إلى أمي الفلسطينية في فلسطين، في يوم الأم بقلم:جعفر المعايطة
تاريخ النشر : 2018-03-14
الى أمي الفلسطينية في فلسطين، في يوم الام


في يوم الام الفلسطينية، اماه لك لقد جددنا العرب عامة والاردنيون خاصة جددنا اصدار اقامة دائمة لك (امنا -الام الفلسطينية - في فلسطين) في قلوبنا، اماه في فلسطين لقد نحتنا لك تمثال من ياقوت وماس واستبرق في محاجر عيوننا، اماه في فلسطين نعم لقد رسمنا لك لوحة هيبة على جدران الشرف، نعم لقد سموت وعلوت بفلسطينيتك وكذا الايام، اماه في فلسطين اسكني وابقي في قلوبنا كقدوة واسوة تعيش فينا !
اماه اهلاً وسهلاً بك، بك هلَّ الربيع وحل قطاف الزهور، لمثلك تهتز الضماير، ولمثلك ترتفع اشرعة النضال من جديد، اماه في فلسطين ان سر اختيار امومتك قدراً الهياً عظيماً، فعَظُمَ شأنك بشأنِهِ !
اماه، انت الام التي تقطعت اوردتها في سبيل تغذية شرايين الوطن، اماه يهتز العالم تحت اقدامك، اماه في فلسطين السليبة تهتز العروش لصرخات طلقِك، اماه في الارض المحتلة تنشق ارض المعمورة تحت خفش نعليك، اماه في غرب النهر الناصع تصدع المآذن واقرع اجراس الكنائس، وتهل السحب جبراً لخواطرك، امي (الام الفلسطينية) في ارض فلسطين الساحرة العظيمة، وتبقى الام الفلسطينية (في شتى انواع المعمورة ) خالدة بخلود الدهر حتى يرث الله الارض ومن عليها !

كم عظيمة انت ايتها الام الفلسطينية وبلا مقارنة ! ها هي كرامتك كرامة رسل وكتب سماوية، كيف لا، وانت ام لابطال خضبوا الارض بدمائهم الزكية النقية؟ كم عجيبة انت ايتها الام الفلسطينية، يشتد عجبي وانت ام تنجبين الرجال الرجال الابطال والشهداء ؟

كم مباركة انت ايتها الام النضالية المناضلة، فأنت في ارضك نعمة، ويوم مولدك نعمة، وولادتك نعمة، ونعمة في طفولتك، ونعمة في حلك ورحلك، ونعمة في قلك ووفرك وظلك، نعمة خيمت كل النعم، فانت نعمة الماضي والحاضر والمستقبل !

اماه في فلسطين، كم انت مربية، وبلا مقارنة مع مربيات الاجيال، وانت تربين اجيالاً على الشهامة والكرامة والشموخ والكبرياء، كم طويلة وعملاقة وشامخة انت ايتها الام وانت تغرسين الشموخ والاباء والأنفة والمجد والسمو والسماوة في مهج امهات فلسطين، امهات لا حول لهن ولا قوة الا المنعة والكبرياء !

كم عابدة، صابرة، صامدة، مؤمنة انت ايتها الام الفلسطينية القرآنية، لقد حَمَّلوك وكلَّفوك اكثر مما لا تتحملين، وانت سيدة المحامل كلها منذ إذ ؟
كم رحمانية انت ايتها الام العربية الفلسطينية، كيف لا واسمك مرتبط بمسرى نبي الديانة المحمدية "عليه الصلاة والسلام " ومولد عيسى عليه السلام ومقيل الانبباء كلهم عليهم السلام، والجنة تحت اقدامك، وانت جنة فعلاً ومن اهل الجنة نفسها !
كم طاهرة وطهور انت ايتها الام في فلسطين، تماماً، ثم تزدادين وتزدانين في كل يوماً طهارة ومقدسية وقدسية، ولا تدخلين بيتاً، ولا تطئين موطئاً، ولا تنزلين منزلاً الا وباركته بالفطرة والموروث، يا ابنة البيت المقدس !

نحن ابناء يعرب نعانق الأرض تحت نعليك، ونشعل مصابيح الدجى من دمعك، في القلب مكانك وبين الجفون كالاثمد والكحل القرمزي !

أمي في فلسطين، سقطت الكلمات واعتلى الصمت، في يومك وكل الايام ايامك، عذراً يا عمان فالقدس أصبحت عاصمة النور والبخور، فرائحة دماء شهدائها أزكى من عطور باريس والدنيا كلّها وازكى من مسك الغزال !

