كيف نبني الشخصيات الحرة في القيادات الطلابية؟ بقلم: بكر أبوبكر
تاريخ النشر : 2018-03-12
كيف نبني الشخصيات الحرة في القيادات الطلابية؟ بقلم: بكر أبوبكر


كيف نبني الشخصيات الحرة في القيادات الطلابية؟
بكر أبوبكر
    إن بناء الشخصية تحتاج من الشخص نفسه (الاعتراف) أولا بحاجة ما تٌشعل (الرغبة) لديه للبحث أو السعي (للمعرفة) للتزوّد بها، ومن ثم (بناء) ذاته بالعلم والثقافة والتجربة والقدوة والتدريب .
      وعليه فان قدرتنا كمكلفين أو قادة رأي على تحقيق التأثير في الشخص في أساسها إن لم تكن مرتبطة بالقدوة أو النموذج أولا، أو الحدث الابداعي والمبهر والمثير للشخص ثانيا، أوبالنشاط الجامع ثالثا والملبي (للاحتياجات والرغبات)، أورابعا عبر الفكرة المفيدة والنافذة، أو خامسا عبر تأصيل مستوى التواصل بشكل غير منقطع ميدانيا وفضائيا فإننا نكون في البدايات ، إن لم نكن في المرحلة التي تسبق الوعي.
    إن عملية البناء للشخصية في مرحلة "ما بعد"، أي في المرحلة الجامعية لا يمكن أن تأتي بقرار خارجي ،وان كان للعامل الخارجي من الحث الكثير ما يجب العمل فيه، وإنما محرك البناء الرئيس قرار داخلي في الشخص نفسه، ويكون قراره هذا من ذاته نعم ولكن ذاته المتأثرة بالمحيط .
 لذا فان قدرتنا على أن نكون نحن من أدوات التأثير في ذات الشخص هي بمقدار ما نستطيع أن نكون أحد عوامل التأثير في محيطه، أو ببساطة أن نكون أمامه لا خلفه، بالفكرة أوالعمل أو النموذج.
الطريق الشاق للتأثير
    كيف نكون أمام الشخص تحت ناظريه وليس في خلف عقله؟ يحتاج منا ذلك أن نسلك سبيلا غير معبد ، سبيلا شاقا ، وربما طويلا ، لأن عوامل التشتيت والإلهاء من جهة إضافة الى قائمة الاولويات الحديثة لدى الانسان العصري تعددت الى الدرجة التي لا يستطيع أو لا يريد بموجبها أن يضعنا في قائمة أولوياته هذا اولا،.
 وإن استطعنا أن نكون في ذيل قائمة أولوياته فهذه بداية الطريق إذ نتمكن من التمدد أوالصعود درجة درجة لنكون في مقدمة أورأس القائمة، وبالتالي نصبح في دوائر اهتماماته أو من أدوات التأثير في محيطه.
    إن المشكلة الكبرى ليست في القيادات الشابة أبدا، وإنما في القيادات المؤسِسة أوالمنظّمة التي ترغب بالوصول للطلاب في ظل فهمها أوضرورة فهما لمتغيرات العصر، وأهمية التواصل والحوار والمشاركة، وكيفية التموضع في دوائر اهتمام وقائمة أولويات، وفي محيط الشخص اوالطالب، وعليه فان آلية التمكين من التموضع هذه تعتبر حجر الزاوية في عملية البناء.
التعبئة المؤقتة والتربية الدائمة
    لنعد الى البدايات فهل نستطيع استنادا لمجد سابق، أو تاريخ عريق، أواستنادا لانجازات انقضت أو لشخصيات خالدة، أو لكلمات مكررة أوعبارات أو شعارات مشحونة ومسجوعة، أواقتباسات تحريضية أوتنفيذية أن نربي أجيالا؟
      هل نستطيع عبر الاستخدام "السيء" للقرآن والدين، أو بسحب سوط التكفير أو التجهيل أوالتخوين أن نضرب به وجه المخالفين ، أن نفوز؟
 هل نستطيع بكل هذه الوسائل أو بعض منها أن نربي أجيالا؟ لا اعتقد أنها وسائل تربية وتعبئة دائمة، وان اشتملت على مكنون تعبوي هام قد يكون مؤقتا.
 إن استطعنا رسم شخصيات بمضامين محدودة من الفكر المغلق أوالمقولب وغير الحر بوسائل تفكيره، وبعدم اتساع اطلاعه على المعارف والمناهج في ظل ثبات المباديْ، يكون الجيل القادم من جيل المنقبضين أوالمرعوبين أو ببساطة هم أجيال العبيد؟!
كيف نكون ضمن الاولويات؟
    إن بناء جيل من الأحرار يحتاج منا القفز للنظر بحكمة في واحدة من خمسة أمور قد تضعنا كمؤسسة أو منظمة ضمن أولويات الشخص العضو، أوالطالب أو القائد الذي نبغيه أن يكون.
1.    الابهار والإبداع أو الانجاز: ان الحدث المبهر اليوم أو الحدث المبدع، او الانجاز المؤثر قد يجلب لنا مجموعة من الناس يتقارب اهتمامها مع مضمون الحدث (سياسي/ اجتماعي / فني / اقتصادي ... ) ما يشعل فيها الرغبة ، وهذه بحد ذاتها بداية الطريق.
2.    النشاط الجامع (المشاركة) : في العلم فان ما يختزنه أو يتمثله الانسان من معلومات بصرية أ سمعية لا يضاهي ابدا ذاك المرتبط  بمشاركته في الحدث ، وعليه فان قيامة بالنشاط أو مشاركته به يضع في عقله مجموعة من الخبرات هي ما يجب أن نجتهد لنكون من ضمنها.
3.    القدوة أو النموذج : ان التأثر الحاصل في كثير من الناس يأتي من الفقهاء والدعاة أوالمبشرين، أومن الحكماء والإعلاميين أومن المفكرين والسياسيين كما هم على شاشات الرائي (=التلفزة) أو على صفحات التواصل الاجتماعي وارد، كما هو التأثر بالمطربين والمطربات والممثلين وغيرهم، ولكن سيرتهم وحقيقة ما يتعلق بحياتهم ومنطق المشابهة هي ما يدفع بهم أن يكونوا في مساحات اهتمام الشخص أوخارجها، ما يبرز لنا أهمية (القدوة) أوالنموذج، لاسيما أن تكون من الناس، وبين الناس، وأن يشعروا ويحسوا بذلك فيقدرونه ويسعون للوصول له.
4.    الفكرة الناجزة أو النافذة : أي تلك الفكرة التي تفتح نافذة، وهي بذاتها نافذة مؤثرة في إدراكات الشخص واهتماماته، فلكي تنفذ روحه أوقلبه وتحتل موقعا فيه فتسجل على قائمة أولوياته يجب ان يحس بها أويقتنع بها، أو تصيب حاجة من حاجاته، أو نجهد انفسنا لتوضيحها وشرحها أو نشركه بها.
5.    تأصيل مستويات التواصل: والتأصيل يكون أفقيا وعموديا وميدانيا وفضائيا معا، بمعنى أن الاكتفاء بالتواصل ذو الاتجاه الواحد قد لا يكون تأثيره بالقدر الكافي ولكن التأثير المحقق للهدف بالتأثير بالشخص وجذبه أو تغييره يكمن باتباع أدوات اتصال متعددة وبأشكال مختلفة تصبح للشخص كمظلة أو حائط استناد من حيث هي تحيط به وتربطه بالمضمون.