علبة الدواء الانيقة.. والسيارة الفارهة..والملعقة المفقودة بقلم: عبد الرحمن القاسم
تاريخ النشر : 2018-03-19
علبة الدواء الانيقة.. والسيارة الفارهة. .والملعقة المفقودة

بقلم: عبد الرحمن القاسم

-1-

علبة دواء ذو مظهر انيق كتب عليها باللغة الأجنبية ما يشير ان محتوياتها فعالة وخصصت للمرض او العلة سين او صاد. والعلة ان المعلول عفاكم الله ليس لديه يدين. ولا يوجد ملعقة لنسكب منها الجرعة المناسبة لشفاء المريض او على الاقل لا بقاءه على قيد الحياة او منع تفاقم حالته الصحية.....وحالة علبة الدواء كحال سيارة فارهة وممتدة لامتار سبعة او ثمانية. وتفنن المهندس الى جانب وضع الكراسي ذو الجلد المخملي بإضافة كل الكماليات وادوات الزينة والتبرج لسيارة فارهة, ولكنها بدون ماتور وفي احسن الحالات معطل.

-2-

حال علبة الدواء الانيقة والسيارة الفارهة حال الكثير من الدوائر والمؤسسات الحكومية والتي تعج بالموظفين وربما تكون مبنى حديث ومجهز بالاحتياجات اللازمة وهنا سنتجاوز مسالة وجود مدراء ومسؤولين اكثر من الموظفين القلائل والذين يحتاجهم العمل الميداني وذلك حديث اخر وله مقام اخر, واحقاقا للحق تجد بعض المدراء والموظفين المؤهلين ويحملون شهادات عليا واصحاب اختصاص والبعض منهم جاد او لديه الرغبة بإنجاز العمل ضمن صلاحياته واختصاصه وربما لديه رؤيا مستقبلية لتطوير العمل وترجمة الاستراتيجيات وليدة الورش والمؤتمرات وتعجبني مصطلح "برين ستورم" العصف الذهني والتي تضع حلولا ورؤي تحاكي الدول الإسكندنافية والنرويج والتي صنف مواطنيها اسعد خلق الله مؤخرا(من حيث الدخل والرفاهية والنظام والقانون).

العصف الذهني ونموذج السويد والنرويج...عند اول لتر بنزين او عدم وجود موظف ميداني او عدم وجود سيارة او خرابها ان وجدت يذهب ادراج الرياح. والحديث هنا يدور عن المؤسسات الدوائر الخدمية والتنفيذية والتي على تماس مباشر مع المواطن واحتياجاته وقسم منها له صفة الضبطية العدلية في انفاذ القانون والرقابة وعمل جولات ميدانية لمراقبة سير العمل وتلبية احتياج المواطن فعلى سبيل المثال لا الحصر او تعيين محافظة او مديرية بعينها فالمشكلة تكاد تكون عامة وبشكل نسبي ومتفاوت الاجهزة والدوائر الرقابية سواء الصحة الارشاد الزراعي...البيطرة. .العمل قسم التفتيش الميداني او مفتشي وزارة الاقتصاد او التعليم او حتى بعض اقسام الشرطة والدفاع المدني. وعمليا اغلبهم في لجان السلامة العامة ولجان السير واللجان التي يتطلب عملها الحركة والتواجد في الميدان.

-3-

وتتلخص المشكلة بضعف الموازنات المخصصة للعمل الميداني سواء بشريا او ماديا او ما يسمى لوجستيا فان توفر العنصر البشري  ضعف اللوجستي وان توفر اللوجستي ضعف البشري, فان توفرت سيارة لهذه الدائرة او القسم اما قديمة وصحتها معتلة وتحتاج الى مرافق دائم "الميكانيكي" ونتيجة حتمية فان عدم القيام بالمهام والجولات الرقابية الضرورية مبرر لعدم وجود او خراب السيارة, واحيانا فان الميزانية المخصصة لصرف الوقود للتحرك محدودة جدا. وان توفرت السيارة او صلحت في ذلك اليوم فان بعض الدوائر وكما اسلفنا ذات المهام الرقابية والجولات التفتيشية يأتيك الجواب لدينا موظف او اثنين ميدانيين وبالعامية " على مين او مين بدنا نلحق نتابع او نشرف"

-4-

  صحيح ان الامكانيات المادية محدودة. وان السويد او النرويج تبعد عنا خمس او ست ساعات طيران. وان العصف الذهني يشطح اكثر من ست ساعات. ولكن تلك الاحتياجات ومتطلبات العمل يجب ان تكون ضمن اولوية مجلس الوزراء والوزرات ذات العلاقة بان يتم توظيف كادر بشري يتناسب مع حجم العمل والمهام الموكلة كعمل ميداني ويتناسب مع امتداد الحدود الادارية لهذه المحافظة او تلك ومع حجم السكان والفئة المستهدفة بالخدمة. الى جانب تخصيص سيارة وفاتورة وقود مناسبة للتحرك وفق معادلة الكادر البشري وطبيعة المهام.

فعلبة الدواء واناقتها تحتاج على الاقل الى ملعقة لتناول الدواء. وكلكم يعرف ما فائدة سيارة فارهة بدون ماتور......؟