مع محمد منير وأغنية خايف - قراءة بقلم:خالد بطراوي
تاريخ النشر : 2018-04-22
مع محمد منير وأغنية خايف
قراءة
خالد بطراوي

أرسلت لي الصديقة لينا رابط لأغنية محمد منير بعنوان " خايف" وطلبت أن أختار ذلك المقطع في الأغنية الأكثر وقعا على النفس الانسانية.
عندما إستمعت أيها الأحبة الى الأغنية قررت صباح أول يوم جمعة أن اكتب تحليلا لها إذ أن كلماتها جميعا بعمق إحساسها تعيدنا الى أنسانيتنا في زمن إشتدت فيه الحروب والويلات والحصارات فكان لا بد لنا أن " نحاصر حصارنا " كما قال الراحل محمود درويش ذات يوم ونستهض أنسانية أنسايتنا من دواخلنا.
يبدأ محمد منير  أغنيته بالقول
" خايف أوعدك .. ما أوفيش
أقولك في .. تلاقي ما فيش"
ومن هنا نرى أن منبع خوف محمد منير منطلق من عنده وليس من عندها، ذلك المغني المتسم بالواقعية غير المحلق في المحال يؤكد أن منبع خوفه هو أن يقدم "وعدا" ولا يقوم بالايفاء به، ومن المهم أن نلتفت الى أن الوعد الذي يقصده ليس ماديا لأنه يؤكد أنه خايف أن يقول "في" وفي معترك الحياة المشترك تكتشف أنه "مافيش" لا حب ولا حنان ولا حياة مشتركة ولا حتى التفاهم على ألف باء العلاقات.
ويوضح محمد منير مقصده بالقول " وخايف لو قلتي بردانه .. اغطيكي بإحساسي .. ما تتدفيش" وهنا يقول لنا بوضوح أن المحبوبة لو أصابها البرد ، فلن يسرع الى تأمين وسائل التدفئة بدءا من "الحرام" الى "الصوبا" بل يريد أن " يغطيها باحساسه " لتشعر بالدفء يسري في جسدها حتى لو كانت موجة البرد قطبية. إن عمق الكلمات تعبر عن نفسها بنفسها، فالانسان يحتاج الى الدفء القادم من النصف الثاني، شريك الحياة، ولا تجدي أي محاولات " تدفئة" ميكانيكية طالما أنتفت التدفئة القادمة من الأحاسيس.
ويمضي محمد منير بالقول " دا انا قد كلامي اللي ياخدك .. من دنيا لدنيا ... أنا قدّوا " وهنا يؤكد لمحبوبته أنه من أولئك الذين يلتزمون بالوعد والكلمة وأنه يؤكد لها أنه بترجمة الأقوال الى أفعال سيتنتقل بها من دنيا لدنيا أخرى" لكنه في ذات الوقت يقول " لكن لو دمعك .. على خدك .. أحلامي معاكي حيتهدوا" بمعنى أنه لو بذل كل ما إستطاع ووجد أنها ذات يوم غير سعيدة وسالت دمعتها على خدها ، فان كل أحلامه سوف تنهار لأنه ببساطة لم يستطع أن يرتقي بعلاقته معها وبمسلكه بما يمنع دمعتها  فما بالكم لو بكت؟ اللهم إلا إذا كانت دمعة فرح.
ويطلب محمد منير من محبوبته أن تمنحه القوة بالقول " قويني وقولي .. إنك ليا ... علشان أتحمل لياليا .. وتعيش وأعيش " وهو بذلك يؤكد أن على الحبيبة أيضا أن تبذل مجهودا بتقويته والتأكيد على ترابطهما كي يستطيع إحتمال الليالي وتخفيف وطأة شعوره بالذنب والخوف وكي تعيش أحلامه وأحلامها وبالتالي كي يعيش هو حيث لا يستمد الحياة إلا منها.
ثم يقول محمد منير " دا أنا عمري ما قلت أني أنا خايف .. غير بعد ما قلبي إتمناكي .. محتاج أطمن مش عارف .. الخوف جواي وجواك " وهنا يعترف محمد منير أنه لأول مرة في حياته " يخاف" لكنه لا يخاف من بطش النظام والدولة والأجهزة أو القبيلة أو العشيرة أو غير ذلك، وأنما يخاف بعد أن التقى بالمحبوبة أن لا يعطيها " السكينة والهدوء والحب والاطمئنان" ويحتاج مع كل ما سيبذله من جهد مستطاع لتمتين العلاقة بينهما الى أن يشعر بالاطمئنان، لكنه فعلا غير قادر على ذلك فالخوف يعتمر في داخله كما في داخلها من أن العلاقة ما بينهما سوف تصل ذات يوم الى طريق مسدود.
ويختم محمد منير أغنيته بالقول "لو كنت صحيح بتحبيني .. ضميني بحضنك ضميني ... الخوف ما يجيش " وهنا يشكك محمد منير في حقيقة شعور محبوبته بالقول " لو كنت صحيح بتحبيني " فيطلب أن تحتضنه وعندها يزول الخوف، بمعنى أن العلاقة يجب أن لا يعمل عليها طرف واحد إذ أن رقصة التانغو تحتاج الى إثنين من الراقصين ولا يمكن أن تسمى "تانغو" إلا إذا تحقق التناغم الثنائي.
شكرا لينا للفت النظر الى الأغنية،سأتركم أيها الأحبة مع الكلمات وبالامكان الإستماع الى الأغنية ولحنها الهادىء المريح والحزين عبر وسائل الاتصال اللالكترونية في عالم أضحت فيه المادة تطغى على الإحساس.

 
خايف أوعدك .. ما أوفيش
أقولك ... في .. تلاقي  .. ما فيش
وخايف لو قلتي بردانه
اغطيكي باحساسي ..  ما تتدفيش
دا انا قد كلامي
اللي ياخدك
من دنيا لدنيا  ... أنا قدوا
لكن لو دمعك  ... على خدك
 أحلامي ..  معاكي حيتهدوا
قويني وقولي أنك ليا
علشان أتحمل لياليا
وتعيش وأعيش
دا أنا عمري ما قلت
أني أنا  خايف
غير بعد ما قلبي
إتمناك
محتاج أطمن مش عارف
الخوف جواي وجواك
لو كنت صحيح بتحبيني
ضمنيني بحضنك خبيني
الخوف ما يجيش