السياسة بين الثقافة والوعي بقلم د. معاذ إشتية
تاريخ النشر : 2018-02-17
السياسة بين الثقافة والوعي بقلم د. معاذ إشتية


السياسة بين الثقافة والوعي
بقلم ... د. معاذ إشتية
جامعة الاستقلال / أريحا / فلسطين

   ليس من السهل أن تنتمي لهذا الوطن دون أن تستمع أو تقرأ في السياسة ؛ ففي مجتمع كمجتمعنا ليس بالضرورة أن تكون سياسيا فذا حتى تتحدث في السياسة ؛ السياسة تدخل في تفاصيل حياتنا ، وأذكر أني قرأت في بعض المقالات التي تقول : إن الفلاح الفلسطيني يفهم في السياسة أكثر من المثقف في دول أخرى، لكن بعد هذا الإعصار السياسي الذي يشهده الوطن العربي يبدو أن المنافسين في مجال السياسة تزايدوا ، فلم يعد الفلسطيني يزعم أن السياسة حقله وحده ، بعد أن أصبحت السياسة تهم العراقي والسوري واللبناني والسعودي واليمني ووو ... وأصبح الكثيرون يعتاشون على أخبار مبيتة أو ساخنة أو عاجلة ؛ يبنون عليها آمالهم وأحلامهم ، وهذا يذكرني بالكثيرين الذين كانوا يبتاعون الجرائد صباحا ؛ كي يقرأوا خبرا يمنحهم الأمل ويتناولونه بفرح .
  وفي ظل التقدم التكنولوجي المذهل في وسائل الاتصال ليس بالضرورة أن تتقصد البحث عن الأخبار السياسية ، إنما يكفي أن تفتح جوالك حتى ترى وتسمع الأخبار السياسية وغيرها  من موقع الحدث ، وستكون مثل غيرك ممن قرأوا ويقرأون إذا كنت تعلق آمالك على حدث عارض ومقولة مارقة .
  وبين أن تكون مثقفا أو واعيا بالسياسة كلام كثير ، ونحن باعتقادي لا نحتاج إلى مثقفين بالسياسة بقدر حاجتنا إلى وعاة ؛ لأن صراعنا في هذا العالم هو صراع وعي ؛ ولا أبالغ إن ذهبت مذهبا رأيت فيه أن البقاء للأكثر وعيا !
    وإننا سنكون مثل غيرنا إذا عشنا حياتنا نمتدح فلانا ونهجو علانا بسبب كلام نسب إليه،أو موقف أعلنه .
وسنكون متهمين بالوعي السياسي إذا عشنا حياتنا نقدس الأشخاص على حساب الفكرة ، نحتفل بأصحاب الشعارات الكبيرة ، ونلعن ونخوّن أصحاب الرؤى والمشاريع العظيمة !
إن الوعي السياسي أكبر من أن نعلق آمالنا على الأقوال الظاهرة ، والأفعال العارضة التي لا تصدر عن مشروع واضح ، واستراتيجية مبنية على أسس ذات أبعاد تربوية !
  وإن الوعي السياسي لا يقيس الأمور بمعيار عاطفي أو حزبي أو فئوي ، فهذه المعايير لا تفضي إلا بأحكام متسرعة تتقلب بتقلب الأحوال !
  في الوعي السياسي ربما تفيد من تجارب عدوك ، وتحترمه ، ولا تخجل أن تعترف بتفوقه ، وتقرأه كي تعرف كيف تتعامل معه !
وإن الوعي السياسي ينبني على تقدير الخلاف في الرأي  والتنوع ؛ بوصفهما ظاهرة صحية في المجتمعات التي تريد النهوض وتسعى للتحرر ؛ ويجب أن نربأ  عن تخوين الذين يخالفوننا .
 كل ذلك وغيره يتتطلب أن تعيد النظر في علاقتك بالسياسة وعلاقة السياسة بك !