ابن نَصر جَرار..!بقلم محمود سلامة سعد الريفي
تاريخ النشر : 2018-02-14
ابن نَصر جَرار..!
قلم / محمود سلامة سعد الريفي
عملية عسكرية قامت بها أجهزة الأمن الاحتلالية مؤخراً بعد مطاردة استمرت شهر تَتَبعت خلالها أثر منفذ عملية اطلاق النار أحمد جرار بالقرب من مستوطنة "حفات جلعاد" الجاثمة على أراضي المواطنين شمال الضفة الغربية المحتلة نتج عنها فى حينه مقتل "رازئيل شيفح" الحاخام اليهودي المتطرف لا نعلم من أي بقعة جاء فلسطين محتلاً مستوطناً أرضها..! قضي أحمد بعد اشتباك مسلح و انتهت حلقة من مسلسل نضالي طويل ومتواصل يقوده الفلسطينون بعزة وكرامة وايثار ضد من يحتلهم ويستبيح مقدارتهم ويحجب الشمس عن كرومهم ويقيد تحركاتهم وينغص عيشهم ويكبل حريتهم على أرضهم لتبدأ حلقة جديدة مليئة بأحداث أخري لا تنتهى الا بزوال السبب والمسبب يتواصل خلالها النضال الوطني على الرغم من المعاناة والمكابدة التى يعيشها الشعب الفلسطيني وتأخذ أشكال مختلفة وعديدة ومتعددة تلامس واقعه يومياً تعكس تبجح واضح لقوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه وصلف لم يبلغ منتهاه طالما استمر الاحتلال بتعنته وغِيِه يتواصل معه الحصار الجائر لقطاع غزة و قَرع طبول الحرب عند حدوده والتلويح بإعتداء دموي رابع لم تتعافى غزة من ثالثه بعد..! واستمرار القتل والتهويد والمداهمات والاعتقالات ومصادرة الأراضي وتكثيف الاستيطان ونهب الموارد واحكام القبضة على الضفة الغربية بما فيها القدس بإتجاه ضمها يأتى ذلك كله وفق مخطط صهيوني عنصري يهدف الى تغير الواقع ونشوء واقع آخر جديد يعرقل أي مساعي لتسوية سلمية او حل سياسي لا يمكن أن يقبله الفلسطينين وفق المعطيات والوقائع الجديدة القائمة نفذتها دولة الاحتلال العنصري على مدار عقدين ونصف وتحديدا خلال العقد الأخير حيث تضاعف الاستيطان بشكل مضطرد تم اقامة جدار الفصل العنصري وبناء عشرات الاف الوحدات الاستيطانية وأقيمت بؤر سرطانية جديدة وصُودرت الاف الدونمات يأتي ذلك على حساب التمدد الجغرافي والديمغرافي للفلسطينين وحقهم الطبيعي في ارضهم المصادرة بقوة الاحتلال تنفيذاً لمخطط صهيوني دأب لتهويد الضفة الغربية وضمها الى السيادة الصهيونية بعد احكام السيطرة على أرضها وتصبح يهودا والسامرة المسمي العبري الذي تطلقه دولة الاحتلال جزء من امبراطورية الدولة الطموحة من النيل الى الفرات..! ما يضع حل الصراع العربي الاسرائيلي وفق قواعده التقليدية فى مهب الريح وغير قابل للتنفيذ وفق قرارات الشرعية الدولية الصادرة بالخصوص ابرزها 242 _ 338..! وجميع ما أقرته المؤسسات الدولية لاحقاً وأمام هذا الواقع المأساوي الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية بسبب التعنت الاحتلالي وما يلحق بالفلسطينين من ضرر فادح يطال أراضهم ومقدراتهم وكرامتهم وابسط حقوقهم بالحياة الكريمة على أرضهم لا يمكن الصمت..! و لابد من وقفة جادة لإعادة صياغة مسوغات العلاقة مع دولة الاحتلال وفق رؤية وطنية شمولية ورفض سياسة الاملاءات وفرض الامر الواقع التى تنتهجها ضد الشعب الفلسطيني و وتنكرها لحقوقه الثابتة و المشروعة يمكنه الدفاع عنها وانتزاعها ما ان تم توجيه طاقاته ومقدارته توجيهاً صحيحاً مدروساً نحو برنامج نضالي وطني تقود مسيرته قيادة وطنية موحدة تتشكل من الفصائل والقوي الفلسطينية على اختلاف انتماءاتها حينها تتحرك المياه الراكدة ويُؤخذ بالحسبان هبة الجماهير ..! ولنا فى الانتفاضة الاولي وما قبلها وما بعدها محطات نضالية ساطعة ارتسمت كصور حية لازالت محفورة فى ذاكرة كل ما عاشوا سنواتها السبع تَجسد خلالها النضال الوطني الوحدوي للكل الفلسطيني الذي أسَمعَ العالم صوته الرافض للاحتلال ..!
