خوف إسرائيل على الضفة الغربية بقلم:عادل شديد
تاريخ النشر : 2018-04-15
خوف إسرائيل على الضفة الغربية .

عبرت الكثير من القيادات الإسرائيلية ، السياسية ، والعسكرية ، عن قلقها الكبير من احتمالية اندلاع مسيرات جماهيرية حاشدة في الضفة الغربية ، وذلك دعما لمسيرات العودة ، التي انطلقت في قطاع غزة ، في الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض ، وما يعمق الخشية والقلق الإسرائيلي ، هو أن الطبيعة الجغرافية، والسكانية الفلسطينية،  كما الخريطة الاستيطانية اليهودية ، الأمر الذي قد يؤدي إلى تداعيات ، واثار، اخطر بكثير على إسرائيل ، من الاثار التي تسببها المسيرات في غزة ،حيث يوجد أكثر من سبعماية ألف مستوطن يهودي ، إضافة لعشرات آلاف الجنود الإسرائيليين ، المتواجدين في قلب ثلاثة ملايين فلسطيني ، وعلى مساحة جغرافية اكبر بكثير من مساحة قطاع غزة ، مما قد يؤدي اندلاعها إلى انهيار تام في الحالة الأمنية في الضفة القدس وداخل الخط الأخضر ، مما سيخلط كل الأوراق الإسرائيلية .

ما يعزز قلق ، وخوف  إسرائيل ، هو أن استمرار المسيرات في قطاع غزة ، قد يؤدي إلى إحراج قيادتي السلطة الفلسطينية ،وحركة فتح في الضفة ، وزيادة الضغط الشعبي عليهم ، وتعميق حالة الاحتقان،  والغضب في أوساط الشارع الفلسطيني عموما ،وأنصار حركة فتح خصوصا ، مما سيفرض على  قيادة السلطة ،وحركة فتح ، السماح  بتنظيم مسيرات ،ومظاهرات، ستنطلق باتجاه المستوطنات اليهودية ، ومعسكرات،  وحواجز الاحتلال العسكري ، مما  يعني  حدوث تحول  ، وتغيير جذري  في الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية في الضفة ، والذي يمس ، ويضرب عصب دور السلطة من وجهة نظر إسرائيلية ، حيث أرادت  إسرائيل أن تحقق  من ضمن أهداف اتفاقية اوسلوا ،إحكام  الاحتلال الاستعماري العسكري،  والاستيطاني  الشامل لكل الجغرافيا الفلسطينية ، والتفرغ لتهويد مناطق ج والقدس ، والانتقال من الاحتلال العسكري المباشر للتجمعات السكانية الكبرى ، للاحتلال غير المباشر ، من خلال إيجاد مجموعة فلسطينية ستضطر لقبول التعايش مع الاحتلال والاستيطان ، وذلك عبر إقامة كيان فلسطيني  ( سلطة حكم ذاتي ، وليس دولة مستقلة ) ،يشكل حاجزا ماديا ، ونفسيا  ، ما بين الجماهير الفلسطينية من جهة ، وما بين القوات العسكرية الإسرائيلية ، والمستوطنين من جهة أخرى ، وان يتحمل هذا الكيان الفلسطيني ، مسؤولية أعباء حياة  الفلسطينيين ،بما فيها،  منع أي عمليات تستهدف الاحتلال العسكري، والاستيطاني ،ومنع وصول المتظاهرين الفلسطينيين من معازلهم، إلى الاحتكاك مع الاحتلال الإسرائيلي ، لا أن تقوم هذه السلطة بقيادة هذه المظاهرات ، كما هي الحال الآن في غزة ، وما تخشى إسرائيل حدوثه مع سلطة الضفة الغربية لاحقا ، في حال استمرت وتصاعدت المسيرات على الحدود المصطنعة لقطاع غزة ، والذي سيضع إسرائيل أمام خيارات معقدة جدا ، سواء في  استمرار المظاهرات في قطاع غزة ، والضفة الغربية وبما فيها  من استنزاف عسكري وسياسي وأخلاقي ، أو التفكير بإعادة الاجتياح الكامل للتجمعات الفلسطينية ، والقضاء على السلطة الفلسطينية ، بعد أن انقلبت على أوسلو ، وانتقلت من مشروع خدماتي إداري ، واقتصادي ، وامني  ، إلى مشروع مقاومة ،وكفاح  ، وانتهاء  بخيار  العودة لعملية سياسية مع القيادة الفلسطينية ، ستجد إسرائيل نفسها مضطرة لتغيير أساليبها ألمعروفه الاستعلائية المبنية على سياسة القوة فقط ، وما حديث اللواء العسكري المتقاعد في الجيش الإسرائيلي، اورن شاحور، حول دعوته الحكومة الإسرائيلية للتفاوض مع حركة حماس ، بشكل مباشر ، أو عبر قنوات عربية ، للتوصل لحلول ووقف المسيرات ، ومنع استمرارها ، وانتقالها للضفة الغربية ، لما لها من تداعيات سياسية ، وأمنية إستراتيجية ، على مجمل العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية ، كما العلاقة الإسرائيلية مع بعض الدول العربية ،وخاصة السعودية في ظل تلهف الأمير محمد بن سلمان  لإقامة علاقات قوية مع إسرائيل ،كما ان التسريبات حول قيام إطراف سعودية ، ومصرية بالضغط على حركة حماس من اجل وقف المسيرات ، يأتي في نفس سياقات البحث الإسرائيلي عن حلول سريعة للازمة الحالية ، بما يضمن عدم تسجيل انتصار، وانجاز كبير لحركة حماس ، وضمان وقف المسيرات ، التي أعلن منظميها أنها ستستمر وستتصاعد حتى الخامس عشر من أيار القادم ، وذلك في الذكرى السبعين لنكبة الشعب الفلسطيني ، وتزامنا مع الاحتفالات المستفزة  بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس .

