التحرش الجنسي ،بين التحريض والتنديد..بقلم:حمدان العربي
تاريخ النشر : 2018-02-14
التحرش الجنسي ،بين التحريض والتنديد..بقلم:حمدان العربي


كنت في وقت سابق كتبت موضوع ، عنوانه :"إذا أرادنا القضاء على التحرش لا بد من مكافحة ظاهرة التبرج". تذكرت هذا الموضوع وأنا أتابع في مناظرة أو نقاش بين سيدتين ، سيدة صاحبة حزب سياسي تنتمي إلى خط عروبي -إسلامي ...
والطرف الآخر ، على حسب ما أظن، سيدة ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة. النقاش الذي تابعته دار حول ظاهرة التحرش الجنسي التي تتعرض لها المرأة في مجتمعنا...
الطرفان كانا متفقان على أن ظاهرة مشينة و غير أخلاقية لابد من محاربتها . لكن الاختلاف و التباين في الآراء حصل في طريقة و وسائل المحاربة...
الطرف الأول يرى أن التربية وغرس الوازع الديني والمدني لدى الفرد والاحتشام اللباسي ( لباس) عند المرأة والفصل المدرسي بين الجنسين هي الأحجار الأساسية لبناء الحاجز الأخلاقي الواقي من هذه الآفة ، أو الأقل الحد منها وتصبح استثناء و ليست قاعدة...
أما الطرف المقابل يرى في إلزام المرأة بلباس محتشم والفصل بين الجنسين ، تعدي على حرية والحقوق الخاصة...
مع العلم ، الحرية الخاصة تنتهي عندما تبدأ الحرية العامة.بمعنى ، الفرد ذكر أو أنثى حر داخل أسوار منزله أن يلبس ما يشاء من ثياب أو يبقى عاريا و لا أحد يدق باب منزله ليرى ذلك...
لكن بجرد أن يضع رجليه خارج باب منزله يصبح خاضع للحرية العامة المشتركة و لا يجوز تجاوز شروط تلك الحرية . ولباس المرأة و مقياس احتشامها يلعب دور محوري و أساسي في شيوع من عدمها لهذه الظاهرة ...
للإشارة ، في السنوات الأخيرة أجريت في عاصمة غربية كبيرة دراسة ميدانية لمعرفة تأثير نوع اللباس في المضايقات التي تجابه المرأة في مشوارها اليومي...
فتم اختيار فتاة جميلة جدا ، في البداية ارتدت لباس محتشم جدا متجولة في الشوارع والأماكن العامة والنقل العمومي ، تتبعها كاميرا غير مرئية، و لا أحد تعرض لتلك الفتاة ...
لكنها بمجرد أن استبدلت ذلك اللباس بلباس أخر يكشف بقوة مفاتن جسمها حتى أصبحت عرضة لتحرشات ومضايقات رهيبة في كل مكان تطأ فيه قدميها...
لا بد من معرفة أن الغرائز الجنسية لدى الطرفين هي مفروضة وليست اختيارية ولتهذيب هذه الغرائز والتحكم فيها لابد من عوامل التي ذكرتها السيدة صاحبة التوجه المحافظ والتي أثرت نقطة مهمة في تدخلها ألا و هي الفصل بين الجنسين في المقاعد الدراسية...
بالخصوص في مستوى المتوسط و الثانوي وهو تقريبا سن المراهقة وهيجان المشاعر. عكس مرحلة الابتدائي والجامعي.الأول تكون مازالت هناك براءة الطفولة و الثاني (الجامعي) يكون هناك نضج عقلي أفضل...
قلت الاختلاط، أذكر قصة حكى علي شخص كان أستاذ في التعليم.جاءته يوما طالبة ، قالت له أستاذ أريد التكلم معك في أمر خاص ، قال لها تفضلي...
قالت له مدير تلك المؤسسة يتحرش بها جنسيا و لا تدري ماذا تفعل ، لأنها لو أخبرت والدها وهو شخص عصبي جدا ، ستحدث كارثة. أجابها ذلك الأستاذ بأن لا تخبر والدها ولكنها عليها إخبار والدتها وهي تعرف كيف تحل المشكل...
بالفعل أخبرت تلك الطالبة والدتها وحضرت لمؤسسة واتصلت بأساتذة ابنتها اتصلوا بدورهم بالمدير أطلعوه على الأمر وتم إغلاق الموضوع بدون أي شوشرة...
هذه عينة بسيطة ، مدير في سن والدها أو يكون أكثر تصدر منه هذه الأشياء فكيف بالاحتكاك بين الجنسين في نفس القسم ونفس الطاولة و نفس المرحاض ( أكرمكم الله)...
خلاصة القول ، أرى وجهة النظر السيدة صاحبة التوجه المحافظ صائب ويؤسس لقاعدة صحيحة للقضاء بشكل جذري على هذه الظاهرة. إذا أرادنا فعلا حلا و ليس "التحريض للتنديد"...

بلقسام حمدان العربي الإدريسي
13.02.2018