عائد من الظل 20 بقلم: شقيف الشقفاوي
تاريخ النشر : 2018-02-13
شقيف الشقفاوي

من روايتي 21 ( عائد من الظل )

لما أقفلت السيارة السوداء الداكنة بالعودة ، كانت خيوط الظلام تلف قلب عمي السعيد ، وقد ضاقت به ساحة الكور الفسيحة ، التي يعرفها من قبل ، يوم هاجر إلى عنابة للعمل في مخبزة اللعباوي ، التي اشتراها بأموال الثورة و قد جمعت عنوة في شكل مساهمات و اشتراكات و ضرائب ومكوس فرضها بوشليح الأب على الأهالي ، و لما اختلفوا في قسمتها أحرق اللعباوي أكياس الورق و ادعى التخلص من فتنة هذه الأموال
_ قال له ابن بوشليح بصوت خافت ،،،
_ قل لهم يفرجون عنك الآن ،،،
بكى عمي السعيد بكاء مرا ، حتى بكت معه الأرصفة ، توسل لهم و ترجاهم ، لكن قلوبهم كانت صلبة و قاصية ، و لما ذخلوا منعرجات وادي زكار ، انزلوه من السيارة و سحبوه على الأرض ، جردوه من أوراقه الثبوتية و سرواله و تركوه يتخبط في العراء،،،
_ قال لهم عمار بولرواح و هو يمسح خيشم الرشاش ، و يحذق في تفاصيل فرحتهم
_ ابن الكلب لا يعرف مصلحته ، تآمر علينا و تآمر على نفسه ،،
و لما عاد حميدة الفن إلى بيته أحس بالدوار و بصداع شديد أفقده وعيه و هو يشير إلى حنجرته و عيناه شاخصتان إلى فراغ ، أجلسته زوجته في وجه النافذة و رشته بالماء البارد ، لكنه استسلم للسكون ، قبل أن يحكي لها تفاصيل السفر المستعجل الذي أسكت روح عمي السعيد ،،،
تسلل الخوف إلى قلب النمس و هو يخلط أحجار الدومينو ، خصوصا بعدما سمع بمقتل السعيد في وادي زكار ، و الموت الفجائي لحميدة الفن ، و الاختفاء الغامض لبوالصابون ،
_ قال بصوته المتهدج المخنوق
_ تموت ،،، في لإشارة لقطعة الدومينو ،،
رد عليه بوخن بنبرة كئيبة ممزوجة بالألم
_ من سيبقى في القرية ،،، إذا ماتت ،،؟؟؟
كان الجمعي في رحلة صيد ، يترصد الخنازير في أطراف غابة لعراكب ، و قد طلب من ابن بوشليح المرافقة حتى يستفيد من تجاربه في مغامرات الليل ، غير أنه قرر الانسحاب و العودة إلى الظل ، فلا يمكن أن تضيع منه ليلة دافئة كتلك الليالي التي قضاها في قبة البرلمان

.../....
يتبع
شقيف الشقفاوي