الحلقة الواحد والأربعون من كتاب "ذاكرة الترف النرجسي" بقلم:د.حنان عواد
تاريخ النشر : 2018-06-07
الحلقة الواحد والأربعون من كتاب "ذاكرة الترف النرجسي" بقلم:د.حنان عواد


الزمن لم يعد رماديا
بل تغطى بالسواد
الحلقة الواحد والأربعون.
هكذا تعبر ألوان الطيف بنا بعتق الروح،وانفتاح الجروح،والتهاب الأرض وما عليها،فترى الشمس نارا،والأرض تنطق ب"لعبة الأمم"،الكتل البشرية تعبر الحواجز بعد ساعات انتظار طويلة،يصرخ الأطفال،ويتهاوى كبار السن،والسماء تمطر حجارة سوداء..
المساء يتهاوى عند تحرك ساعات العبور،يغلق الحاجز،ويظل القوم على شاطيء الترحال موصولا بالنهار..القهر يعبر الشرايين ويستفز الروح..ما العمل؟؟
في جنوب افريقيا،بينما كنا نصارع من أجل القرار،كانت قوات الاحتلال الارهابية قد أغتالت "أبو علي مصطفى"،وفجرت العمارة التي كان بها،والتي كانت قرب المقاطعة.كان بيت شقيقتي أيضا بجوار المبنى،الحجارة تتناثر،والصراخ يعلو،وحركات البحث عن الأحياء تزداد كثافتها...ثم تسدل ستائر الصمت،ويحلق الذهن في البحث عن جواب يطمئن من خلاله على الرئيس وعلى شقيقتي،وعلى كل من كان قرب المكان،لا جواب يشفي،ولا حمامة زاجل تحمل النبأ!
يعلق الزمان أجراسه في الحان الرحيل والغياب،ويدق وداعا للمناضلين الشامخين،ويتدفق الحنين أنهارا،ويبايع المجد الموشى في جدار المقاطعة، والفارس يطلق اشاراته،يقف بشموخ صابرا،ويتجمع القوم للمبايعة على أنغام الدخان الذي غطى الفضاء...متبوعا بالنيران،ورصاص الغدر..الجنود تتدفق في ساحات المعركة،تلقي الأصفاد في أيدي المناضلين وتنقلهم في مركباتها- في محاولة لاسكات صوتهم- الى غرف التحقيق.
يدخل شارون الأقصى بقوات ضخمة،يطلق اشارات الغدر،ويمحو حروف الاتفاق،والصمت المسكون في صفحات العالم العربي والعالم يثيرالاستهجان..الشهداء قوافل.."وأزاهيرالدم"تطلق براعمها، وأصوات تخرج من بين الرماد،ليطرح السؤال:"كيف يتم ذلك،ومن نكون بأنظار القوى العظمى؟؟،فهل نحن بشر؟،أم أننا محكومون بأوتار الظلم،وبلحن الرجوع.
أنين الليل يغلف الهواء،وصوت الطائرة يفجر الصمت،فتعود الي ذاكرة الطفولة وأنا استمع الى أنشودة"الله أكبر فوق كيد المعتدي"،تتبعها"أمجاد يا عرب أمجاد في بلادنا كرام أسياد"،اية سيادة وأي نص مطروح ينقش الكلمات فوق الجروح؟؟،وأي كلام كليم في حضرة الحضور المغيب؟
التفت الى السماء،اتوجه الى الله،انتظر معجزة الهية—الشباب يتجمهرون يطلقون حجاراتهم "طيرا أبابيل"،والجنود مشرعة بنادقها تتراكض،وشجاعة الشباب في التصدي أسطورة.
تتفتح الأنا على ما يجري بمنظور الفعل،لترتسم ملامح الاحتلال واضحة دون قناع السلام المفتعل..
هذا التحول السياسي الاستباقي منعا لتنفيذ اتفاقات موقعة،يسير في نقلةنوعية في استبسال الشر،وتحويل ما كان ممكنا الى اعجاز المستحيل،ليصير نسج تعريف جديد،واطاحة بكل ما تم الاتفاق عليه،
في قراءات تأويلية وتحويلية لكل ما كان.
