دولة الأبارتايد "القوانين العنصرية سياسة تنتهجها السلطات الإسرائيلية في الاراضي المحتلة"
تاريخ النشر : 2018-03-14
دولة الأبارتايد " القوانين العنصرية سياسة تنتهجها السلطات الإسرائيلية في الاراضي المحتلة "

بقلم /رائد محمد البرش-  محامي وباحث قانوني

تحاول دولة الاحتلال الاسرائيلي في خطابها الموجه للغرب أن توسق  لفكرة أنها دولة النظام والقانون، أو ما يعبر عنه بدولة الديمقراطية، و في كافة المحافل تسعى إسرائيل لترك انطباع لدى الدول الغربية أنها تحترم الأقليات "الفلسطينيين" بحسب زعمهم، المقيمين على أراضيها، وتحشد لذلك بفكرة أنها سمحت لهم بالمشاركة في صنع سياسة الدولة عبر ممثلين لهم في البرلمان الإسرائيلي "الكنيست"، كما وتزعم أنها أتاحت لهم المشاركة في المجالات المختلفة بحرية تامة " اقتصاد، ثقافة، دين،..."، هذا هو الوجه الذي  تظهر به إسرائيل للغرب، وتحاول دوماً التسويق له بالوسائل المختلفة، غير أن الوجه الآخر لسلطات الاحتلال يتمثل في رغبتها بالتخلص من التواجد الفلسطيني باتباع طرق عدة من أخطرها سن القوانين العنصرية، حيث اتبعت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة سياسة إصدار القوانين العنصرية لخدمة هذا الغرض، ولتكريس الاحتلال، ومنع إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة العام 1967، سنّ الكنيست منذ قيام الكيان الإسرائيلي وحتى العام الجاري "2018" عشرات القوانين والمراسيم الخاصة، منها قوانين دخلت مراحل التشريع،  بالإضافة لقوانين تم إقرارها نهائيا، وأخرى أقرت بالقراءة الأولى، ويجري إعدادها للقراءة النهائية، وعشرات القوانين مدرجة على جدول أعمال الكنيست في انتظار أن يجري المصادقة عليها ، جلها تركزت منذ قيام دولة الاحتلال على أبعاد استراتيجية عامة، مثل الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، والعودة، وضم القدس والجولان ، وصولًا إلى الفترة الحالية التي تتركز فيها القوانين على الحياة اليومية للفلسطينيين، التي تهدف من خلالها السلطات الإسرائيلية إلى تمتين الهوية القومية اليهودية، وضرب صمود وثبات الفلسطينيين ونضالهم الوطني، إضافة إلى مزيد من السيطرة على الأرض وفرض السيادة ،ان قيام سلطات الاحتلال بسن وتشريع مثل هذه القوانين ليس وليد اللحظة، بل هي منهجية متبعة منذ قيام دولة الابارتايد الاسرائيلية، حيث لا زالت الأحزاب الإسرائيلية تتبنى مبادرات بقوانين عنصرية هدفها كما عبر عنه رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو "منع قيام الدولة الفلسطينية"، وتتسابق هذه الاحزاب وأعضاءها إلى طرح مشاريع وقوانين عنصرية لإرضاء ناخبيهم، وحشد الرأي العام الإسرائيلي الذي يتجه نحو اليمين "المتطرف" لكسب قوة أكبر والمزيد من المقاعد في الدورات القادمة ، ويتضح من متابعة سلسلة القوانين الإسرائيلية العنصريّة الأخيرة أنها تستهدف الفلسطينيّ في الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل أراضي 48، وتهدف إلى تعميق التشرذم والانقسام والسيطرة على الأرض، وهذا ما يقود عمليًا إلى ضرب أي محاولة نهوض بمشروع وطنيّ فلسطيني جديد، وهو ما يتماشى مع سياسات المشروع الاحتلالي الإسرائيلي أولًا، ومع توجّهات الحكومة الإسرائيلية الحالية التي تسعى إلى استكمال المشروع الاستعماري وتسريع وتيرة تبدل النخب الإسرائيليّة نحو اليمين الصهيوني المتديّن ثانياً، وعلى الصعيد الاخر تستفيد إسرائيل وتكثف من سياساتها العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني نتيجة عدم استثمار السلطة الفلسطينية لعضويتها في الأمم المتحدة والمعاهدات الدولية، لردع إسرائيل عن مواصلة انتهاكاتها لحقوق الإنسان والقانون الدولي من جهة، والتحولات في البيئة الإقليمية من جهة ثانية، وبخاصة في ظل التقارب الإسرائيلي الحالي مع بعض الدول العربية في سياق السعي لتطبيع العلاقات معها، وعدم وجود موقف دولي ضاغط على إسرائيل من جهة ثالثة، مع إحجام المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات رادعة للسياسة الإسرائيلية، بل والتواطؤ معها في بعض الاحيان .