المجلس الوطني - آمـال وتحديات بقلم: أحمد صالح
تاريخ النشر : 2018-03-12
المجلس الوطني - آمـال وتحديات  بقلم: أحمد صالح


قرّرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينيّة عقد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني، في 30 من إبريل/نيسان المقبل، في مدينة رام الله .
باعتبار المجلس الوطني الفلسطيني أحد الأجهزة الإدارية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويعتبر السلطة التشريعية العليا للفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، وهو الذي يضع الإطار العام لسياسات المنظمة ويرسم برامجها الهادفة إلى نيل الحقوق الفلسطينية .
جاء توقيت الدعوة مهم للغاية فى ظل ما تشهده المنطقة والمحيط الإقليمي من أحداث و وتحولات كبيرة غير طبيعية وغير نمطية ، بجانب ما تمر به القضية الفلسطينية من عواصف فى ظل الإعلان المباشر للإدارة الأمريكية للوقوف بجانب الاحتلال الإسرائيلي ، بدا من الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي ونقل السفارة الأمريكية للقدس ، وتبع ذلك قرار الادارة الامريكية بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ليعطي الضوء الأخضر وبشكل اكبر واكثر عنجهية لحكومة نتنياهو الفاشية لممارسة مزيدا من تنفيذ مخططات المستوطنات و الأبارتهايد والعنصرية ، وفشل مساعي المفاوضات وخروج أمريكا من رعايتها المنفردة والتي كانت مرفوضة ومتحفظ عليها من العديد من دول العالم ومن قبل القيادة الفلسطينية نفسها بسبب الانحياز الكامل والضمني للإدارة الأمريكية واصطفافها جانب حكومات دولة الاحتلال المتعاقبة لا سيما المتطرفة والعنصرية المتبجحة في رفضها الاعتراف لحقوق الشعب الفلسطيني حسب ما نصت عليه قرارات مجلس وعلى وجه التحديد 338 و242 والتي نصت على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في السابع من حزيران لعام 1967، وأمام كل هذا التعنت الصهيوامريكي وايضا التغيرات فى الإقليم والتهديد الجدي بتصفية القضية الفلسطينية من خلال ما يطلق عليه إعلاميا " صفقة القرن " وغياب التضامن العربي مع القضية الفلسطينية وانشغالها بملفات أخرى داخلية ، هذه الأسباب كلها يتوجب على القيادة الفلسطينية عقد مجلسها الوطني ووضع سياسات جديدة للتعامل مع المرحلة المقبلة الحساسة والشائكة من خلال عدة محددات.

أولها -توحيد الجبهة الداخلية من خلال اتمام المصالحة بشكل حقيقي بعيدا عن ماراثون اللقاءات والعناق وتوزيع الابتسامات فقط دون تحقيق أي تقدم عملي ملموس مما يجعل الشعب الفلسطيني دخل في حالة من الإحباط نتيجة الفشل المتكرر للقاءات المصالحة وإتمامها .
ثانيا - رسم استراتيجية وطنية ضمن محددات تلزم العمل بها اللجنة التنفيذية إنهاء الاحتلال الكونيالي الصهيوني للدولة الفلسطينية .
ثالثا - رسم السياسية الخارجية الفلسطينية وتفعيل أكبر للسفارات الفلسطينية فى الخارج والتوجه نحو وجود تمثيل عملي مهني وطني وفق رؤية فلسطينية تحددها اللجنة السياسية ودائرة العلاقات الخارجية مع وزارة الخارجية الفلسطينية ، ومتابعتها من لجنة مختصة ،خصوصا فى قارة أمريكا اللاتينية وأفريقيا .
رابعا - إعادة تشكيل جبهة التضامن العربية والإسلامية والعالمية مع القضية الفلسطينية .
خامسا - العودة لمجلس الأمن والجمعية العمومية للمطالبة بدولة فلسطينية كاملة السيادة .
سادسا - عودة الملف الفلسطيني على الطاولة الدولية .
سابعا - تقديم التماس للمحكمة الدولية .
ثامنا - الانضمام للمنظمات الدولية والعمل من خلالها ومعها .
تاسعا - تقديم ملفات قادة الاحتلال لمحكمة الجنايات الدولية لمحاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني .
وأهم نتيجة هو إعادة تفعيل المجلس الوطني بكل طاقته من خلال رسم السياسات التي هي أحد مهامه التي يتوجب العمل بها من قبل اللجنة التنفيذية وبالتالي السلطة الفلسطينية ، وايضا العمل تصويب أوضاع منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها وهيئاتها القيادية وتمكينها من الاضطلاع بمسؤولياتها بمعني إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية بكافة دوائرها لمجابهة التحديات القائمة والمستقبلية .

