جرائم غزة ما بين انكار الدوافع وجهل التشخيص بقلم:عمران داود
تاريخ النشر : 2018-02-22
هل اكتفينا بعزو ما يرتكب من جرائم الى الاضطراب النفسي ؟ بقلم/عمران داود
مرشد نفسي

في الآونة الاخيرة و في مجتمع قطاع غزة باتت واضحة بعض الجرائم التي انتقلت من احراق النفس وما نشهده من حالات قتل لبعض السيدات والقتل بالنوع ,وما يتم ضبطه من العقاقير المخدرة والسلوكيات الشاذة قد لاقت تلك السلوكيات مبررات الهروب من الواقع المؤلم الذي يعيشه ابناء القطاع , وكان لزوما علينا ان نبحث في تحري الدوافع وراء السلوكيات الاجرامية التي يرتكبها بعض افراد المجتمع ولا نكتفي بانها ناتجة عن المرض او الاضطراب النفسي , على اعتبار ,انه لا يوجد سلوكا انسانيا يسمى بالصدفة او العبثية وانما كل سلوك يصدر عن الانسان ان هو الا نابع من دافع داخلي او ما يبعث عليه في البيئة الخارجية قد دفع للقيام بالسلوك, ولا ابرئ بعض الجرائم من ارتكاب اصحابها المضطربين نفسيا لهذا الفعل , فاذا كان هناك مليون منتحر عبر العالم فان منهم سبعون بالمئة يعانون الاكتئاب الذي قد يكون المرض النفسي الابرز في العقد القادم من هذا القرن وفق ما تشير اليه منظمة الصحة العالمية , لذا فإننا لابد وان نسعى جاهدين الى فلترة تلك القضايا والتعرف على الدوافع الرئيسية التي وصلت بنا الى تلك الحالة ,ولا يخفى على احد منا ان الظروف المعيشية السياسية والاقتصادية والاجتماعية السيئة والعسيرة تولد حالة من الصعوبة في التكيف وخاصة في مواجهة مواقف الحياة اليومية في ظل الصعوبة في وفرة الاحتياجات الاساسية لدى الكثيرين ولم يكن مبالغا فيما وصل الية حال الكثيرين من فقر مدقع وان كانت وسائل التواصل الاجتماعي تسهل المعرفة بتلك الحالات كما ان الرؤية التي تسيطر عليها ضلالات مختلفة تشوش حياة الفرد في ظل الفقر والبطالة والانفصال وتفكك الاسرة والابناء والازدحام الامر الذي يولد حالة من الكأبة والحزن بصراعاتها الداخلية وكذلك سرعة الانفعال مما يؤدي الى صعوبات في الاداء الوظيفي على صعيد الافكار والمشاعر والسلوك وبالتالي تصبح حالة من الاضطراب بمعنى الخلل , ولكن ..
هل اننا نجرؤ القدوم على معالجة الخلل ؟
فلم نعد نشعر بتقدم في التخلص من الوصمة الاجتماعية التي تطلق على المرض النفسي الذي لا نورثه بانه جنون قد لطخ صاحبة بالجن تارة وينتهي بشعوذة المشعوذين وان كان ينكر احيانا وان نكون ضحايا من اجل الا يتكلم عنا الاخرين , فلنعي جيدا ان كثير من الامراض النفسية تستدعي العلاج على اعتبار انها كباقي الامراض الجسدية وان الاسراع في تلقي الخدمة يساهم بشكل كبير في علاجها عن التأخر واهمالها, وما اتطلع الية ان ترتفع درجة الوعي بالشيء دون الحاجة اليه فضلا من تعميق معرفتنا به عند الحاجة ومن جهة فان واقع التربية في قطاع غزة بحاجة ماسة الى ادخال كل ما يساهم في تقوية وتعزيز منظومة القيم الاخلاقية والانسانية والاجتماعية من اجل النهوض بمجتمع يستطيع ان يدرك مشكلاته ويتوجه الى المكان المناسب وفي الوقت المناسب حرصا منا على سلامة ابنائنا فان التنشئة الاجتماعية السليمة هي ارضية المجتمع الناهض ولا نهضة لأي امة بدون أسرة ,وعلم , وقدوة , وذلك من اجل ان يصبح المجتمع اكثر واكثر تقبلا وتكيفا حتى مع ضغوط الحياة وان كانت علامة من علامات الصحة النفسية التي لا تعني الخلو من المرض بل تعني جودة الحياة النفسية والجسدية والاجتماعية والروحية وذلك بالتوازن مع متغيرات الحياة التي يسعى فيها الفرد للحفاظ على دورة الاجتماعي الذي يليق به .. لذا فان همسا في اذان حياة بعضهم خير من ان نتغنى على موتهم .
21/2/218