صدام والفخ الأمريكي /غزو الكويت وحرب الخليج الثانية / ح12 بقلم:حامد الحمداني
تاريخ النشر : 2018-02-14
صدام والفخ الأمريكي /غزو الكويت وحرب الخليج الثانية / ح12 بقلم:حامد الحمداني


صدام والفخ الأمريكي
غزو الكويت وحرب الخليج الثانية
الحلقة الثانية عشرة
حامد الحمداني  12/ 2/2018

رابعاً: مجلس الأمن يواصل إصدار القرارات بحق العراق:

في الفترة ما بين 13 أيلول، و29 تشرين الثاني أصدر مجلس الأمن 7 قرارات بحق العراق استهدفت تشديد الضغط، وإحكام الحصار على العراق، حيث صدرت القرارات 666 في 13 أيلول، و667 في 16 أيلول، و669 في 24 أيلول، و 670  في 25 أيلول، و674 في 29 تشرين الأول، و677 في 28 تشرين الأول و 678 في 29 تشرين الأول من عام 1990، وفيما يلي أهم ما جاء بهذه القرارات:
قرار رقم 666 ـ 13 أيلول 1990: (6)
  إن مجلس الأمن :
إذ يشير إلى قراره 661 في 1990 الذي تنطبق الفقرتان 3ج ، و4 منه على المواد الغذائية المستثناة، وبإدراك للظروف التي قد تستجد لتجعل من الضروري إرسال المواد الغذائية اللازمة للمدنيين في العراق والكويت، متوخياً التخفيف عن البؤس البشري، وبما أن اللجنة المشكلة بموجب الفقرة السادسة من ذلك القرار قد تلقت عدة رسائل من عدة دول أعضاء، وإذ يؤكد أن مجلس الأمن هو الذي يحدد وحده، أو من خلال اللجنة، ما إذا كان قد نشأت ظروف إنسانية، وإذ يساوره القلق البالغ لعدم وفاء العراق بالتزاماته المحددة بموجب قرار مجلس الأمن رقم  في1990 فيما يتعلق بسلامة رعايا الدول الثالثة ورفاتهم، وإذ يؤكد من جديد أن العراق يتحمل المسؤولية الكاملة في هذا الشأن، بموجب القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، حيثما أنطبق ذلك. وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يقرر:
1ـ تُبقي اللجنة الحالة فيما يتعلق بالمواد الغذائية في العراق والكويت قيد الاستعراض مستمرة، حتى يتسنى أن يحدد على النحو اللازم لأغراض الفقرة ج3 ، والفقرة 4 من القرار 661، ما إذا كانت ظروف إنسانية قد نشأت.                 
2ـ يتوقع من العراق أن يفي بالتزاماته بموجب قرار مجلس الأمن رقم 664 (1990 ) فيما يتعلق برعايا الدول الثالثة، ويؤكد من جديد أن العراق يبقى مسؤولاً مسؤولية كاملة عن سلامتهم ورفاههم، وفقاً للقانون الدولي بما فيه اتفاقية جنيف الرابعة، حيثما تنطبق ذلك.      
3ـ يطلب من الأمين العام، لأغراض الفقرتين 1، 2 أن يلتمس بصفة عاجلة ومستمرة، معلومات من وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة، وغيرها من الوكالات الإنسانية المناسبة، وجميع المصادر الأخرى، عن مدى توفر الأغذية في العراق والكويت، وأن ينقل هذه المعلومات بصفة منتظمة إلى اللجنة.                      
4 ـ ويطلب كذلك أن يولي اهتمام خاص عند التماس مثل هذه المعلومات وتقديمها للفئات التي يمكن أن تتعرض للمعانات بوجه خاص، مثل الأطفال دون سن الخامسة عشر، والحوامل، والوالدات، والمرضى والمسنين.                                  
5 ـ يقرر أن تقوم اللجنة إذا رأت، بعد تلقي التقارير من الأمين العام، أنه قد نشأت ظروف توجد فيها حاجة ماسة لإمداد العراق والكويت بالمواد الغذائية لتخفيف المعانات البشرية، بإبلاغ المجلس فوراً بقرارها المتعلق بكيفية تلبية هذه الحاجة. 
6 ـ يشير على اللجنة أن تضع في اعتبارها، عند صياغة قراراتها، أنه ينبغي أن يتم توفير المواد الغذائية من خلال الأمم المتحدة، بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أو غيرها من الوكالات الإنسانية، وأن يتم توزيع  المواد الغذائية بمعرفتها، أو تحت إشرافها، لضمان وصولها إلى المستفيدين المستهدفين.
 7 ـ يطلب من الأمين العام استخدام مساعيه الحميدة من أجل إيصال المواد الغذائية إلى العراق والكويت وتوزيعها وفقاً لأحكام هذا القرار، وغيره من القرارات الأخرى ذات الصلة.       
 8 ـ يشير إلى أن القرار 661 (1990)، لا ينطبق على الإمدادات المرسلة على وجه التحديد للأغراض الطبية، ولكنه يوصي في هذا الصدد بتصدير الإمدادات الطبية تحت الإشراف الدقيق لحكومة الدولة المصدرة، أو بواسطة الوكالات الإنسانية المناسبة.