وحينما تعبر الروح الى الانسان،تراه دمية التحول لزمن جديد مطعم بالشر،والانقضاض علينا،دون سند يحمينا، ودون موقف أممي يدعمنا ،وعلى مباديء مرفوعة في القانون الدولي، نستثنى نحن،ونحن فقط.
كان لا بد أن نتابع المسيرة بتعقيدات ما جرى،لكي لا نسمح لسياط  الجلادين أن تقهرنا،وأن تلتف أسياف العدم على رقابنا،لقد تكالب العالم علينا،وليس لنا الا نحن.
أتفرس بالجدار،وفي القواطع الحديدية والحواجز...التي عبر المحتل الينا من خلالها،وشكل لحظاتنا ليصلها بالعدم،وأغار علينا من كل صوب،ليعلن الحرب!
أتفرس ببقاع الدم وبقاع النار،وشوارع مدججة بالشهداء،تشتبك أياديهم بالأرض الطاهرة.
أعود الي،لأجدني معلقة في الريح،تتشبث يدي بالأسلاك الشائكة،وترنو عيناي الى الطفولة المعذبة في عناق على صدور امهاتهم التي فارقتها الحياة.
الوحش الحجري يتصدر أركان الليل،ويصب النار على وجه العتمة،يطفيء كل شموع الأمل.ويطعم الجبال بدماء المناضلين.
هكذا سارت تفاصيل المعركة،اشتباك ذهني مع الحقائق المريرة،
 تصلني أنباء الفواجع والمآسي وأنا أقبع في دائرة ضبابية،أسير خلف الزحام،أقفز عن الحجارة التي كست شوارعنا،لأصل الى الأبواب فأجدها موصدة..
لا صوت يسمع سوى وقع خطى المحتل.
وفي الأنفاق الصغيرة والزقاق المنسية،تستيقظ الأحلام الوردية..
يزف الشهداء الى الموت،وينطفيء الصوت.
يستبشل الشباب في "انتفاضة الأقصى"،ويثار الجدل حول "عسكرة المعارك"،ويتبنى الكثيرون رفض التسلح نظرا لعدم التكافؤ،وأنا أرنو الى القبضة الحديدية التي تلقي ضرباتها الى رجالاتنا،هل نقف صامتين أمامها،ونحن الثائرون وحملة شعلة الانطلاقة؟،أم نمضي رجالا في المعركة،ونعد الكتائب للمواجهة؟؟!.سار الأمر بالطريقين،
وتفجرت الانتفاضة الثانية الباسلة،وحرك المحتل كل أنيابه لابتلاع أبنائنا،حقيقة أن المعركة فير متكافئة،رجال عزل  صبروا وصابرو،واحتلال يرتدي كل أقنعة الزيف،مدججا بالأسلحة..النص المنقوش بأرواحنا"والله زمن يا سلاحي-اشتقت لك في كفاحي"..
 لحن يتردد في قلاع الصمود،ويسود في الروح،ويكتسي نص السيادة والقيادة الأحكم..انطلقت "كتائب شهداء الأقصى"لتفجر الموقف،حملت من شعاع الحب تاريخا وعانقت الزناد.
هكذا تسير المؤامرات الممنهجة ضدشعبنا وضد الرئيس ياسر عرفات،اتخذ شارون منهجه الارهابي لمنع الرئيس عرفات من المشاركة في مؤتمر القمة الذي سيعقد في لبنان،كنت ضمن الوفد الذي سيغادر معه،وكان المؤتمر سيطلق المبادرة السعودية للحل،ولم يمنعه من الحضور فقط،وانما خلق حوله واقعا حصاريا محملا اياه اثم العملية التي قامت بها حماس في" الجراند بارك"والتي أسفرت عن مقتل ثلاثين اسرائيليا—
حضر وزير الخارجية الألماني حينها الى الرئيس ضاغطا عليه ليشجب العملية،وما أصعبها من لحظات، وأنا أرقب وجه الرئيس عرفات آنذاك،وهو يصنع كلماته مواريا حقيقة شعوره الوطني-ليعلن
رفضه لقتل المدنيين.والحقيقة أن تلك العمليات التي قامت بها حماس في استهداف المدنيين،كانت ذريعة لشارون لارتداء زي القيصر،وتوجيه أسلحته وحقده التاريخي على سيد المقاومة التي لا يمكن أن يزاود عليه أحد بذلك.ولو كانت العمليات عسكرية،تستهدف الجنود والجدار والحواجز،لما أخذت كل هذا المدى،والأقسى من ذلك،جاهزية الولايات المتحدة بالتعاطي مع شارون بايجابية الطرح،وتمرير المخطط التصفوي لقائدنا وقضيتنا.
