إستهداف موكب الحمدالله "حجر في المياه الراكدة" بقلم: أشرف صالح
تاريخ النشر : 2018-03-14
إستهداف موكب الحمدالله "حجر في المياه الراكدة" بقلم: أشرف صالح


إستهداف موكب الحمدالله "حجر في المياه الراكدة"
بعدما كانت المصالحة في بدايتها كأمواج البحر التي تصارع الصخور تحولت فجأة إلى مستنقع من المياه الراكدة لأكثر من خمس شهور . وفي صباح هذا اليوم الذي فاجئ الجميع وهو عملية إستهداف موكب رئيس وزراء حكومة الوفاق الدكتور رامي الحمدالله ومعه رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج تحركت المياه من جديد لتتدفق الأمواج في كل الإتجاهات . ومن هذه الإتجاهات تتولد المواقف السلبية والإيجابية معا . فالنتائج لا زالت قيد الوقت . ولكن ظروف وملابسات الحادث تؤكد لنا أن الإنفجار ليس مقصود منه إغتيال رئيس الوزراء أو حتى رئيس المخابرات . بل المقصود منه تعطيل مساعي المصالحة وزرع الفتنة بين جميع الأطراف . وعندما ننظر الى الحادث من زاوية أمنية نجد أن من يستطيع زرع عبوة أو أكثر على طريق صلاح الدين المزدحم بالمركبات وأيضا لا يخلوا من دوريات الأمن ورجال المقاومة لأنه شارع ذات أهمية كبيرة في غزة قادر على أن تكون عمليته ناجحة إذا كان المقصود منها الإغتيال . لأنه بكل بساطة من هو قادر على زراعة لغم صغير هو قادر أيضا على زراعة لغم كبير وفعال وكفيل أن يفجر منطقة كاملة . ومن هو قادر على تحديد الزمن ليستهدف نهاية الموكب قادر أيضا على تحديد الزمن ليستهدف عمق الموكب لضمان تفجيره كاملا . فالتحليل المنطقي للحادث يشير إلينا بأن الغرض من الإنفجار ليس الإغتيال بل هو ضرب للمصالحة وزرع الفتنة وتشتت الافكار وكسب مزيد من الوقت الذي قد يؤدي الى إفشال المصالحة .
بعد الإنفجار إشتعلت وسائل الإعلام بالتصريحات والبيانات والإتهامات . ومن وجهة نظري أنها تصب في صالح المصالحة لأن الجميع أدرك أن الإنفجار جاء بهدف إفشال المصالحة . وجميع الأطراف باتت تدرك جيدا أن عامل الوقت أصبح مهم جدا لإنجاز المصالحة وسد الأبواب في وجه من يريد إفشالها . وهذا دليل واضح بأن ما ذكرت في السياق منطقيا وهو فعلا الإنفجار يشبه الحجر الذي نلقيه في المياه الراكدة ليدفعها إلى الأمام . فنحن بالفعل بحاجة إلى هذا الحجر وإن كانت نوايا الفاعل خبيثة ولكن "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ" .
فنحن كبشر نستطيع أن نحول الشر لخير إذا كانت نوايانا صادقة وأهدافنا واضحة . فيجب أن يتحول هذا الحادث إلى دفعة لعجلة المصالحة . إن الحوادث دائما تتكون من جزئين وهما . الوسيلة والغاية . فإذا كانت الوسيلة قد نجحت نوعا ما بتنفيذ الإنفجار فيجب أن نكمل نحن المهمة وهي الغاية التي تهدف إفشال المصالحة ونحولها إلى إنجاح المصالحة .
من الطبيعي أن يكون تداعيات للحادث والجميع بإنتظارها وهي رهينة الوقت . فأتمنى أن لا تتجسد هذه التداعيات في المناكفات السياسية والإتهامات المتبادلة والتراشق الإعلامي فهاذا يحقق أغراض وأهداف الجاني الحقيقي .
أعتقد أن من المبكر جدا أن نشير بأصابع الإتهام لأي جهة لأن الأحداث لا زالت ساخنة ومتجددة . فإذا كان الجاني الحقيقي يمتلك من الذكاء ما يجعله يزرع عبوة بكل سهولة فلا أعتقد أنه كان ذكيا في مسألة تحديد الوقت والزمن . لأن تحديد الزمن أثبت للجميع أن هذه العملية تستهدف جهود المصالحة . وتحولت العملية من عبوة ناسفة إلى حجر ألقي في المياه الراكدة لتتحرك وتحرك معها جميع الأطراف لإنجاح المصالحة بأسرع وقت ممكن .

الكاتب الصحفي : اشرف صالح
[email protected]