الشهيد تيبو بقلم: رحاب عصام الياور
تاريخ النشر : 2018-05-24
بسم الله الرحمن الرحيم
الشهيد تيبو

رحاب عصام الياور
لو تتبعنا قصصا وأحداثا لعظماء غيروا مجرى التاريخ في بلادهم لوجدناهم كُثر وأغلبهم بقيَ طَي النسيان أو أن بعض المؤلفين والمستشرقين خاصة قد تناقلوا سيرة حياتهم مغلوطة كي يتم نسيانهم بشكل مقصود ...

ومن هؤﻻء السلطان الشهيد (تيبو) الذي كان حاكماً ناجحاً وقائداً شجاعاً سعى لتكوين مجتمع اسﻻمي صحيح العقيدة ملتزماً للتقوى . ولد في 20 ذي الحجة 1163ه - 10نوفمبر 1750م..في قرية (ديون هلي) في الهند . والده اﻷمير( حيدر علي) الذي كان قائدا للقوات العامة في عهد (كرشنا راج وريار) ملك (ميسور ) وكان الملك مشلوﻻ تكالبت على أثره خطط الوزراء لخلعه والجلوس على كرسيه ولهذا خطط اﻻمير حيدر للاستيلاء على الحكومة لمنعها من الوقوع في أيدي غير أمينة وبعد نجاحه عامل الملك المخلوع على نفس الطريقة الملكية إحتراما له ..

أما إسمه تيبو فقد كان تيمنًا باسم الشيخ القدير (تيبو مستان شاه) ولتعلق اﻷمير به أطلق إسمه على ولده الذي إهتم يتعليمه مختلف انواع العلوم الدينية والدنيوية والفنون منذ بلوغه 5 أعوام .. علاوةً على انه كان في غاية الفطنة والذكاء فاكتسب خبرة كبيرة خاصةً في العلوم العسكرية حيث كان يُصاحب والده في حملاته الحربية مما جعله ضابطًا محنكاً حتى قبل أن يبلغ ال18عاما..

شارك والده في هجمة مليبار عام1765م وهو ابن 15عام.. وأيضا بعثه في مهمةٍ عسكريةٍ على رأس كتيبة مكونة من 3000 جندي وكُتبت له فيها اﻻنتصارات . وهذه التربية واﻹهتمام أراد به والده تأهيلُه من خلالِه لخﻻفتهِ فيما بعد ..وقد زوجَه بفتاة ذات أصول عربية من قبيلة (أهل النوائط) الذين كانوا يتمتعون باحترام الناس وحبهم كون اغلبهم قرشيون ..

وبينما كان تيبو مشغوﻻً في إحدى المهماتِ العسكرية توفيَ والده.. فتحولت السلطنة اليه واتسعت سلطته لتشمل 80 ألف ميل مربع . وفي عهده كانت سلطنة (خدا داد) تمثل حكومة نموذجية من جميع النواحي .. ولكنه عندما تسلم زمام اﻻمور كانت الحرب الثانية مع اﻹنكليز على قدمٍ وساق والجيوش الميسورية مشتبكة معهم على مختلف الجبهات وبعد تحقيقِ اﻹنتصارات عليهم طلبوا الصلح تفادياً لخسائرَ أخرى فوقعوا معه معاهدة (مينغلور) وفق شروط السلطان تيبو ....

ولكن كعهدِ كل دولة وإمارة وسلطان هناك مؤامرات وخطط تحاك ضده وقد تمكن من إخمادِها والسيطرة عليها بطريقةٍ حكيمةٍ .. واستمرت فترة حكمِه بإهتمامِه بالشؤونِ الداخليةِ إضافةً للخارجية واعتنى بنظام الدولة وأسسَ جامعة علمية باسم (جامعة اﻷمور) وإنشاء المسجد اﻷعلى والمصانع والمعامل ..

ومن إنجازاته إرسالِه بعثة دبلوماسية الى الخلافة العثمانية آنذاك والتي يحكُمَها السلطان سليم لحصولِه على اﻻعتراف بوﻻيتِه فكانت تلك الشهادة مكممة لأفواهِ من يعادونه،،
لكن المؤامرات إستمرت من بعض الوزراء الى أن لقى حتفَه وهو يقاوم اﻹنكليز في قلعتِه بعاصمتِه (سري رنغا باتنم) حتى أخرَ لحظة ولفظَ أنفاسه اﻷخيرة وجسدَه مُثقل بالعياراتِ الناريةِ حتى إنهم عندما عثروا على جثتِه وجدوها ساخنةً وظنوا انه مازالَ حيا فقد كانت عيُونه مفتوحة . شيعت الجنازة في أجواء حارة مزدحمة بالناس .

وهكذا أُسدِلَ السِتار على بطلٍ يحتاجُ لذكرِ سيرةِ حياتِه صفحاتٍ كثيرة.. والذي غيرَ كُتب إحدى صفحاتِ التاريخ اﻻسلامي في الهند آنذاك ..