وتساءلت!ماذا يمكن لمثلي أن يفعل في هذا الظرف القاسي،الرئيس حولنا يثبت عزائمنا،والمجال الجوي أصفر،وهوى النقع أحمر،والسيوف تتأرجح ما بين الاطلاق والانطلاق وتطليق الرعب الى الأبد.رجالات تعبر المقاطعة تلتف حول القائد،الجو مشحون،والرسائل تفد تباعا للرئيس"اشجب."وماذا يعني استلهام الرؤيا الاستعمارية في ظل ارهاب منظم ضد شعبنا، وكأننا صانعو الارهاب،وكأن شارون وقواته حمائم سلام تلقي بالورود علينا،هل يمكن أن يعبر بنا أقسى من هذا الزمان؟؟!.
كان علي أن أسافر الى المكسيك للمشاركة في الكونجرس الدولي لرابطة القلم..أعددت العدة واستأذنت الرئيس،ثم غادرت،وحينما ودعته،شعرت بعذاب نفسي كبير،وقلق،وكيف لا!والتهديدات مستمرة ولا يمكن أن نعرف ماهية المفاجئات التي قد تواجههنا.
وصلت المكسيك،وقمت بمهامي اللازمة لتمثيل فلسطين،هناك استقبلني الأخ السفير فوزي المشني،ورعاني رعاية الأخ بروح المحبة،ونظم لي برنامجا ثقافيا هاما وأمسيات شعرية ولقاءات مع الجالية الفلسطينية هناك.ثم نظم لي لقاء مع رئيس تحرير مجلة :الحركة الشعرية"،وهي مجلة أدبية مميزة تصدر هناك، يرأس تحريرها الأخ قيصر عفيف،وهو شخصية لبنانية على جانب كبير من الثقافة،دمث رفيع الأخلاق،ربطتني معه ومع زوجته علاقة حميمية،ظللنا على تواصل من فلسطين،ونشرت عدة مقالات.
وقد شاركت مع سعادة السفير في لقاءات أمميمة متعددة،اعتاد ان يلقي بها كلمات في هذه المناسبات،انه يجيد الخطابة بقوة،وقد أطلقت عليه لقب "وحش الشاشة"في مناكفاتي، بعد انهاء كل خطاب.
وفي لقاء في هيئة الأمم المتحدة هناك،كان عليه أن يقدم كلمة فلسطين، ويستعرض انتهاكات قوة الاحتلال  لحقوق الشعب الفلسطيني..ابتدأ الخطاب ببلاغة مميزة،استمعت اليه بحماس شديد وبتصفيق حاد في البداية،وأعجبتني الطروحات والصياغات المدرجة في الخطاب ...ثم مرت دقائق تبعتها أخرى،ولا زال السفير يخطب،تململت قليلا،ثم أخذت رموشي  تتحرك مقاومة الاغفاء..الوقت يمر بأنين الروح،وهنالك اجتماع آخر يجب أن نذهب اليه..ما العمل..لا زال الخطاب مستمرا،والكلمات ترن في القاعة،أرسلت بعض الاشارات ولم يلتفت اليها،تحيرت فيما علي أن أفعل !تابعت الاشارات،ولكن دون جدوى.أوعزت الى الأخ الدكتور أديب الخطيب،عضو الوفد المشارك بأن يتصل به لتذكيره،قام الدكتور بالاتصال،ولم يلتفت السفير،بل ظل مستمرا في طروحاته السياسية،فقمت ساعتها،وصعدت المنصة،وأمسكت بيده لانهاء الكلمة عنوة،فاستجاب،وخرجنا والضحك يكاد ينفجر منا،ثم توجهنا الى حفل الاستقبال الذي أعدته رابطة القلم المكسيكي،وكان له كلمة،
والحمد لله كانت قصيرة،والا كنا جلسنا طيلة المساء نستمع اليه.كلامه راق،والنقاط التي يعرضها على جانب كبير من الاهمية،ولكن ليس هنالك احتساب للزمن.والاخ" وحش الشاشة" خفيف الظل،طيب الروح،عميق الرؤيا غطى زيارتنا بابداع الروح وتجليات الصداقة.