قد يكون أحد مأخذ انعقاد هذه الجلسة المهمة هي عدم دعوة حركتي حماس والجهاد الإسلامي كونهما خارج إطار منظمة التحرير ورفضهما الانضمام للمنظمة رغم كل المحاولات لاقناعهم بالانضمام لمنظمة التحرير والعمل من داخل البيت الفلسطيني الجامع ، لكن يأبى البعض إلا أن يكون أداة اما ان تريد منظمة التحرير لها او ان تكون بديل عنها ، ومحاولاتها كثيرة فى هذا الشأن لتحجيم دور المنظمة وخلق بديل لمنظمة التحرير من خلال مساعيها لعقد مؤتمرات في الخارج ونزع شرعية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني
اليوم نرى من يهاجم دعوة الانعقاد للمجلس الوطني رغم أن من يهاجم الدعوة لعدم دعوتهم تم دعوتهم للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله في توقيت حساس وهي معركة القدس وبعد قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي ، إلا أنهم رفضوا الدعوة وتركوا القدس والقضية الفلسطينية تواجه مصيرها لوحدها بجانب من لبوا الدعوة كما تم دعوتهم مسبقا خلال السنوات السابقة لاجتماعات المجلس الوطني ورفضا الحضور .
ماذا يفكرون وماذا يريدون ؟ جواب يجب أن نأخده من قيادة حركتي حماس والجهاد الأسلامي .
قد يقول البعض أن اتفاق القاهرة الموقع بين الأطراف بخصوص منظمة التحرير لم ينفذ إلي الآن وبالتالي يجب إصلاح منظمة التحرير للدخول اليها ، ونحن مع ذلك بكل قوة ، لكن أصلاح من المنظمة يأتي من داخلها وليس من خارج أسوارها ، ومن يفكر بعقلية الحسابات للسيطرة على منظمة التحرير من خلال تحقيق مطالبهم ببند الانتخابات الخاصة بالمنظمة يدرك أن هدف حركة حماس هي السيطرة على المنظمة وليس الدخول إليها كحزب سياسي ، اليوم فى هذه المرحلة المهمة والدقيقة ولأن قضيتنا الوطنية على مفترق طرق يتوجب على المخلصين والوطنيين العمل لدعم واسناد ومؤازرة القيادة الفلسطينية التى تواجه اليوم مشروع تصفوي يحاك ضد القضية الفلسطينية ، ومن هذا المنطلق يجب ان نصطف خلف قرارات المجلس الوطني الفلسطيني الذي نثق به كممثل ومرجعية عليا لشعبنا في كل أماكن تواجده ، وان لا ننشغل بخلافات داخلية أو قضايا جانبية هامشية تسرف من قوتنا ووقتنا فى ظل ما يحاك فى الغرف المغلقة ضد قضيتنا ، لأننا فى ظل تهويد لقضيتنا لن يكون أى شىء مفيد ولا يبرر وجهات نظر أحد أو قناعات أحد ، فمن يشعر بوطنيته عليه أن يتحمل المسؤولية الوطنية والاخلاقية للخروج لبر الأمان نحو الدولة الفلسطينية التي خضبت بدماء الشهداء ، وآهات الجرحى ، وعذابات الأسرى الأبطال .

الكاتب - أحمد صالح