي الذي قد لا يستشعره المشجّع أو القاصد لهذه الكرة العجيبة، وترفيهية بامتياز وكأنها مفعول انصهاري تعمل على تذويب المجتمعات ببعضها البعض في قولبة ثقافية قوامها التحفيز والتشجيع والهيجان والميجان بالطنين والأنين بكل الأصوات.
     كرة القدم تعمل على خلق حالة من الإنفتاح والتداخل والتفاعل بين مكونات الأفراد والجماعات خالقةً مجتمع حواري تواصلي واستدماجي وأخوي بمكوناته الثقافية والسياسية والاقتصادية وغيرها، وقد تصادف أشخاصا لا تعرفهم لأول مرة في "عالم كرة القدم" فأنت عندما تبادرهم بالحديث كأنك تعرفهم قبل ألفي عام هذا المفهوم هو التحوّل الفعلي لمفاعيل كرة القدم حيث تعمل على تحويل المجتمع من ميكانيكي إلى ديناميكي ومن مجتمع انغلاقي إلى مجتمع انفتاحي تنفيسي يبوح عمّا في داخلهِ من آلام وكبت سياسي واجتماعي وغيره.
إذن هذا المفهوم من التحليل السيكولوجي لهذا التقديس لكرة القدم يخلق مجتمع الموجات الذي ينطلق من فكر وثقافة فلسفية قد لا يستشعرها الإنسان فهو أشبه بالذّرات المتناثرة التي أن وجدت هذه الكرة توجهت إليها تلك الملايين مكونةً نسيجاً واحداً هو المجتمع ألانصهاري.