لنا فى موت الرجال دروس وعبر ولا أتى على ذكر أسماء من قضوا على سبيل الحصر لأنها كثيرة وقوافل الشهداء تزخر بأسماء حفرت نفسها فى الوجدان الوطني وأحمد جرار قمر أفل وغاب عن فلسطين لكن دمه النازف ينبت من الارض التى ارتوت بدمه قناديل مضيئة تُبدد العتمة كلما حان موعدها انضم الى من سبقوه..!
ما يحدث فى الضفة الغربية يؤشر الى تفجر الاوضاع الميدانية بما لا يمكن التنبؤ بنتائجه للخصوصية القائمة وامكانية الاحتكاك المباشر بين المواطنين الفلسطينين وقوات الاحتلال والمستوطنين ما ينذر بحريق كبير يشتعل بسرعة و تتسع رقعته ولا يمكن السيطرة علية مع حالة الاحتقان الشديد القائمة بفعل التضيق والخنق والقيود والاجراءات العنصرية التى تنتهجها قوات الاحتلال الصهيوني..! وأمام التغول الصهيوني نحتاح توحيد كل جهد وطني ممكن ومستطاع واعادة توجيه روافد النضال الوطني بكافة أشكاله نحو مجابهة الاحتلال واجراءاته بحق الارض والانسان معاً وانتزاع حقوقنا..! دون ذلك تتقلص و تتلاشي فرص تحقيق الحلم الوطني الطموح بإنهاء الاحتلال عن حدود 1967م ..!
كل المؤشرات والدلائل تتجه نحو استحالة قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة فى ظل ما يفرضه الاحتلال من قيود واجراءات يجعل اقامة دولة فلسطينية غير ممكناً أو متاحاً وخارج التغطية ..! ولن ينال الفلسطينيون حريتهم فى ظل ما تعيشه قضيتهم الوطنية من مخاطر تتهددها ومخاطر تُحدق بها مع ما يتعرضون له من اجراءات عنصرية احتلالية وضغوطات خارحية اقليمية ودولية تفوق طاقاتهم..! ولكن على مدار التاريخ أثبت الشعب الفلسطيني قوته فى مواجهة كل المشاريع التصفوية المشبوهة التى تحاول النيل من حقوقه الوطنية بأرضه ووطنه..! وهذا ما اعتادت ترجمته الجماهير الفلسطينية الحية رغم ما تتعرض له من قيود واجراءات فاشية عنصرية تحاول النيل منها دون ان تنجح..! هي تعلم مبتغاها وتعرف اي طريق ستسلك ولا يُمكن اخضاعها وثَنيها عن اهدافها بالقوة العسكرية مهما بلغت ولنا تجارب كثيرة وصفحات ناصعة كُتبت ببارود البنادق خلال محطات الصراع الممتد منذ قرن من الزمن اثبت خلالها الشعب الفلسطيني قوته واصراره و صموده ورفضه التزحزح عن حقوقه فى كامل ترابه الوطني رغم سيل الدم النازف لتنتصر الارادة على القوة المتغطرسة والدم المتدفق على السيف ونحقق نصراً جراراً يتلوه نصر تلو النصر يفسح المجال ويشق الطريق الوعر نحو جبال القدس و الخليل وعيبال والجرمق والكرمل يضئ قناديل أُسرجت بالدماء ..!.