لغتنا العربية ومشية الغراب!؟ بقلم:بكر أبوبكر
تاريخ النشر : 2018-06-13
لغتنا العربية ومشية الغراب!؟ بقلم:بكر أبوبكر


لغتنا العربية ومشية الغراب!؟
بكر أبوبكر

قرأت للأستاذ عمرو الشوبكي تعليقه على رسالة وردته حول طغيان اللغة الانجليزية على اللغة العربية بشكل غير مسبوق في الاعلانات في مصر، وذات الشكوى او ما يشبهها عبر عنها الكاتب الكويتي يوسف الكندري، ولربما تعاني معظم بلادنا العربية من ذات الداء، حيث "عقوق اللغة" كما أسماه الكندري، أو"اعلانات مهينة" كما أسماها الشوبكي.
يحدث في مصر
في مقالة الشوبكي نقرأ الرسالة التي وردته من شكري روفاييل شارحة ورافضة الواقع المناهض للعربية :"ما يحدث من إلغاء اللغة العربية من الإعلانات الضخمة التى تملأ شوارعنا من مطار القاهرة حتى الإسكندرية، وكذلك واجهات بعض البنوك وكثير من المحال التجارية ومحطات خدمة السيارات، بل فى الإعلانات المنشورة بالصحف، وحتى سيارات الشرطة الجديدة خالية من أى حرف باللغة العربية التى يفترض أنها اللغة الرسمية للبلاد."
ليوضح صاحب الرسالة أحد أسباب دهشته قائلا: "وأذكر أنه كان هناك قانون خاص باللافتات ينص على ألا تقل مساحة اللغة العربية فى أى إعلان عن حجم الثلثين، ويعاقب المخالف بغرامات طبقا للمساحة التى تجاوزها."
ويختم روفاييل رسالته للشوبكي متعجبا ومتسائلا بالقول: "ألا ترى سيادتك أن هذا الموضوع يجب إثارته، وهل سوق العقارات تحديدا أصبحت موجهة للأجانب فقط؟!."

 يعلق عمرو الشوبكي ساخرا : " الكارثة أن البعض تعايش مع هذا الواقع المهين واعتبر أن إهانة لغة بلاده بهذه الطريقة عادى، وربما نوع من التطور والتقدم."
ويوضح:"لا أعترض على الكتابة باللغة الإنجليزية أسفل اللغة العربية، إنما الاعتراض الذى يصل لحد التجريم هو فى استبعاد لغة البلد عن أى إعلان أو واجهة محل أو أى مؤسسة، فإهانة اللغة العربية هى عكس شعارات وطنية كثيرة تُرفع حولنا كل يوم."

يحدث في الخليج
اما الكندري فيعرض الامر في الكويت بشكل آخر حيث يقول : "شدني أمر غريب في الآونة الأخيرة عند بعض المربين الفاضلين، وهو محاكاة أبنائهم، خصوصاً الأطفال، بلغة أجنبية وعدم التحدث معهم باللغة الأم ألا وهي اللغة العربية، ويكثر ذلك في الأماكن العامة تحديداً، فوجدت أن أولياء الأمور يتواصلون بشكل مستمر وفعّال مع الأبناء بغير اللغة الأم، والأمر هذا تكرر معي عدة مرات إلى أن فوجئت بأن هناك مراهقين يتحدثون طوال جلستهم وبشكل مطلق خصوصاً الفتيات منهم" وفي دعوته لاعتناق الحضارة والثقافة باللغة الأم فإننا نتشارك مع الكاتبين ولربما مع الكثر من الغيورين على دينهم ولغتهم وحضارتهم نفس المخاوف."
وفي فلسطين
في فلسطين فإن الخوف يأخذ لدينا منحيين فيما يتعلق باللغة العربية فالأول يتعلق بطغيان الانجليزية على الشابكة (انترنت) وفي وسائل التواصل الاجتماعي وفي استخدام المصطلحات البسيطة على وسائل التواصل الاجتماعي حتى أن العديد في الامة يستخدمون الواجهة الانجليزية وليست العربية.
 اما في أرض الواقع فان انتشار المحلات التجارية التي تضع لافتاتها واعلاناتها فقط باللغة الانجليزية وخاصة في مدينة رام الله أو تلك التي تستخدم فقط اللغة العبرية على واجهات المحلات في القرى المحاذية للشطر الآخر من فلسطين تكاد تنذر بخطر مصيري.
 أن اللغة العبرية اليوم لغة مستحدثة عن تلك القديمة من اصول جنوب الجزيرة فهي مشتقة من الأصل العربي كما الحال مع اللغات الكنعانية والفينيقية والحميرية والسبئية...الخ، وغيرها سواء التي استمرت منها او بادت.
وهذه المعلومة تفيدنا بالتمسك بأصلنا العربي مهما انتقلت العبرية لتزاحم لغتنا بل وتحاربها في عقر دارها أي في فلسطين.
إن لجوء عديد المحلات لاستخدام أسماء اجنبية ممجوجة، ولاستخدام لافتات محلاتها ودعايتها بمسميات أجنبية، وفي كثير من الاحيان باللغة الانجليزية فقط، كما هو الشأن مع قوائم الطعام في عدد من المحلات ينذر بشر مستطير يعني الانسحاق امام ثقافتين وافدتين لا يمتان لحضارتنا العربية بصلة أي اللغة الانجليزية بمنطق تغلغلها على حساب لغتنا، والعبرية بمنطق أنها لغة المحتل المستعمر لبلادنا الذي سرق كل شيء حتى الدبكة والأغنية والثوب الكنعاني والحمص والكوفية وأسماء القرى ليطلقها على المستعمرات وغيرها.
واجبنا
ان واجب الدولة في تحبيب اللغة العربية وتحقيق احترامها تربويا وتجاريا واعلاميا واعلانيا يبدأ من الصغر في المدارس فهي مكون نضالي من مكونات مقاومتنا للمحتل والعقل الاستعماري.
 واستخدام لغتنا واجب يجب فرضه على المؤسسات والمحلات والاعلانات بالقوانين فلا نجد محلا يفخر باسمه الانجليزي وباللغة الانجليزية! او العبري! وكأننا نعيش في نيويورك، وليس فلسطين.
لا أحد يرأي بأسا في تعلم اللغات ومنها الانجليزية والعبرية والفارسية مثلا وغيرها بل يجب تعلم اللغات، وخاصة الانجليزية لما يعلمه الجميع.
 ولكن ما لا نقبله أبدا أن ينشأ اطفالنا وشبابنا على التبرم بلغتهم، او كراهيتها والاستياء منها، بل ورفضها لدرجة الاستغناء عنها كما هو حاصل من القلة الغربانية المتحذلقة في الأمة العربية التي حاولت تقليد مشية الحمامة فلم تتقنها أبدا وأضاعت مشية الغراب، فأضاعت نفسها.