بنى المسيح على صخر كنيسته... ودولتي أنا أبنيها على حجر
تاريخ النشر : 2018-04-22
بنى المسيح على صخر كنيسته... ودولتي أنا أبنيها على حجر


بنى المسيح على صخر كنيسته... ودولتي أنا ابنيها على حجر

بقلم عيسى قراقع
رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين
يوم 15/4 دوت صافرات دولة اسرائيل مؤكدة انها لا زالت دولة محتلة، وانها نكبت الشعب الفلسطيني عام 1948 وطردت وهجرت واقتلعت السكان من قراهم واراضيهم، والاسرائيليون يحتفلون بما يسمى استقلالهم وانشاء دولتهم العابرة، والفلسطينيون يقاومون المنفى والنسيان والموت السياسي بحجر وكوفية ورصاصة وسحابة ماطرة.
بلادنا التي تعرضت للتطهير العرقي على يد العصابات الصهيونية ، شعبنا الذي انتكب في المذابح والموانيء وقيعان البحار وبؤس المخيمات ومعسكرات الاعتقال ، يطلق ايضا صافرته الاعلى، لم يضل طريق العودة، لم ينس قصته وحكايته، فاض دمه، خرج من الملاجيء والوصايات، ونجا من القذائف والابادة، وكان هنا ما سوف يكون: النصر او الشهادة.
عندما سمعت صافرات دولة اسرائيل التي تحتفل باحتلالها تحت عنوان (هناك سبب للتفاخر) ، تذكرت صافرات الانذار في السجن، استنفار لفرق القمع المدججة بالسلاح، وتراءى لي عمليات الاعتقال الجماعية للسكان المدنيين عام النكبة التي قامت بها المنظمات الصهيونية في القرى والمدن التي احتلتها ، زج المعتقلون في معسكرات ميدانية، اعدامات تعسفية تنفذ فورا، عمليات ابعاد خارج الحدود، وحسب تعليمات منظمة الهاجاناة الصهيوينة فإن مصير الاسرى العرب إما الطرد او التصفية ، وتتفاخر دولة اسرائيل الآن بانها دولة جريمة منظمة ما تزال تقودها عصابات مسلحة.
صافرات دولة الاحتلال لم تجعل العالم لايسمع ما يجري في المنطقة، دولة اسرائيل لا تنعكس مهمتها في خدمة شعب مدني متساوي وانما في خدمة شعب عرقي بيولوجي ديني عنصري وهمي مخترع من الناحية التاريخية كما قال البرفوسور الاسرائيلي شلومو ساند، تمارس الاقصاء والتمييز في حياته السياسية.
بعد سبعين عاما على النكبة لازالت اسرائيل تتفاخر وتحتفل بالاستيطان والاحتلال والقتل اليومي، تقدم النياشين للمجرمين والاوسمة، وتعتبرهم ابطالا قوميين ، تمارس القتل الجماعي بحق السكان في قطاع غزة ، ليرى العالم جثث الناس معلقة على الاسلاك في مسيرات العودة الكبرى، وليرى العالم القناصون على الحواجز وخلف المتارس والابراج يصطادون الناس بالرصاص، يحصدونهم كما حصدوا شهداء كفر قاسم عام 1956، وان لم يكتفوا يطلقون اطنان القنابل فوق البيوت الآمنة .
بعد سبعين عاما على النكبة ظلت السجون والمعسكرات تزدحم بالمعتقلين ، السجون هي نفس السجون، الجلادون هم نفس الجلادون، اعتقالات واسعة اطفالا وشبانا وشيوخا ونساء، مارسوا بحقهم اعمال السخرة، اخضاعهم وترهيبهم وكي وعيهم بالتعذيب والصدمات، وظل شبح الاسير يلاحق دولة الاحتلال، لهذا اعتبروا اعتقال مروان البرغوثي اجمل هدية في عيد استقلال دولة اسرائيل مع اسفهم انهم لم يجدوه رمادا في جرة، المحاكم هي نفس المحاكم ، القضاة العسكريون هم انفسهم القضاة العسكريون، لازالت دولة الاحتلال في حرب مع الضحايا الفلسطينيين الذين استعادوا حياتهم من جديد، تلاحقهم في النوم واليقظة.
صافرات دولة اسرائيل في ذكرى النكبة هي نواح البيوت المدمره والمنهوبة، نواح ينابيع الماء المسروقة واسماءنا الفلسطينية المشطوبة، وهي صافرات كارثية تشير الى 7000 اسير واسيرة وطفل يقبعون في السجون والمعتقلات الجماعية.
يبدو ان قادة اسرائيل لم يقرأوا ما كتبه الرئيس الاسبق للكنيست الاسرائيلي ورئيس الوكالة اليهودية أبراهام بورغ بان السجون ستكون دفيئة لاكبر كراهية عملت اكثر من اية مره ضد اسرائيل، اننا ابتلعنا بالكامل داخل التشابه المخيف مع أولئك الذين هربنا منهم مبادين مرعوبين.
كتب البروفسور الاسرائيلي ايلان بابيه ان الاسرائيليين غير قادرين على مواجهة ماضيهم الدموي الان، فبعد ان استكملت اسرائيل تطهير الفلسطينيين عرقيا فان معاناة الفلسطينيين لم تنته، اذا امضى 9000 شخص عام 1949 بكاملها في المعتقلات الاسرائيلية حسب اعترافات بن غوريون في مذكراته، وكشف بابيه عن عمليات نهب وسرقات واغتصاب للنساء وهدم للجوامع والكنائس في تلك الفترة.
الصافرات الاسرائيلية في ذكرى النكبة حبست هواء القدس، المتطرفون يعتدون على المساجد والكنائس ودور العبادة، وهناك فوق اسوار القدس وعلى بواباتها مسيحيون ومسلمون ومرابطون، يتنفسون في صلاتهم الجماعية فوق سجادة واحدة، هواء المئذنة يحركه شجر الكنيسة فتندلع العاصفة.

صافرات دولة الاحتلال في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني هي اعلان العار امام العالم الذي عجز عن إنهاء اطول استعمار في التاريخ المعاصر، لم يستطع المجتمع الدولي من تنفيذ قراراته الكثيرة بتمكين الشعب الفلسطيني من حق تقرير مصيره، لكن الارض الفلسطينية مشتعلة، الشهداء عادوا ، الاسرى كسروا القيود بالجوع والارادة، الاطفال كبروا ولم ينسوا، ظلوا امام المتاريس يهتفون للقدس والدولة والعودة والسيادة.
صدق سيمح القاسم عندما قال في ذكرى النكبة
وتهمسُ القدسُ في قلبي نبوءَتها
ويُشمسُ القلبُ .. ميعادا على قدرِ
ويُشًرقُ الله في روحي ، ويشرقُ في
ستر اليقين، يقينٌ غيرَ مستترِ
بنى المسيحُ على صخرٍ كنيسته
ودولتي انا ابنيها على حجرِ