دعوا المقاومة السلميّة الفلسطينيّة وشأنها ولا تلوّثوها بخلافاتكم الفصائليّة بقلم: د. كاظم ناصر
تاريخ النشر : 2018-04-15
دعوا المقاومة السلميّة الفلسطينيّة وشأنها ولا تلوّثوها بخلافاتكم الفصائليّة بقلم: د. كاظم ناصر


الشعب الفلسطيني يقدّم الدليل تلو الآخر على أصالته وإرادته التي لا تقهر، وعلى تضحياته وصموده في وطنه وتمسّكه بأرضه، ويثبت للعالم أنّه شعب عنيد لم ولن يستسلم ويتخلّى عن حقّه أبدا، وسينتصر على بطش ومؤامرات الصهاينة والأمريكيين وشركائهم من العرب والمسلمين.
" مسيرة العودة " المباركة ليست صناعة فصائليّة، بل هي وليدة شرعيّة حقيقيّة لتجارب الشعب الفلسطيني النضاليّة الميدانيّة مع العدو؛ لقد أدرك الفلسطينيون بعد الهزائم المتلاحقة التي منيت بها الجيوش العربية أن هدف هذه الجيوش الرئيسي هو حماية الأنظمة وقياداتها العليا وليس تحرير فلسطين، وإن المقاومة الشعبيّة الجماهيريّة هي التي ترعب إسرائيل وستقود إلى إنهاء الاحتلال .
مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الصهيوني، وبكلّ الوسائل المتاحة، حق مشروع تبيحه له القوانين الدوليّة والقيم والأخلاقيّة الإنسانيّة الداعمة للحق والعدل؛ لقد جرّب الشعب الفلسطيني الكفاح المسلح وانتفاضات 1987 و 2000 وتعلّم منها ومن نتائجها الكثير؛ لقد قاوم بالسلاح والمال وقدّم قوافل من الشهداء، وإن ما يقوم به الآن من انتفاضة سلميّة لا يتعارض مع وسائل المقاومة الأخرى التي اتبعها منذ وعد بلفور حتى الآن، بل إن هذه الانتفاضة السلميّة ستوفّر له المزيد من الدعم السياسي على المستوى الدولي وستظهر إسرائيل على حقيقتها كدولة عنصريّة محتلة.
الفصائل الفلسطينية منذ قيامها وحتى يومنا هذا أخفقت في حلّ خلافاتها، وفشلت فشلا ذريعا في تشكيل جبهة مقاومة موحّدة مستقلة عن التدخّلات العربيّة، واختلفت أيضا في فهمها للمقامة ووسائلها، ومارستها بطريقة لا تخلو من رغبتها في التحكم بها لتحقيق مكاسب فصائلية تفرّق ولا تجمع، ولا تخدم مصالح شعب فلسطين وكفاحه للحصول على حقوقه.
نحن كفلسطينيين ضدّ الانقسامات والمزايدات والخطب والتصريحات الرنّانة الكاذبة التي قادت إلى انقسام وطننا منذ أحد عشر عاما ولم ينته حتى الآن؛ لا يمكن تبرير الانقسام، وعيب علينا كفلسطينيين أن نرى عدوّنا يقتل ويشرد ويضطهد شعبنا ويبتلع أجزاء من ارضنا كل يوم، ونحن منشغلين في خلافات فصائليّة في الوقت الذي يجب علينا أن نتنافس ونختلف على أنجع الطرق لمقاومة الاحتلال.
شهداء فلسطين تيجان على رؤوسنا جميعا؛ لقد جادوا بأنفسهم دفاعا عن فلسطين وابناء فلسطين ومساجد وكنائس فلسطين، وليس دفاعا عن فصائل مقدّسة أو علمانية، أو قيادات معيّنة؛ نحن نقول للقادة الذين يحاولون السيطرة على " مسيرات العودة " وتسخيرها لخدمة أهداف فصائلهم اتقوا الله فيما تفعلون وكفاكم كذبا ونفاقا علينا؛ دعوا المقاومة وشأنها وتوقفوا عن محاولاتكم للسيطرة عليها.
لقد مضى عليكم أحد عشر عاما وانتم تجتمعون ، وتتفاوضون، وعقدتم العديد من الاتّفاقيات التي لم تنفّذوها، وتدخل عددا من قادة العالم بينكم لإنهاء انقسامكم البغيض وما زلتم تصرّون على " المحاصصة والتوافق والشراكة والتمثيل " وتنسون الحقيقة المرّة وهي أن مدّتكم القانونية في الحكم قد انتهت، وأنّكم جميعا تحكمون بلا شرعيّة قانونية منذ سنوات طويلة، ولا يحقّ لكم التحدّث باسم الشعب الفلسطيني. اذا كنتم تحرصون على مصالح شعبنا عملا لا قولا، فلا تحاولوا السيطرة على المقاومة الشعبيّة السلميّة وتفشلوها كما أفشلتم غيرها، واسمحوا لشعبنا الذهاب إلى صناديق الاقتراع ليقول كلمته، وينتخب قياداته بحرّية ونزاهة، ويعيد توحيد شطري وطنه.
" مسيرات العودة " السلميّة إبداع انتفاضي فلسطيني شعبيّ جديد لا تستطيع إسرائيل إيقافه، ويجب أن يستمر وأن تدعمه جميع الفصائل وتبقيه بعيدا عن تدخلاتها وخلافاتها؛ هذه المسيرات الرافضة للاحتلال من الممكن أن تتطوّر وتنتقل إلى دول عربية لها حدود مع فلسطين المحتلة، وتفتح بذلك آفاقا جديدة لمقاومة شعبية واسعة يشارك فيها أبناء العروبة إخوانهم الفلسطينيين في التصدي للاحتلال.