مسيرة العودة للتحريك أم للتحرير..!!بقلم: عماد عفانة
تاريخ النشر : 2018-03-14
مسيرة العودة للتحريك أم للتحرير...!!
كتب: عماد عفانة

لا تعد مسيرة العودة الكبرى التي تعد لها حماس ومعها مختلف القوى والفصائل في الداخل والخارج الأولى من نوعها التي تشهدها حدود فلسطين التاريخية.
فقد شهدت حدود فلسطين المحتلة في مايو 2011 مسيرات مماثلة من حدود الجولان حين نجح بضع عشرات من المتظاهرين ودون اعداد أو تخطيط مسبق في اجتياز الحدود المهترئة أمام جنود الاحتلال المرتبكين، حتى ان بعضهم نجح في الوصول الى قلب تل ابيب قبل ان يعيد الاحتلال ابعاده خارج الكيان العبري.
 لكن يمكن اعتبار مسيرة العودة هذه المرة، الأولى من نوعها منذ نكبة 1948م التي يتم الإعداد فيها لمسيرة شاملة للاجئين في داخل فلسطين وخارجها، لتنطلق في وقت متزامن وبحشد وكثافة وتحضيرات نوعية ستجعل الاحتلال في ارباك كبير.
 كثيرون يرون في مسيرة العودة حدث تأخر تنفيذه سبعون عاما هي عمر النكبة، لكن ومع ذلك يقولون أن تأتي مسيرة العودة متأخرة خير من ألا تأتي أبدا.
 كما يرى فيها آخرون شكلا مهما من أشكال المقاومة، لا يقل أهمية عن الكفاح المسلح الذي مارسه الفلسطينيون طريقاً نحو العودة والتحرير منذ النكبة حتى اليوم.
لا يحتاج الفلسطينيون تنظيم مسيرة للعودة ليؤكدوا قوة حماستهم وفعالية حيويتهم، بالتمسك بحقوقهم كاملة غير منقوصة في فلسطين التاريخية مهما طال الزمن أو تعاظمت الخطوب.
حيث يؤكد الفلسطينيون في كل حركة من حركاتهم على تمسك أجيالهم المتعاقبة سواء كانوا من اللاجئين أو من المنغرسين في أرضهم بحقهم في وطن حر، ويوجهون الصفعة تلو الأخرى على وجوه أولئك المساومين على حقنا التاريخي في وطننا السليب.
وفي الوقت الذي تخطط فيه إدارة ترامب الفاشلة والفاسدة في تمرير ما يسمى بصفقة القرن، ينخرط الفلسطينيون في شتى بقاع تواجدهم في مسيرات العودة في إعلان لا يحتمل التأويل عن فشل صفقة القرن التي تستهدف انهاء حق اللاجئين في العودة.
لا شك أن مسيرات العودة ستضع المجتمع الدولي بأكمله في حرج كبير، حيث أنه بات مطالبا أكثر من أي وقت مضى بتطبيق قراراته الأممية، وبتمكين اللاجئين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها وعلى رأسها القرار 194.
حق العودة ليس مطلب المحاصرين في غزة فقط وإن كانوا يمثلون اليوم رأس الحربة في التصدي لمخططات التصفية للقضية وانهاء حق العودة.
بل بات مطلبا ملحا للفلسطينيين في لبنان المسحوقين في كانتونات المعاناة.
ومطلبا أكثر إلحاحا، لفلسطينيي سوريا الملاحقين بالقتل والتهجير في كل لحظة.
ومطلبا لا يقل أهمية للاجئي الضفة المحتلة ولاجئي الداخل 48، في ظل تغول الاستيطان الذي بات كالأفعى التي تتلوى في جنبات الضفة تبتلع في طريقا كل شيء.
وسيساندهم في ذلك جميع اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين في شتى أصقاع الأرض، في سيمفونية متناغمة على إيقاع النشيد الوطني الفلسطيني، لا يلفت انتباه العالم فقط بل وتضعه أمام مسؤولياته، وترسخ ثوابت ربما كانت غائبة عن صانع القرار وراسم خرائط التقسيم في المنطقة.
لذلك ربما بات على منظمي مسيرة العودة الامعان جيدا لجهة إعادة النظر في سقفها وحدودها، لجهة رفعه ليصل اللاجئون إلى مدنهم وقراهم حقيقة ولا تقف المسيرات عند حدود فلسطين فقط.
لم يعد مطلوبا اليوم مسيرات لتحريك الرأي العام فقط، أو لإيصال الرسائل السياسية لهذا الطرف أو ذاك، بل بات ملحا ان يتم استثمار ذروة الغضب من نقل السفارة الامريكية الى القدس التي منحها ترامب هدية لا يملكها لكيان العدو، وأن يعمل ملايين اللاجئين على اختراق القوالب وكسر الحواجز، وأن يضعوا في سيناريوهاتهم المتوقعة تجاوز الحدود المصطنعة ومحاولة تحقيق حق العودة بصدورهم العارية، وأن يرى العالم كل العالم كيف سيتعامل الكيان المحتل - وأمام كاميرات الإعلام وفضائيات البث المباشر- بمخارزه الدامية مع الكفوف والصدور العارية.
حيث يقول المثل الشعبي "الكثرة غلبت الشجاعة".