 والجدير بالذكر أن هذا القرار بقي حبراً على ورق، واستمرت معانات الشعب العراقي بسبب فقدان الغذاء والدواء، فلم يكن ما يهم الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين تأمين الحاجيات المادية الضرورية لشعب العراق، بل على العكس، كان في مقدمة أهدافهم تدمير البنية الاقتصادية والاجتماعية للعراق، وإذلال شعبه.
 قرار رقم 667 ـ 16 أيلول 1990
وقد أدان هذا القرار انتهاك النظام العراقي للمقار الدبلوماسية في الكويت، واختطاف الموظفين الدبلوماسيين والرعايا الأجانب المتواجدين قي تلك المقار، وحمل النظام العراقي مسؤولية ذلك العمل، وطالب بالإفراج عنهم، وتأمين سلامتهم .
كما طالب القرار بأن يمتثل العراق بصورة فورية وتامة لالتزاماته الدولية، بموجب قرارات مجلس الأمن 660، 662، 664، واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية، والقانون الدولي.
 قرار رقم 669 ـ 24 أيلول 1990
 وقد تضمن القرار الطلب إلى اللجنة المنشأة بموجب القرار 661 في 1990 بشأن الحالة بين العراق والكويت بمهمة دراسة طلبات المساعدة المقدمة في إطار أحكام المادة 50 من ميثاق الأمم المتحدة، والتقدم بتوصيات إلى رئيس مجلس الأمن لاتخاذ الإجراء الملائم بشأنها.
 قرار رقم 670 ـ 25 أيلول 1990
وتضمن هذا القرار فرض حصار جوي محكم على العراق، ومنع كافة الطائرات من الإقلاع من المطارات العراقية، أو الهبوط فيها، وفرض على جميع الدول عدم السماح لأي طائرة عراقية بالطيران في أجوائها، أو الهبوط في مطاراتها، ما لم تأذن اللجنة المكلفة من قبل مجلس الأمن بقيام الرحلة.
كما طلب القرار تشديد الحصار البحري على العراق والكويت، ألزمت جميع الدول باحتجاز أي سفينة عراقية تدخل موانئ تلك الدول.
كما أدان هذا القرار العراق لاستمراره باحتلال الكويت، وسوء معاملة القوات العراقية للشعب الكويتي، وطالب النظام العراقي الالتزام باتفاقية
جنيف الرابعة، والكف عن الانتهاكات التي يرتكبها ضد الشعب الكويتي.

قرار رقم 670 ـ 25 أيلول 1990
 وقد طالب هذا القرار جميع الدول بالالتزام الكامل بالقرار 661، ولاسيما الفقرات 3 ،4 ،5 منه،  وأكد القرار على تشديد الحصار الجوي والبحري على العراق والكويت، واحتجاز أي طائرة أو سفينة مسجلة في العراق، وعدم السماح بإقلاع أي طائرة إلى العراق أو الكويت ما لم يكن مرخص لها من قبل اللجنة الخاصة التابعة لمجلس الأمن.
 قرار رقم 674 ـ 29 تشرين الأول 1990
 وتضمن هذا القرار إدانة النظام العراقي لاستمراره باحتجاز الرهائن، وطالب بالسماح لهم بمغادرة العراق فوراً. وأتهم النظام بخرق ميثاق الأمم المتحدة.
وطالب جميع الدول أن تجمع كل ما في حوزتها من معلومات بشأن حالات الخرق الخطير من جانب حكومة العراق، وتقديمها إلى مجلس الأمن.
كما طالب القرار حكومة العراق بأن تكفل فوراً، توفر الأغذية والمياه والخدمات اللازمة لحماية ورفاه الرعايا الكويتيين، ورعايا الدول الأخرى.
وأدان القرار إقدام النظام العراقي على إعدام السجلات المدنية لسكان الكويت، والقيام بشكل غير مشروع بتدمير الممتلكات العامة والخاصة في الكويت أو الاستيلاء عليها، وحمل النظام العراقي المسؤولية عن كافة الخسائر والأضرار التي تصيب الممتلكات العامة والخاصة في الكويت، بموجب القانون الدولي.
وطلب القرار إلى جميع الدول بتقديم المعلومات ذات الصلة المتعلقة بمطالبتها، ومطالبات رعاياها وشركاتها في العراق بجبر الضرر، أو التعويض المالي، بغية وضع ما قد يتقرر من ترتيبات، وفقاً للقانون الدولي.
 قرار رقم 677 ـ 28 تشرين الثاني 1990
 وقد تضمن هذا القرار إدانة النظام العراقي لمحاولاته تغيير التكوين الديموغرافي لسكان الكويت، وإعدام السجلات المدنية التي تحتفظ بها الحكومة الكويتية، وكلف مجلس الأمن الأمين العام للأمم المتحدة بأن يودع نسخة من سجل سكان الكويت التي كانت قد صادقت عليها الحكومة الكويتية لغاية1 آب 1990 لدى مجلس الأمن.
خامساً:الموقف العربي الرسمي من الأزمة
بدءاً أقول، رغم أن أحداً ممن يحمل عقلاً سليماً، وفكراً ناضجاً، لا يمكنه أن يقرّ النظام العراقي على فعلته بغزو الكويت، ولا يقبل أن تحكم العلاقات العربية قعقعة السلاح، ويشجب العدوان على أي بلد كان، فكيف إذا كان البلد شقيقا.  إلا انه رغم كل ما جرى، ورغم كل الجرائم التي أقترفها نظام صدام، يتبادر لنا السوآل التالي:

