هيمنة القوة الوحيدة بقلم:حيدر الصراف
تاريخ النشر : 2018-04-21
هيمنة القوة الوحيدة بقلم:حيدر الصراف


هيمنة القوة الوحيدة
كان ذلك بعد انهيار الأتحاد السوفييتي و زوال الكتلة الشرقية الأشتراكية الموالية له و تفكك حلف (وارسو) و اندثاره ظهرت الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة لا منافس لها و لا منازع و كان حلف الأطلسي رأس الحربة قويآ متماسكآ لا بل تضخم و توسع و استولى على عدة دول من حلف ( وارسو) المنحل و اصبحت امريكا و بغياب الند و الخصم المكافئ لها و الذي يحسب له حسابات كثيرة قبل الأقدام على أي عمل سياسيآ كان ام عسكريآ سيدة العالم بعد ان خلت لها الساحة و اصبحت اللأعب الوحيد في الميدان و الذي لا يرد له أمر حتى و ان كان على حساب مصالح الدول و الشعوب .
بعد تفكك الأتحاد السوفييتي الى دول عديدة مستقلة و انسلخت عنه دول المعسكر الأشتراكي المؤيدة له و غادرته و التحقت بحلف الأطلسي العدو السابق لهم و لم تكتف امريكا و حلفائها الغربيين من هذا الأنتصار المبين على الخصم القديم بل لاحقت حلفائه القليليين المتبقين امعانآ منها في الحاق الأذى و الذل به فكان ان تدخل حلف الأطلسي عسكريآ و بشكل مباشر في الحرب الأهلية اليوغسلافية و تمكنت من الحاق الهزيمة بالحكومة المركزية الأتحادية و تبعثرت يوغسلافية الى عدة جمهوريات قومية و اخرى دينية متناحرة و متنافرة فيما بينها و تتربص كل منها بالأخرى .
بعد ان أمنت امريكا و حلفائها الغربيين القارة الأوربية بأكملها و لم يتبق منها خارج ( السرب ) الا عدد قليل و غير مؤثر من تلك الدول التي امتنعت عن اعطاء ( البيعة المطلقة ) لأمريكا و حلف الأطلسي استدارت نحو حلفاء الأتحاد السوفييتي السابق فكان ( العراق ) من اوائل تلك الدول التي استولى عليها التحالف الغربي بعد ذلك الحصار الجائر و المنهك و تلك الحرب المدمرة و بعد ذلك جاء الدور على ( ليبيا ) و نظام ( معمر القذافي ) الذي كان يعمق الحفرة التي سوف يقع فيها لاحقآ بتلك السياسات الخرقاء و التي كان يتبناها و التي كانت محط استهجان و استغراب المجتمع الدولي و كان ان لم يجد احد يقف الى جانبه او يسانده و هو في لحظاته الأخيرة و في حالة الأحتضار و النهاية .
لم تجد الولايات المتحدة الأمريكية من يقف بوجهها و يضع حدآ لتصرفاتها فأستمرت في الطغيان و الدكتاتورية و كانت كل القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة تلك التي تعجب الأدارات الأمريكية المتعاقبة تأخذ بها و اما تلك التي لا تعجبها فهي تضرب بها عرض الحائط و تعلن ذلك صراحة دون خجل او وجل و كما حدث عندما غزت القوات الأمريكية ( العراق ) دون تفويض او حتى موافقة من مجلس الأمن الدولي المعني بحل النزاعات و التدخل العسكري المباشر ان تطلب الأمر من اجل حلها و هكذا هددت مؤخرآ في انها سوف تتخذ القرار ( المناسب ) تجاه سوريا ( الضربة العسكرية ) ان كانت تلك بموافقة مجلس الأمن الدولي او بدونها .
كان الجميع يترقب و يتأمل و ينتظر انبثاق قوة مؤثرة قادرة على الحد من الطموحات العدوانية للحكومات الأمريكية المتعاقبة الجمهورية منها او الديمقراطية و كان الرهان بالخلاص من الهيمنة الأمريكية التشبث بتلك القوى و ان كانت هشة و ضعيفة و لا حول لها سوى التهديدات الكلامية الفارغة و الصواريخ القديمة المتهالكة ( كوريا الشمالية و ايران ) عسى و لعل ان تصيب الرصاصة الوحيدة و الطائشة رأس العملاق الشرير و تطيح به ارضآ و لكن مثل ذلك لم يحدث و كما يبدو انه لن يحدث و ظلت تصريحات التهديد و الوعيد و الذي اعتادت عليها امريكا تراوح مكانها و لم تغادره .
كان لابد من قوة قادرة تقف حاجزآ و مانعآ و تحد من الطغيان الأمريكي المنفلت من العقل و المنطق و المهيمن بقوة المال و السلاح و المستبيح لكل الأعراف و القوانين الدولية ان تقف له تلك القوة القادمة بالمرصاد و تحد من تهوره و تعيده الى جادة الصواب الذي فقده ابان انفراده كقوة عظمى وحيدة يحق لها ان تفعل ما لايحق لغيرها و ذلك نوع من انماط الدكتاتوريات و الطغيان و التي تستفرد بالحكم و هذه المرة كانت الكرة الأرضية هي المعنية بالأمر فكانت الأنظار و الآمال معلقة على الطرف الروسي في التصدي للغطرسة الأمريكية و الحد من ذلك التفرد و التوحد و التوحش .
صراع الجبابرة في الساحة السورية التي قد تشهد الصدام الحقيقي الأول بين القوى العظمى منذ تفكك الأتحاد السوفييتي و تبعثر المنظومة الأشتركية و انتهاء الحرب الباردة التي وضعت اوزارها حين ذاك و مثل الحرائق الكبيرة و التي تبدأ من شرارة صغيرة كانت اغلب الحروب تبدا بكلمة و تأخذ بالتصاعد و الأحتدام حتى تنتهي بالحراب و السيوف و المدافع و الدبابات و ان كل الحروب مدمرة و ليس هناك من حرب شريرة و اخرى خيرة فكانت الحروب العدو الأول للأنسانية و ان كانت هناك حروبآ قد تجبر على خوضها بعض الشعوب مرغمة و ليست مختارة كتلك التي تقع ضحية للعدوان الغاشم .
جاءت الضربة العسكرية الأمريكية الغربية ( ضربة العربدة و الأستهتار ) على سوريا لتعزز الحاجة الى وجود قوة دولية تكون في الكفة الأخرى من الميزان كي ينعدل المعيار و يستقيم و ان لا تكون هناك قوة واحدة متفردة و مهيمنة على العالم كما هو الحال الآن فهذه القوة و مهما كانت محصنة من القرارات و المواقف الأرتجالية و الأنفعالية الا ان العنجهية و الغطرسة سوف تمتد اليها و تتعمق في شراينها و عند ذلك لاتجد الدول و الشعوب و التي تتعارض مصالحها و تتناقض مع مصالح القطب الأوحد من ناصر او مساند او معين ما يضطرها الى الخضوع و الأذعان و تنفيذ الأوامر الصادرة من الدولة العظيمة الوحيدة و من هنا كان وجود قوة عالمية ثانية توازي تلك الموجودة حاليآ من حيث القوة و المنعة و الموارد الأقتصادية امر ضروري و مهم جدآ في استتاب الأمن و السلم العالمي لجميع الدول و الشعوب ويضع حدآ و يقف بالمرصاد لمحاولات القوة الوحيدة في السيطرة و الهيمنة و فرض الأمر الواقع على شعوب العالم و ان كان ذلك عن طريق الحروب العدوانية و استباحة و احتلال الدول و قمع الشعوب .
حيدر الصراف