اعتَزِل ما يؤذيك بقلم: سنابل الغول
تاريخ النشر : 2018-03-13
اعتَزِل ما يؤذيك بقلم: سنابل الغول


(اعتَزِل ما يؤذيك )

بقلم: سنابل الغول
كلنا مررنا بمواقف أذت مشاعرنا وكسرت خواطرنا بشدة ، أنهكت جدران قلوبنا وأبهتت بريقٌ من أرواحنا ، وسحقت معها شيئاً جميلاً كنا نسعى جاهدين لأن نحافظ عليه من أي تشوّه قد يصيبه ، ولكن فوجِئنا بأن محاولاتنا باءت بالفشل وذلك لسبب واحد وهو أننا صبرنا على الأذية ، نعم !!
أنا لا أعني القول بأنه يجب أن نؤذي مَن أذانا أو ألا نَصبِر على ما يُصيبنا ، ليس هذا ما عنيتُه مُطلَقاً ، ولكن في كثير من الأحيان يكن صبرنا على الأذى وبقاؤنا في أماكننا دون أن نُحرّك ساكناً هو استسلاماً ليس إلا ، وذاك الاستسلام عواقبه وخيمة ، فهو حتماً سيستنزفُ قوةً بداخلنا ويضعفنا شيئاً فشيئاً ، وسيسحق معه جمالاً وتوهجٍ في أرواحنا بانسيابيةٍ مخيفة بعدما كنا نتباهى بامتلاكنا له ، فـَنستيقظ بعدها لنجد بأننا لم نعُد قادرين على مواجهة أو تحمُّل أي صِعاب تواجهنا في رحلتنا التي لم نَرَ سوى بدايتها .
فنقف وقتها عاجزين عن فعل أي شيء نشعر وكأننا أضعنا وخذلنا أنفسنا ،  نناجي الله بمعجزةً لنستطع مواصلة سيرنا وخوض غمِار الحياة ، وَ كل هذا لمَ ؟!!
لأننا واصلنا شئ كان من المفترض أن نضع له نقطة .
لأننا تشّبثنا بشدة في شئ سراب حتى شُلَّت حواسنا وفقدنا الشعور، أهدرنا قوةً في أعماقنا دونما وعي ،  لأننا لم نمضِ بقوة تاركين كل حُطامٍ خلفنا ، مفكرين بأنفسنا و غير مُبالين ، لأننا كنا باختصار طيبين حد السذاجة .
ظنّنا بأن صمودنا ومحاولاتنا الحثيثة لتحمل الأذى وعدم خسران ما أردناه يوماً بشدة ، سيجعلهم يدركون قيمتنا والرجوع لصوابهم ، ولكن لا !!!
لقد أذونا وَهُم بكامل وعيهم ورضا ضمائرهم ، كانت مصالحهم وراحتهم فوق أي شئ وكل شئ ،
وفي المقابل نحن بمحاولاتنا ألا نخسرهم كنا نخسر بداخلنا جمالٌ لم ولن يُشتَرى ، خسرنا قوة أرواحنا ، استنزفنا وأهدرنا طاقاتنا في المكان الخطأ ، تسببنا بِكَسر خواطرنا بشدة ، وقهرنا أرواحنا ، دون أن نُدرِك بكم الأذى المُلقى على كواهلنا ، تسببنا بكل ذلك ونحن على كامل الحرص بألا نتخلى عن غيرنا أو نتسبب بإيذاء أحد فَـلَم نُؤذِ سوى أنفسنا ،
فأصبح داخلنا هشٌّ لدرجة أن نظرة قد تُبكينا ، ومزحة عابرة قد تقهرنا ، وأنّ الفضفضة أصبحت شئ يُرهِق أعصابنا ، والدمعة على حافّة المُقلة ،
فـَ نظُن بعده بأننا خسرنا كل شيء ، ولكن لا !!!
هنالك توهُج في أرواحنا لا زال يشع من خلف الندوب ، ونبضٌ يهمِسُ باسم الله الذي لا يموت فهو لم ولن يمُسّه أي بَهتَانٍ أو انطفاء ، تمسّكوا بهذا الخيط من النور وأيقِظوا كُلّ إصرارٍ وعزيمة بداخلكم فهي حتماً تكن غافية تحت الحُطام وتحتاج بوادر منكم لتنهض ، رحلة أحلامكم وطموحاتكم تنتظركم لتبدأ ،  لكم شيئاً في هذا العالم فانطَلِقوا نحوه بكل قوة وحُب ، واجعلوا تلك الدروس التي مُنيتم بها سُلّماً لتصِلوا للقمّة ، تشبّثوا بأرواحكم وأنفسكم جيداً واحتضنوها بِكُل ما أوتيتُم من قوّة ، تعلّموا أن تَعتَزِلوا كُل ما يؤذيكُم وَتمضوا باطمئنان وسلام مُتَّكِلين على ربِّ القلوب ، تعلّموا أن تَحسِموا أمرَكُم بِكُلّ حَزمٍ  وأن تَضعوا نقطة وتظفروا بكرامتكم فالخيبة أخفُّ وطَأً من الإهانة ، وإياكُم والالتِفات .