هل خدم الموقف العربي الرسمي مصالح الأمة العربية؟
وللإجابة على هذا السؤال، بروح من الدقة والعقلانية، أستطيع القول أن ذلك الموقف، وبشكل خاص  موقف مصر وسوريا والمغرب، والسعودية، ودول الخليج، ليس فقط لم يخدم قضية العرب المصيرية، بل على العكس من ذلك قد أدى إلى انهيار لم يشهد له العالم العربي من قبل، وأدى إلى تهديم كل ما بنته الأمة العربية، عبر نضالها الطويل من أجل التحرر من ربقة الإمبريالية، وهيمنتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وأضاع جهود عشرات السنين، التي بذلتها الشعوب العربية، وغدت حركة التحرر العربي التي قادها جمال عبد الناصر، ورفدها الزعيم عبد الكريم قاسم، قائد ثورة الرابع عشر من تموز في العراق عام 1958، وانتصار ثورة الشعب الجزائري على المستعمرين الفرنسيين.

  لقد كان الأجدى بتلك الدول، السعي لحل الأزمة ببذل الجهود العربية المكثفة والجماعية، وعدم فسح المجال أمام الولايات المتحدة لتوجيه ضربتها لا للعراق فحسب، بل لمجمل حركة التحرر العربي، ولكن الحكومات العربية المذكورة آثرت السير في ركاب الولايات المتحدة، ودعمت مخططاتها، والتقت بذلك مع صدام حسين في إحداث ذلك الانهيار الذي لم يرَ العرب له مثيلاً من قبل.
إن ما نراه اليوم من نتائج تلك المواقف الخاطئة، من تفكك التضامن العربي، والصراع، والعداء بين الدول العربية، وتهالك الحكومات العربية على الارتماء في الحضن الأمريكي والصهيوني، وعقد معاهدات الصلح مع إسرائيل، من دون أن تحقق هدفاً جوهريا للأمة العربية، وقيام العديد من الدول العربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، في وقت لا تزال تحتل مساحات واسعة من الأراضي السورية واللبنانية والفلسطينية، وتماطل حتى في تطبيق الاتفاقات التي وقعتها مع منظمة التحرير الفلسطينية.

إن كل هذا هو نتاج مباشر لجريمة نظام صدام في غزوه للكويت، ونتاج المواقف الخاطئة، والمتخاذلة للأنظمة العربية. لقد وصل الأمر لدى بعض حكام الخليج أن يمدوا أيديهم لتصافح قادة إسرائيل، والتعاون معهم، بدلاً من أشقائهم العرب، وأصبح معظمهم ينظر لشعب العراق نظرة عداء وكره شديدين، حتى لكأنما صدام هو الشعب العراقي، والشعب العراقي هو صدام!!، ودون أن يعيروا أي اهتمام لما يعانيه الشعب العراقي على أيدي صدام وعصابته المتحكمة برقابه.
 إن هذا الموقف، موقف اللا مبالاة لما يعانيه الشعب العراقي على يد جلاده، وعلى يد الإمبريالية الأمريكية على حد سواء، قد خلق فجوة كبيرة في علاقات الأخوة التي كانت تربط العرب ببعضهم، وسوف يأتي اليوم الذي تدرك فيه الأنظمة العربية مدى عمق الجريمة التي ارتكبت بحق العراق وشعبه، وبحق المصلحة العربية العليا.

إن نظام صدام حسين زائل لا محالة، مهما طال به الزمن، ولكن شعب العراق باقٍ لن يزول، وهو بلا شك سيتذكر دائماً وأبداً، المآسي والجوع و فتك الأمراض والحرمان الذي حلَّ بأبنائه، وستبقى تلك الصورة المرعبة في ذاكرته، وسوف تتناقل الأجيال القصص والحكايات حول تلك المآسي، وذلك الجوع، كما يتحدث شيوخنا عن جرائم الأتراك إبان الحرب العالمية الأولى، والمجاعة التي سببوها للعراقيين، وسوف يبقى شعب العراق يتذكر مواقف الحكام العرب الذين وقفوا بجانب العدوان على العراق وشعبه، وضغطوا على شعوبهم بكل الوسائل والسبل لمنعها من التعبير عن رأيها في تلك الحرب المجرمة، ولا شك أن هناك بوناً شاسعاً بين الشعوب العربية وحاكميها.