معشوقة العرب! - ميسون كحيل
تاريخ النشر : 2018-02-19
معشوقة العرب! - ميسون كحيل


معشوقة العرب!

كثيراً ما استغربت من مسارات العمل السياسي لدى البعض؛ والذي يظهر بشكل واضح مصحوباً بجهود جبارة في مسار سياسي ما، وركود في مسار آخر؛ فوالله لو قامت الأطراف التي تبذل جهود منقطعة النظير ضد السياسة الإيرانية بجهود مشابهة لها ضد السياسة الإسرائيلية لتقدمنا خطوات كبيرة في مواجهة المد الصهيوني! ومن الملاحظ في الفترة الماضية تسخير كل الجهود العربية، وتفعيلها في المجتمع الدولي ومع بعض الدول الأوروبية ومع الولايات المتحدة الأمريكية ضد جمهورية إيران الإسلامية؛ بينما نشاهد ركود سياسي، وعدم اكتراث في مواجهة دولة الاحتلال الإسرائيلي رغم استمرار إجراءاتها وانتهاكاتها بحق الإسلام والعرب وفلسطين! ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل من الملفت للنظر حالة التجانس والتوافق بين تلك الأطراف العربية، ودولة الاحتلال والمنصهرين في قالب واحد في مواجهة إيران! والمتألفين في طريقة تعاملهما معاً دون إعلان أو تشهير في مواجهة ما يحدث للقدس وشعبها وتاريخها! ولا أقول ذلك على اعتبار تأييد ما للسياسة الإيرانية في المنطقة بل لإظهار الفرق في العمل السياسي الذي يستهدف الاحتلال أو يدعمه فتلك هي المصيبة!

لا شك أن إيران تعمل جاهدة من أجل السيطرة على القرار السياسي في بعض العواصم العربية؛ لكنها تفعل ذلك بموافقة تقريبية مع تلك العواصم، وكان من الأجدر مواجهة تلك السياسة الإيرانية من خلال التقرب من هذه العواصم العربية بدلاً من التجييش، وتبني المجموعات المختلفة، والمتعددة لقلب أنظمة الحكم فيها!؟ فسقوط بغداد، ودمشق وصنعاء وطرابلس، وإضعاف عمان والكويت وبيروت ومسقط وإهمال البقية إنما يصب في مجري السياسة الأمريكية في وطن عربي جديد وفي مصلحة السياسة الإسرائيلية التي تحقق الإنجازات تلو الأخرى دون حسيب أو رقيب! لا بل ان كل ما يحدث في المنطقة إنما يصب في مصلحة الكيان الإسرائيلي؛ والأطراف المعنية والمقصودة تعمل ضمن هذه المصلحة فليس من الطبيعي أن تظهر إيران وكأنها عدو العرب والإسلام بينما تظهر إسرائيل وكأنها معشوقة العرب والمسلمين! لقد اثبتت الأيام فشل ما يسمى جامعة الدول العربية فهي أكثر عجزاً من العجز بذاته؛ فقد فشلت هذه الجامعة منذ أن تأسست " سبعة عقود وأكثر!!" في الوحدة والتضامن والدفاع عن قضاياها، وكانت أكثر فشلاً في التعامل مع أزماتها الداخلية الخليجية منها، والشامية والإفريقية حتى ذهبت القدس كعاصمة لدولة الاحتلال دون أن يهتز لهذه الجامعة جفن حتى بات ميثاقها حبراً على ورق، وبات دورها مجرد شراء للذمم؛ فبالمال وحده تتغير المواقف، أما بياناتها فتثبت عجزها، وتؤكد فشلها وتمنح الفرصة، والوقت والمبررات لأعداء الأمة بالاستمرار في سياسة وكأن العرب قد ماتوا!

لم أفهم لماذا هذا العداء لجمهورية إيران، وحجم التجانس في هذه المواقف مع دولة الاحتلال، فحتى صدام حسين الذي حارب إيران ثماني سنوات فيما عُرف بالحرب العراقية الإيرانية رفض اعتبار إيران العدو بالنسبة للعراق وللعرب؛ وأكد أن العدو الأول لا يمكن أن يكون إلا إسرائيل! فما الذي يحدث الآن؟ ولماذا سخرت تلك الأطراف كل الجهود من أجل ضرب إيران أو تجريدها من اسلحتها بينما ترسانة الاسلحة الإسرائيلية تتفوق عليها؟ والسؤال الأهم لماذا لم تحاول تلك الأطراف التقرب من إيران، وإقامة علاقات ثقة وتعاون معها؛ بدلاً من الذهاب إلى المربع الإسرائيلي؟ فهذا الرعب من إيران وتسويقه إنما هو مصطنع، وعلى كافة الأطراف العربية مراجعة نفسها بدلاً من التعامل مع إسرائيل وكأنها معشوقة العرب!

كاتم الصوت:
تراجع دولة عربية عن مواقفها في اختلافها مع سياسة دول عربية أخرى وراءه ما وراءه!

كلام في سرك: سنشهد يوماً علاقات إيرانية إسرائيلية على المكشوف وستشهد معنا ذلك الأطراف العربية!

 ملاحظة خارج النص: النفي لا يعني أن ما تضمنه التصريح ليس موجود في القلوب والعقول.