أغمض عيني وأغفوا بقلم: سوسن علي
تاريخ النشر : 2018-02-14
أغمض عيني وأغفوا بقلم: سوسن علي


أغمض عيني وأغفوا

بقلم: سوسن علي

تلك الأغراض التي يتوجب عليّ نقلها إلى الغرفة المجاورة، ثم إعادتها إلى مكانها بعد دهن الجدران، هذه الطريقة في نقل الأغراض في التنقل بين الغرف شارد الذهن، أتذكر غرفتي بالسكن الجامعي عندما كنت استلقي على فراشي لابساً حذائي وبيدي بذور دوار الشمس آكلها وأنثر بقاياها حولي، كل هذا يصيبني بالتعب، أشعر بصدري منكمشاً وأنفاسي تضيق.

كل هذا وبعد عدة ساعات من العمل تأتي زوجتي لتفتح الباب وتنظر كأنها لا ترى أحد، تنظر لجدران الغرفة ثم الأرضية وتبدأ بالثرثرة "لقد أخبرتك منذ البداية أنه عليك أن تفرش الأرضية بأوراق الجرائد لكنك لم تفعل، أنظر إلى بقع الدهان".
 
وللمرة الأولى تنظر إلي تشير بيدها باتجاهي "ستزيلها... ستزيلها أكره رائحة البترول لكنك ستزيلها" وترحل.

منهك أجلس متشابك الساقين على الطريقة التركية، أنظر إلى سترتي، إنها قديمة تصلح كخرقة لمسح بقع الدهان عن الأرضية.

عندما أخبرني رئيسي في العمل أنه علي أن أعمل لساعات إضافية دون توقع زيادة على الراتب، غضبت. كان يخبرني أن عملي جيد وأني موظف حسابات ماهر لكنه لم يتوانى عن طردي عندما طالبته بحقي. وإني أفضل الطرد على أن أعمل كعبد، هذا ما أخبرت به زوجتي التي بدورها مسحت على رأسي وأخبرتني أن لا أقلق وقالت "أنا أعمل".

هي تعمل الآن وأنا أزيل بقع الدهان وأسمع ثرثرتها حول مصاعب العمل، حاولت عدم سماعها، الانشغال في النظر إلى أصابعي وهي تتكلم، لكنها فقدت رشدها وانتقلت إلى الشكوى ثم الغضب وأُصبِحُ الرجل الذي لا يعتني بأمور أسرته، ثم أتلقى قائمة طويلة من الطلبات مع أسئلة استفهامية "قل لي من أين نأتي بهذا؟ آآه!! من عملك!!.

في سريري أتقلب كـسمكة في مقلاة أحاول النوم، أسمع تكات الساعة رغم شخير زوجتي الذي يملأ الغرفة، أعلم أني لا أسمع شيء سوى شخيرها لكني أشعر بتكات الساعة، أشعر بها تنبض مع قلبي.

بعيون محمرة أنظر إلى الساعة أحاول معرفة موقع عقاربها إنها تقترب من الثالثة صباحاً، والآن الخامسة الساعات تذوب وكلما اقترب موعد استيقاظي بالسابعة، أشعر بأني أختنق، أغرق في بئر عميق أغمض عينيّ وأغفو..

* قاصة من سورية