نفحات رمضانية بقلم:سلامة عودة
تاريخ النشر : 2018-05-16
نفحات رمضانية بقلم:سلامة عودة


نفحات رمضانية
يستقبل شهر رمضان بفرحة غامرة، فهو شهر فضيل يظللنا، ونشعر في رحاب أيامة بكسر لرتابة تكتنف مساحة الزمن، فتبدأ معه رحلة إيمانية تعمق الدعاء الذي يعطر الأفواه ليل نهار؛ إذ بعد انقضاء هذه الرحلة الإيمانية، يلهج من صامه نهاره وقام ليله بالدعاء نصف السنة أن يتقبل منه هذه العبادة ، وهذا الركن العظيم من أركان الإسلام، والنصف الثاني من السنة أن يبلغه الله رمضان القادم.
ولعل من سمات هذه الرحلة أنها تتناول المستويات المعيشية كافة، سواء أكانت دينية أم فكرية أم اجتماعية أم ثقافية، فالناحية الدينية تتجلى في الامتناع عن ملذات الحياة من مأكل ومشرب... بغية الوصول إلى الشعور مع الآخرين من جهة ، والوصول إلى حياة الملائكة، فالإنسان بين من يطلب الشهوة الدنيوية بشتى مشاربها، ومن يطلب العبادة وهي هدف الوجود، ويا لهف نفسي على حياة تنذر لطاعة الله بعد مغادرة متاع الدنيا الغرور، فيكون همُّ الصائم المعاملة الطيبة حتى لا يخرج من فيه ما يشوب صيامه من كلام يحاسب عليه، ويسعى لتسويق كلام يجني من ورائه رضا الله تعالى، فالحياة الاجتماعية مفعمة بالمعاملة الطيبة، ويكون سلاحه المتغلب على غيظه الصبر بالصاد، والصيام بالصاد، ليقول لمن أساء إليه: اللهم إني صائم، وفي الإطار الفكري يتبصر في الحكمة من الصيام، وماذا يعود عليه من منافع جراء هذا الصوم من الناحية الصحية ، وارتياح الجسد من ثقل جثم على معدته ردحاً من الزمن، ومن الناحية الثقافية نجد أن الصيام يخلق جواً من الأسئلة التي تفتق الذهن وتدفعه للبحث والتنقيب ، وسبب تناول ثلاث تمرات لا تمرتين، وفائدة أداء صلاة التراويح، وكيفية تناول الطعام على معدة فارغة، ودور الصحيح والسقيم في هذا الشهر، أما الناحية الدينية فهي عنوان هذا الصيام لنيل رضا الله ، والبحث في أصل الصوم بين الشعوب والديانات، وما أثر هذا الصوم في نفسية الصائم من الناحية الدينية، والوصول إلى الهدف من الحياة ،هي العبادة ، وزيادة في ميزان الحسنات بالعلم والعمل اللذان يستزيد فيهما المؤمن ، لكنه لايستطيع أن يزيد في عمره .
أما تركيبة العلاقات الاجتماعية فنجد صلة الرحم تتصدر هذا الشهر الفضيل ، فنجد التفكير بالزيارات العائلية ، ونبذ الخصام والفرقة ؛ إذ تتحلى به أيام هذا الشهر، والسهرات الرمضانية، والتفكير في موائد رمضان وحلوياته، وكأن الفرحة الغامرة تتجلى في تناول أشهى المأكولات ، والاستعداد للعبادة وتلاوة القرآن، ولسان حال الناس دنت صلاة العشاء، وسنشمر لصلاة التروايح ، كل ذلك في أسلوب رمضاني غاية في الروعة.
ومن يتفكر في الصوم ودوره في الحفاظ على تركيبة الحياة الصحية والاجتماعية يدرك أن مداد الاقلام تبقى سائلة في النسج على منوال مقاله ، وينتهي مداد القلم والمعنى لا يزال يطلب مزيداً من النسج