زعامة آزفة ..!!بقلم:أ.حسين عمر دراوشة
تاريخ النشر : 2018-04-15
زعامة آزفة ...!!!
    عشق الوطن مغروس  في القلب ومغموس بأشهى الملذات وأعظم مشاعر الحب والحنان... هدوء  الفؤاد من سكون الموطن ونعيم ترابه وخيراته،  لقد انقسمت العرب إلى عربين وأصبحوا  لهم واديين ووسمين وكذلك قبيلتين.... الكل يفاخر  بتاريخه وأصله وفصله... وتناسوا الواقع وجرائره  لهثاً وراء المنصب والجاه والسلطان...  يجلس سلامة مع صديقه يوسف بُعيد العصر على إحدى التلال  المجاورة من مكان السكن، يتحدث سلامة وهو يتأمل:
شهوة الرياسة زهقت أرواح بريئة ... وسحقت أناس عزل لاحول ولا قوة لهم ... إنهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء...يهيمون في أرزاقهم ويكدون فيها ... لا ذنب لهم سوى  العيش والحياة...!
ينظر يوسف  مستغرباً  ومدهوشاً من هذا الكلام الغريب ... فرد قائلاً:
الكل في قطينه يقطن ...وما بعد الضيق إلا الفرج ... دعهم يلهون ويسرحون ويمرحون في ظلال النعيم الأسود... الذي صنعوه سيذقون وبال أمرهم، لقد ساء صباح المنذرين...!!
سلامة: يبدو أن النفس المطمئنة لا مكان لها تحت الشمس في هذه المناطق المنكوبة  بالسرائر الخبيثة  التي لا تكل ولا تمل... بل تكون في قمة نشوتها ولذتها عندما تتغذى بدماء الأبرياء؛ لتنسال  قطرات الدماء من بين الضروس والأسنان...!!!
يوسف: إنه لمنظر مرعب، اللعنة لكل الأشرار ...
سلامة: تباً لهم... ويطلق زفراته الحادة وشهقاته القاتلة...
يوسف: أجل، لقد انعدمت القيم  وروح الإنسانية عند أبناء القبيلتين...!!
سلامة: أبعدهم الله عن بلادنا وكفانا شرّهم ... وأنزل عليهم ما يستحقون... وبما هم أهل له...!!!
يوسف: سبحان الله، أصحاب العقول في راحة، ومن سواهم في تعب ومشقة... ألم يكن بينهم رجل حكيم ...!!!
سلامة: الحكماء كُثر ... ولكن...!!!
يوسف: الشياطين تملأ  الفضاء الرحب، والأبالسة أشد فتكاً... من الخباثة واللؤم والأنانية...!!
يتأمل سلامة وتذكر قصة تكبر إبليس وعدم سجوده لآدم، كيف يسجد لطين وهو مخلوق من نار؟، وبدأ ينشد قائلاً:
نسي الطين ساعة أنه طين *** حقير فصال تيها وعربد
إبليس أفضل من أبيكم آدم*** فتبينوا يا معشر الفجار
النار عنصره وآدم طينة *** والطين لا يسمو سمو النار
الأرض مظلمة والنار مشرقة *** والنار معبودة مذ كانت النار
سلامة: يسلم لسانك، إن السلامة لغنيمة ... !!!
يوسف: ربنا يسلم الجميع... ويكتب الخير  لمن أراد السلامة  يا شيخ سلامة...!!!
يعمل سلامة عقله في الأناشيد التي ألقاها يوسف وما زالت حية تسعى تقرع في أذنيه ... قائلاً:  آه... ما سمعته منك يخرج من الملة وقد يوسمك بالزندقة والردة...
يوسف: إنني أشك بكل الشعارات والأقاويل، لم يعد هناك شيئاً نحتكم إليه إلا وصلته  الأيادي الطائلة التي تحرف الكلام من مقامه والكلم عن موضعه...!!!
سلامة:  لا تنظر لما يقوله الآخرون عنك... دعك من البشر ... من راقب الناس مات هماً... احفظ الله يحفظك وإذا سألت فاسأل الله، والسؤال لغير الله مذلة...!!!
يوسف: ربنا يهدي  جيراننا في القبيلتين؛ لأن مراتعنا ومضاربنا في أمكان متقاربة حيثُ نحوس ونجوس... على اتساع رقعة الحمى... يكفينا أن نعيق الغربان، ونباح الكلاب الضالة التي تجوب أماكننا ومسالكنا... لم نعد نقوى على مقارعة النوازل والملمات...!!!
سلامة: الخيرة فيما اختاره الله...
يوسف: صحيح، ولكن البشر أجناس وعروق، والعرق دساس، لا تجعلني أخرج من ثوبي أو أرتدي من الأثواب ما لا يناسب مع سجيتي وطبيعتي ...
سلامة: لم أخطأ في حقك، أنت وشأنك ... مع السلامة... وانصرف...!!
يوسف: الذي يسقط من السماء تتلقاه الأرض، أو تتلقفه الطير... وماذا تأخذ الريح من أديم الأرض...؟!
شتان بين قبيلتين... لقد كفرتُ بكلتيهما... !!!