طلبت اليه أن يرتب لي زيارة الى كوبا،جهز لي كل ما يلزم،وتوجهت الى كوبا،واستقبلني السفير عماد الجدع،وقضيت عدة أيام ببرامج ثقافية وسياسية هامة،وبناء علاقات سياسية وثقافية بين كوبا وفلسطين،كنت قد أوردتها في حلقات سابقة.
ولما أنهيت الزيارة،توجهت الى الولايات المتحدة لزيارة ضريح شقيقتي الراحلة والعائلة.
وصلت مطار نيويورك،قدمت أوراقي اللازمة،لم يختم الجواز بعد،طلب مني الانتظار.وبعد انتظار ساعة تقريبا،حضرت مجندة واقتادتني معها الى غرفة أخرى.ستة من رجال البوليس يجلسون على المنصة،وجوههم محملة بوجوم الشك،نظرت مقاعد المنتظرين،لأرى شيوخا ونساء يرتدين الحجاب وآخرين.
ساعات انتظار طويلة في غرفة صغيرة معذبة،تختفي منها الابتسامات وتموت الانسانية.النص الملقى من الشرطي الى كل وافد
منسوج بثقل الروح والكراهية،أمامي أشخاص كثر لم يسمح لهم بعبور الولايات المتحدة،أعادوهم الى الطائرة مباشرة.انتابني القلق الشديد،هذا هو 11 سبتمبر..وهذا هو "الارهاب المصنوع"لتمرير مشاريع ونشر أفكارالشك بالعروبة والاسلام،وتحميل هذا الارهاب المصنوع لهم لملاحقتهم في كل مكان،وتصويب البوصلة نحو التهجير.حاولت أن أخاطب الرجل لأشعره بأن موعد اقلاع الطائرة الثانية قارب على الانتهاء،نظر الي بعصبية وشذر،وباشارة مهينة تعني اجلسي ولا تسألي.جلست الى أن نادى اسمي،وخرجت باتجاه الطائرة..كيف تغيرت الأيام،وكيف انقلبت سياقاتها،فماذا وراء الأكمة؟؟!كنا حين نسافر الى أمريكا،نحصل على التأشيرة في نفس اليوم،ولا نتوقف في المطارات وفي الغرفة التي تسمى"غرفة الارهاب".والارهاب يعني هنا المسافرين الوافدين من دول الشرق،وخاصة دول الطوق.
اشارات سياسية تحمل مفاجئات،أصابتني باهتزاز نفسي وتشاؤم كبير.
وصلت الى أركانسا،حيث تقطن عائلة شقيقتي الراحلة،استقبلني زوجها وابنتها،وذهبنا الى البيت،كل أمواج الروح التي كانت ترفرف حين القاها غادرت..اشعر وكأن المكان خال..توجهنا الى زيارة الضريح،فشعرت برياح الاغتراب،وتساؤلات كونية تقلق الذات في قبول الواقع،ليظل السؤال الى أين وكيف؟؟!
عدت ثانية الى فلسطين،وتوجهت الى مقر الرئاسة..الرئيس محاصر،ولكنه وهو في غرفته كان يحرك العالم.
الحوارات المستمرة بين الولايات المتحدة واسرائيل تسير بلغة تفاهمات العشق،والدعم الكامل لمنهج شارون في تقويض عملية السلام،ونشر الخراب في فلسطين..تعيش في داخله سموم الحقد،ومهارة الوأد....يجمع القوات والكتائب والمجنزرات،ويسير في شوارع رام الله مالكا لها،يعبر المقاطعة والزقاق،ويتفرد في شوارعها،يطلق الأصوات وأنغام الحقد،وحرق دقائق الزمان ليحاصر الزمان أيضا.
بعد الحادي عشر من سبتمبر،انتشر مفهوم الارهاب،وعقدت مؤتمرات كثيرة لمناقشة هذا المفهوم،وانضمت دول عربية لذلك،ناسية،أو متناسية،الحقيقة بأن الأرهاب هو صناعة اسرائيل باحتلالها فلسطين،ولكننا نرى أن اسرائيل لم تذكر في محاور تلك المؤامرات،والأدهى من ذلك،صمت المفكرين والاعلاميين عن معارضة هذا المفهوم خوفا واحترازا من العقاب والمسائلة،اذن يمكننا القول أيضا أن هنالك حصارا للكلمة.
