معركة الكرامة دروس وعبر بقلم سمير سليمان أبو زيد
تاريخ النشر : 2018-03-20
معركة الكرامة دروس وعبر بقلم سمير سليمان أبو زيد


معركة الكرامه دروس وعبر
بقلم سمير سليمان ابو زيد
مساء الاربعاء 20/ اذار /1968 طلب عامر الخماش رئيس اركان الجيش العربي الاردني مقابلة الرئيس عرفات لامر هام وعاجل
التقى ابو عمار بالفريق عامر الخماش الذي اخبر القيادة الفلسطينية بان معلومات وصلت الى القيادة الاردنية ان اسرائيل ستقوم باجتياز نـــــهر الاردن واحتلال الكرامة للقضاء علـــــــى الفدائيين وكــان دايان قــــد اعلن بنفس الـــــيوم انه يدعــــو الصحفيين لتناول طعام الغداء غدا الخمـــــــيس في مرتفـــعات الســـلط وقال يومـــــهــا ان المـــقاومة الفلسطينية بيدي كـــالبيضة اكسرها متى اشاء .
قال عرفات بالحرف الواحد نحن سنتحدى اسرائيل التي هزمت الجيوش العربية قبل تسعة اشهر ولن نتراحع سننتمر واحد عن قواعدنا على طول الحدود .
في اليوم التالي وفي الساع’ الخامسة من صباح الخميس 21/3
1968 اجتازت اسرائيل نهر الاردن من ثلاثة محاور ولم يكن لدى المقاومة الفلسطينية اسلحة ثقيلة وكان تركيز الهجوم على بلدة الكرامة التي كانت معظم ابنيتها من طين وبدأ الطيران الاسرائيلي بالقصف الكثيف فدمر البلدة عن آخرها وقد لعبت قاعدة الشهيد الفسفوري في مزرعة سنقرط دورا استشهاديا كان الاول من نوعه في تاريخ الثورات حيث سجل الابطال وفي مقدمتهم الفسفوري نماذج فريدة من التضحية بتفجير اجسادهم بالدبابات الاسرائيليه مما اربك قيادة العدو .كما التحم المقاومون مع العدو من بيت الى بيت في شوارع الكرامة وغيرها .
الفريق الركن مشهور حديثة الجازي كان قائدا للـــــــــواء المدرع اربعين ومسؤولا عن اعادة تنظيم الجيش العربي الذي انفك عقده شانه في ذلك شان الجيوش العربية عقب هزيمة حزيران 67
اصدر اوامرة للقوات الاردنية المرابطة على طـــــول نهر الاردن ان تقوم بالتنسيق الكامل مع الفدائيين الذين امتصوا عنفوان الهجوم من خلال الاشتباكات الميدانية داخل الكرامة وفتح النار بمختلف انواع الاسلحة والتحم الدم الاردني بالدم الفلسطيني وحارب الجندي بالسلاح الابيض الى جانب الفدائي
استشهد 90 فدائيا من حركة فتح وعدد كبير من ضباط الجيش العربي الذين اصر عليهم الجازي بان يكونوا في المقدمة كما اسرت اسرائيل 63 فلسطينيا سجنت معهم في سجن جنين وتعرفت على احدهم الذي اصبح زميلا لي في الجزائر لاحقا .وهو الاخ محمد عثمان عبدربه .
ان من يكون ثائرا من اجل تحرير ارضه عليه ان يكون متحديا دائما فقبول التحدي اهم عناصر ارباك العدو والحاق الهزيمة به مهما كانت الامكانيات حتى ولو لم يحقق النصر لكن الاصرار على مواصلة التحدي يفقد العدو توازنه مهما كبيرا .
شعار تعلمناه منذ انطلاق الثورة وهو ( كل البنادق نحو العدو ) فقد كان هناك خلاف سياسي محتدم بين الحكومة الاردنية والمقاومة الفلسطينية لكن في الكرامه وضعت السياسة جانبا وانصبت كل البنادق نحو العدو الاسرائيلي وتحقق النصر الفريد من نوعه .
الامكانات المحدودة والطاقات المتواضعة والقوى البشرية القليلة عند التحدي والصود والمواجهة تزداد وتكبر وتنمو وهذا ما حصل بعد النصر المؤزر في الكرامة ولم تتمكن القيادة الفلسطينية من استيعاب المد الجماهيري والثورى المتلاحق عقب معركة الكرامة مباشرة وما زالت عبارة (الكرامة ميلاد والعرقوب حصاد )ماثلة امام عيني على ملصقها الملون الجميل .
كما ان الاردن تلقى الدعم الكبير والمتواصل من الاشقاء العرب عقـــب الصمود الاسطوري والخسائر الكبيرة في آليـــــات الجيش الاسرائيلي كما انه رفض وقف اطلاق النـــار الذي طالبت بـــــه اسرائيل لاول مرة في تاريخها الا بعد انسحاب آخر جندي اسرائيلي غربي النهر .
العبرة الاهم والدرس الاكبر الذي لم تاخذه القيادة الفتحاوية انها لم تستثمر النصر المؤزر والسمعة العالية التي حصلت عليها بعد الكرامة في توحيد قيادة العمل النصالي السياسي والعسكري فقد ولد بعد معركة الكرامة ثلاثة عشر تنظيما فدائيا معظمها كان يتبع دول عربية وله اجندات تختلف عن اجندة فتح الفلسطينية الخالصة وقد عانا الشعب الفلسطيني كثيرا من كثرة هذه التنظيمات حتى اصبحت الدول تتدخل في شؤون الثورة وتسبب الانشقاقات والانقلابات والتمردات على القيادة الشرعية .وقد ادى تزايد عدد المنظمات الى استنزاف قدرات الثورة والشعب الفلسطيني حيث بدأت تدب بينها الخلافات وتندلع الحروب والاشتباكات كلما دب خلاف بين الدول التي اسست هذه التنظيمات وقد ظلت قضية الانقسام في صفوف الفلسطينيين هي الجرح الذي لا يندمل والذي اتخذه الاخرون شماعة لعدم دعم الفلسطينيين .
قبل اندلاع الثور الجزائرية في الاول من نوفمبر عام 1954 كان في الجزائر اكثر من ثلاثين تنظيما سياسيا وحزبيا ولكن عند انطلاق الثورة انحصر النضال في جبهة التحرير الوطني الجزائري كجناح سياسي وجيش التحرير الوطني الجزائري كجناح عسكري اما عن الاحزاب الموجوده حاليا فقد ظهرت كلها بعد الاستقلال وان كان بعضها موجودا فقد كان في اطار الجبهة والجيش ولم يكن لاي حزب او فصيل قيادة او مرجعية خاصة او خارجية .