ضياع بين الأصالة والمعاصرة بقلم:عبدالعزيز عيادة الوكاع
تاريخ النشر : 2018-03-19
 ضياع بين الأصالة والمعاصرة

عبدالعزيز عيادة الوكاع

في مسألة التشبث بالأصالة والموقف من المعاصرة، تجدر الإشارة إلى أننا في حياتنا المعاصرة لسنا من العصريين بمقاييس الإنجازات العلمية والتقنية، ولسنا(مسلمين حقا) من حيث التدين والسلوك العملي . والسبب اننا لم نبحث بجد، عن الحلول،  والاسباب، والدوافع، التي دفعت الكثير من جماهير الامة، وشبابها، وقسم من مثقفيها،لارتداء عباءة الاسلام، في حين أنهم لم يطبقوا شيئا من الاسلام، وتعاليمه السمحة، التي اعطت فضاءا واسعا للحرية، وحثت على بناء الحضارة، والعلم، واوجدت حلولا لكل مشكلة، في كل زمان، ومكان.

ويلاحظ في هذا المجال، أن الكثير من علماء المسلمين اليوم، قد تحجرت عقولهم، فاغلقوا ابواب الاجتهاد،واكتفوا بالتضييق على المسلمين في حياتهم ، ورموا الناس بالفساد، والانحلال، دون ان يكلفوا أنفسهم وضع الحلول . ففي جزئية العنوسة، على سبيل المثال، والتي انتشرت في مجتمعاتنا اليوم لأسباب كثيرة، لم نلمس منهم، التوعية، والحث على الزواج، بأكثر من واحدة، تمشيا مع التوجيه الإلهي في قوله تعالى بهذا الخصوص :(فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع....)، كمعالجة شرعية، وانسانية، لمشكلة اجتماعية، جعلت الكثير من الشباب، يولي وجهه شطر الحضارة الغربية، لاشباع رغباته في فضاءاتها، فتركوا شباب الامة، وشبابها، في حيرة من امرهم، وانتشرت، بل وكثرت الارامل في بلداننا ، وانتشرت ظاهرة الفساد، دون ان يقدموا، او يجتهدوا في طرح حلول، بل انهم قد حجبوا انفسهم عن الولوج في هذا الموضوع المهم،الذي يتطلب منهم معالجات توعوية، وعملية باعتبارهم الدعاة إلى الهدى والصلاح.

ولاشك ان هذا الكبت الذي ولدته ظاهرة العنوسة، قد ولد انفجارا، في أوساط الشباب ، تمثل بالانبهار بحياة الغرب في مثل هذه الجزئية، فما بالك بالاشكاليات الأخرى. ولا ريب ان تقاعس علماء المسلمين، وفساد الأنظمة السياسية،وعوامل أخرى غيرها، قد ضيقت الخناق على الناس ، حيث تظافر تخلف ثقافة الشعوب العربية الاسلامية، التي قد خيم عليها الجهل،مع كل تلك العوامل، لتدفع بالشباب للهجرة إلى الخارج، فذابوا في اوساط، وبيئات اخرى، لينسلخوا عن قيمهم، ومبادئهم، في عملية استلاب واضحة.

ولاشك ان مسؤولية العلماء، والسلاطين كبيرة في الحفاظ على هوية التراث، ومواكبة العصر، من خلال اعتماد خطة شاملة، تستوعب حركة التطور، المرتبط باصالة الموروث الديني والحضاري للأمة في نفس الوقت ، وذلك تساوقا مع التوجيه النبوي الكريم(اثنان اذا صلحا صلحت الأمة واذا فسدا فسدت الامة وهما:العلماء والامراء)و؛(الناس على دين ملوكها)،كما في القول المأثور.