الشعب الفلسطيني محاصر،وقائد الثورة والدولة محاصر،والارض العطشى للحرية محاصرة،فلا بد من أصوات الاحتجاج،ولا بد للشعب من أن يلقي كلمته.
رغم الحواجز والجدران،وتجمع القوات الاحتلالية،نظم الأخ أبو فراس محافظ رام الله،الجماهير المتضامنة لمساندة الرئيس ،اجتمعت به قبل ذلك ،كما درجت أن أجتمع به عند كل مفصل سياسي ،ونظمنا عبور الجماهير الى المقاطعة..وأبو فراس قائد تاريخي عرفته في مواقع النضال المتعددة في تونس والعراق والكويت،وكان مسؤولا عن الغربي برعاية الأخ "أبو جهاد".ربطتني به علاقة سياسية وشخصية قوية،الى أن أقعده المرض المفاجيء عن اتمام دوره. تجمع القوم في المقاطعة تضامنا مع الرئيس،اشتدت الخطابات،وطلب مني الرئيس أن أقدم كلمة،أمسكت الميكرفون وبدأت"باسم الله الرحمن الرحيم"،أعدتها مرارا ليخرج صوتي للعلن،ولكن!
الصوت ناعم فوق العادة،لا يكاد يسمع أمام آلاف الحضور،أعدت المحاولة،ورفعت صوتي أكثر،وأطلقت كلمة ثائرة،قبل أن أبدا الخطاب،توجهت الى الله العلي القدير بالدعاء بأن يحمي قائدنا،وطلبت من الحضور مشاركتي،وخرج الصوت بالدعاء والتكبير،ثم بدأت الخطاب:"يا فارس الفرسان في فلسطين،أنت سيد العصر، ورجل الثورة،ورئيس الدولة ورجل المواقف الكبرى،لا تقلق،فكلنا معك،ونحن صوتك في المحافل الدولية وكلماتك الثائرة.لن نسلم ولن نستسلم .
أرى في عينيك أضواء الأمل والصبر،
ومن ارادتك وعلى صورتك نحن نكون.
حماك الله،وأحاطتك الملائكة برعايتها وصوت شعب الجبارين،
الله أكبر على المحتل الزائل بارادة الله،
وباصرار الشعب على المقاومة..
ثم طلبت من الجميع التكبير بصوت الله أكبر..الله أكبر.
كان دعاء من عمق القلب،انتشر صداه في الفضاء،فاهتزت الجدران،وانسابت دموع العين والقلب من كل منا..
هذا النص وتلك الكلمة التي تطوف بي في طمأنينة روح وصفاء.
تأثر الرئيس كثيرا،وبدت عيناه تبرق بريقا خاصا،اعتدناه منه في المواقف الكبرى،التفت الي الينا،
ربت الرئيس على كتفي فرحا سعيدا بأن النصر لا بد قادم،وان الاحتلال لا بد زائل،وأنه قامة العبور الى مجد فلسطين.
وفي اليوم التالي ابرقت الى رئاسة رابطة القلم الدولي ورئاسة منظمة المراة العالمية للسلام والحرية والعديد من المنظمات الأخرى،بطلب التضامن مع الشعب الفلسطيني والسيد الرئيس،فاستجابت المنظمات،وارسلت وفودها وبرقياتها الداعمة،ولم يسمح الاحتلال للكثيرين منهم بالدخول.
لحظات تاريخية موجعة،يتوقف فيها الكلام، تخترق الرعب،ويسري العمل من منافذ الروح ،ومن ارادة شعب أبى أن ينحني ،ليظل صوت أبو عمار جهوريا في نص النضال والصبر والأمل..
ما أجمله وهو يطل صابرا صامدا موجها كلماته الى ابناء شعبه
"يا أهلي ويا شعبي يا شعب الجبارين...اقتربت ساعة النصر،واشتعل الضوء في آخر النفق،ورفع الشبل الفلسطيني علم فلسطين فوق مآذن وكنائس القدس"....