تعي إسرائيل تماما ، أن تسمية المسيرة ، بمسيرة العودة الكبرى ، لم يكن قرار اعتباطيا ، أو متسرعا ، بل لقدسية حق العودة  لدى كل الفلسطينيين ، وفي مقدمتهم ، طرفي الانقسام في الضفة والقطاع ، حيث أراد المنظمون مشاركة واسعة في المسيرات ، وهذا ما جرى في الأسابيع الأولى ، حيث المشاركة الواسعة ، رغم التهديدات الإسرائيلية الكبيرة لمن يشارك فيها ، والتي  يفهمها الإسرائيلي جيدا ، أنها تؤكد فشل سياسة العصا   الخشنة الإسرائيلية  لكي الوعي الفلسطيني ، كما هي فشل، في سياسة الجزرة  الناعمة لاختراق الوعي الفلسطيني ، وإذا كانت الجمعة الثانية التي أطلق عليها المنظمون  جمعة الكاوتشوك ، قد أرسلت رسالة للإسرائيلي ، مفادها ، أن الأسلاك، والجدران  المحيطة بقطاع غزة ، لم ولن تمنع  من الوصول للاحتلال والاشتباك معه  ، وان كتلة الغيوم السوداء، التي غطت كل التجمعات اليهودية المحيطة في قطاع غزة ،قد أرسلت رسالة واضحة ، انه لن تبقى مياه، وأجواء، وبيئة غزة ملوثة لوحدها ، مما حدا بكل الإسرائيليين في تلك المناطق لأخذ  الاحتياطات لمواجهة الدخان المتصاعد من إطارات الكاوتشوك المشتعلة ، وإذا كان الإسرائيلي قد استوعب رسالة إعادة طرح حق العودة، والنضال الشعبي للوعي الشعبي الفلسطيني ، فانه يعي تماما أن الضفة أكثر تعقيدا وخطورة أمام مشروعه الاستيطاني التهويدي  في فلسطين ، ومشروعه التوسعي للهيمنة على المنطقة العربية برمتها ، وان قضية الانفجار باتت حتمية ، طالما،  أن هنالك شعب فلسطيني  مصمم على الحرية والكرامة .