اماه في فلسطين تزدحم الكلمات في وعلى احبال واوتار صوتي عزةً، وتتلاطم المفردات على لساني انفةً، تؤازرها غصّة لا تفارقني، تماماً كما انينك وتنهيدات ازيز قلبك التي تتسارع كلما مرت قوافل الشهداء الأبرار امام ناظريك وامام مخيلتك !
اماه، سأبقى أكتب اليك في فلسطين، وتبقين انت في فلسطين ام الامهات، ستبقين اماه رمز الإباء والصمود، هذا هو قلمي اماه يكحل عيناك الحزينة، يا محور دوران الارض، يا بوابة السماء، يا شجرة الزيتون ويا عطر الدحنون، اماه يا ام الصقور يا شاهينة الجبال، يا ام الأسود، يا هيبه الحروف وخجل الحتوف، يا من يخشاك صراخ العسكر، ويهابك صوت الجلاد، ويخر تحت رمانة كاحلك السجان لانك هيبة قدرهم !

يا ام الارض المحتلّة، يا ام الروابي المبتلّة، با ام الصدر الخيمة، يا ام صبرا وشاتيلا، يا ام اللاجئ والنازح يا ام المعتقل والاسير يا ام امل العودة !

اماه يا من طرزت شجر البرتقال بكفنٍ، ولبست فوق سود الحداد هدب الكوفية، وودعت شهيد الارض بزغرود، ومع كل شهيد يعلو نحو الفردوس هناك شهيد آخر، يا من تعصرين الطين ماءً وتشقين الارض خبزاً !
اماه انت الهوية ورصاص البندقية انت الثورة والثائر والحرية أنت يا عربية النسب والحسب والبيت الطين والحصير والسقف القصب، أنت "اماه " انت تضحيات الوطن في كتب الحكايا والروايا، لقد خلقك ربي الله وجعلك في أحسن تكوين، وزدت الارض شرفاً وتشريفاً، فحطك وأعمرك في تلك البقعة المقدسة من الواد الايمن، تحييك الشمس كسوفاً، والقمر عطفاً خجِلاً منك مكسوفاً، اماه، انت نصف حكايتي وقصتي، ونصفك الآخر جرح دفين في قلبي، اماه انت الفصل المسلوب والثغر المنهوب في ذكراتي !

اماه يا خائطة الاكفان، يا منفية المكان، يا جليسة الاحلام والايام، يا بوابة التاريخ والمجد، ويا إشراقة النصر والتحرير، يا قدري ويا فكري، اماه سيلج النور في دارك الميمونة يوماً، هيا أيها التاريخ اركل باقلامك تحت مداس امي كل الانفس الرخيصة، واغرس الرمح في الكبود الدنيئة، وبشر امي بنصر عذب وابعث فينا مجداً تتحدّث عن امي في فلسطين فيه الرجال !

هيا ايها التاريخ قم وانفض باحبارك غبار الزمان الذي ماتت فيه الضمائر. اماه صبراً ونصراً مِن الله وموعدك اماه الجنة، لكَ الله يا ام الامهات في فلسطين لكَ الله !

اماه، سيشرق فجرك فوق الربى، وستُحَنين اصابع قدميك وراحتيك بنور ودر منثور، ويعلو مفرق رأسك اكليل الزهور وتاج العروبة والاسلام والايمان والقرآن، ستتمخترين بحيفا ويافا وعكا واللد والناصرة والجليل وكل الثغور، ستستنشقين رائحة الارض والانسان !

عذراً اماه، نعلم ان في قلبك الف طعنة وطعنة، عذراً اماه، ونعلم ان في تضاريس ارضك وبستانك الف دمعة ودمعة، وعذراً اماه، نعلم انك انت من تحملين وتضيئين للامل الف شمعة وشمعة، وكل عام وانت بخير، والقدس بخير، وفلسطين وترابها وهضابها وضبابها وشبابها بالف خير، واليك مني هذه الابيات وعذراً للتقصير :-

الى أمي في فلسطيـن بالله عليك لا تبكي فتبكيني
بالله عليك لا تُهيجي قلبك فيشجيني وعنك يلهيني
اماه عذراً يا من بالعزة لماء الحناظل فقط تسقيني
وابي يجاريك فأموت على صدرك فارثيك ثم ترثيني
اماه صنيعة يداك ومن قال ان الحياة فاصل يعنيني
اماه انت سهم في كنانتي علميني اماه لكي تراميني
اماه على خطاك دنوت ان لم احكيك فمن يحاكيني
اماه سميتني ثائر ومسماي دلالة وانت من تسميني
ليس غريب وبمحياك مهابة ولهيبة امي كثرُ يهنيني
صرخت اقلمي وكذلك طيفها الهميني اماه الهميني
اعذريني اماه اعذريني فد فاض شوقي اليك وحنيني

ابنك جعفر المعايطة
من الاردن
المواطن الاردلسطيني