1.5 درجة مئوية: تحدّي المناخ القادم بقلم: أشرف الشيباني
تاريخ النشر : 2018-03-13
1.5 درجة مئوية: تحدّي المناخ القادم

يعتبر تغير المناخ أحد التحديات الرئيسية التي تؤرق مضجع العالم نظرا لتأثيراته الوخيمة على مستقبل الأجيال القادمة، خصوصا في ظلّ التفاوت في التعاطي مع هذا الأمر بين الدول النامية والدول المتقدمة.
إذ تطفو إلى السطح أدلّة مقلقة عن تحولات هامّة تشهدها النظم البيئية والمناخيّة في الكوكب، كما تشهد درجات الحرارة ارتفاعا ملحوظا وأصبح الجفاف أمرا واقعا في العديد من الدول فضلا عن آرتفاع مستوى سطح البحر في مختلف أصقاع المعمورة.
في هذا الإطار، رغم أنّ معظم الدول قد توصلت في المؤتمر الحادي والعشرين في باريس إلى اتفاقية تاريخية لمكافحة تغير المناخ، وتسريع وتكثيف الإجراءات والاستثمارات اللازمة لتحقيق مستقبل مستدام منخفض الكربون ، إلا أن تعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ يبدو محل شك في ظلّ عدم قدرة عدد كبير من الدول النامية عن مواكبة الجهود المبذولة في هذا الصدد .
هذه النظرة المتشائمة بعض الشيء يعزّزها تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة التي اعتبرت في تشرين الثاني الماضي أن عام 2018 سيكون واحدًا من أكثر ثلاثة أعوام حرارة.
لمواجهة هذه التحدّيات، تعتبر المنظمات البيئية أنه يجب على الدول العمل على خفض الانبعاثات الملوثة للبيئة، والمسببة للاحتباس الحراري إلى 42 مليار طن للحد من ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية إلي ما دون 2 درجة مئوية، مع اعتبار 1.5 درجة مئوية كمعيار مثالي.
لتحقيق هذا الهدف ، لا بدّ من القيام بجملة من الإجراءات العاجلة لعلّ من أهمّها وضع الآليات القانونية والعلمية والعالمية لتشجيع الدول على التوقف عن حرق الوقود الأحفوري وتوفير التمويل وتقديم المساعدات الفنية وتبادل المعارف للتوجه لمصادر الطاقة المتجدّدة علاوة على تقديم العون للدول الأكثر فقرا لإنشاء بنية تحتية قادرة على مجابهة آثار تغيُّر المناخ وهو ما سيؤدي إلى تثبيت مسار تنمويّ منخفض الانبعاثات الكربونية. من ناحية أخرى ، يجب على وسائل الإعلام العالميّة التحسيس بالعلاقة الوثيقة بين إنهاء الفقر المدقع والتصدّي لارتفاع معدل درجة الحرارة عن 1.5 درجة مئوية والتشجيع على تضمين تحدّيات التغيّر المناخي في التشاريع والسياسات والترتيبات المؤسسية لمختلف دول العالم.
إضافة إلى ذلك، من الضروري حثّ الجهات المانحة (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي …) إلى ربط المساعدات التي تمنحها في قطاع الطاقة بإقامة محطات تعمل بالطاقات المتجددة بنسبة 100٪  وتغيير صيغة القروض الموجهة لإرساء منوال طاقي قائم على المصادر البديلة (الطاقة الشمسية و الكهرومائية وغيرها ) إلى حوافز آستثمارية.
لا يقتصر الأمر على هذه الجهود ، إذ يعتبر اعتماد “الحلول المناخية الطبيعية”، مثل المحافظة على الأراضي وإعادة إحيائها وتحسين إدارتها من أجل زيادة تخزين الكربون أو تجنب انبعاثات الغازات الدفيئة في المناطق الطبيعية من أكثر الطرق الواعدة للتخفيف من حدّة التغيّرات المناخيّة.
تقوم هذه الحلول على حماية “الغابات الحدودية”، الحثّ على الإصلاح الزّراعي و دعم الابتكار في تخطيط الأراضي الطبيعية وتحليل التربة والريّ وحتى البروتينات البديلة مثل اللحم النباتي  والتي تجعل الزراعة واستخدام الأراضي أكثر استدامة. في هذا الإطار ، أجمع أكد قادة العالم في اجتماع الأمم المتحدة حول التغيّر المناخي في نسخته الأخيرة بألمانيا إلى أنّ العالم لا يستطيع أن يستجيب بالقدر الكاف لارتفاع درجات الحرارة إذا استمرت الحكومات في تجاهل كيفية إدارة الغابات والمزارع والسواحل.
ختاما، إن التكيّف مع التأثيرات النّاتجة عن التغيّر المناخي سيكون أكثر صعوبة و كلفة إذا لم يتم القيام بإتخاذ إجراءات جذرية أكثر صرامة منذ الآن لأن أي تهاون سيجعل مستقبل الأجيال القادمة على المحك.