البساطة والعمق في "أكتب كي لا ينام الحلم في الفراغ" بقلم:نافذ الرفاعي
تاريخ النشر : 2018-02-12
البساطة والعمق في
"أكتب كي لا ينام الحلم في الفراغ"
نافذ الرفاعي
حيانا نحتاج إلى البساطة، بساطة اللغة والفكرة والأسلوب، فالتغيير مهم وضروري، استوقفني نص للكاتب "نافذ الرفاعي" لأنه جاء ليعبر عما اشعر به، فهناك ضغوط كبيرة تقع علينا ولا بد من وجود منفذ يريحنا مما نعاني، في هذا النص نجد حالة من الصراع، الصراع الداخلي، الصراع بين الهم العام والهم الشخصي، بين الأنا والآخرين، وصراع داخلي بين الذات والنفس، بين ما نفكر به وما نريده، فالكاتب أهم ما يمتلكه هو الكتابة، سلاحه الوحيد الذي يحارب به الآخرين ويحارب ذاته "الأمارة بالتقهقر والتراجع"، ففعل الكتابة يبقى أهم فعل إنساني نقوم به، والكتابة بحد ذاتها تعتبر ثورة وتمرد على الواقع، وتمثل احدى الوسائل التي يستطيع الكاتب/الشاعر أن يخرج مما يعانيه، يفتتح "نافذ الرفاعي" نصه قائلا:
"أكتب كي لا ينام الحلم في الفراغ.
وأكتب أحيانا كي لا ينام الحلم والفراغ معا."
هناك هدف وغاية من الكتابة، والتي تتمثل في الخروج من حالة المألوف والعادي والاستمرار في السعي نحو التمرد "الحلم"، لكن الكاتب لا يريده لحلمه أن يتوقف، ينتهي، يصل إلى غايته، هدفه، لهذا نجده يتمثل مع حالة الصراع الدائرة في الكون بين الليل والنهار، بين الربيع والخريف، بين "بعل والموت"، بين الخصب والجفاف، وهذا أهم ما يحمله النص، فكرة استمرار وسرمدية الصراع.
يوضح الكاتب حالة التمرد/الصرع من خلال حوار مع حبيبته:

"قالت لي الحسناء: لم لا تكسر يراعك كما حطم العازف قيثارته لحبيبته،
كي لا يعزف عليها لحنا آخر.
قلت أكسر يراعي الذي فيه أكتب وأنا مدمن للقلق."
وكأن الصراع لا يستطيع الكاتب أن يكون/يحيى بدونه، لهذا جعل نفسه مدمن "القلق" وهذا التقديم لفكرة الصراع أو العلاقة التوحدية مع الكتابة تحتاج منا نحن المتلقين إلى التوقف عندها والتأمل بها، لأنها أهم مسألة يركز عليها الكاتب.
هناك توضيح للأسباب والمبررات لخوض في حالة الكتابة:
"واشتاق للكتابة لأنها ما تبقى لي من نبض قلبي،
ومن حالة الهيمان والهذيان والتجلي.
لا أستطيع كتمها عذراً.
ولا رميها في الفراغ."
لا اقول بأن الكتابة لعنة على الكاتب، لكنها قريبة من حالة المازوشية التي تعود عليها، بحيث يتلذذ بالألم الذي تسببه له، فهو يعيش عليها وفيها ومنها، لهذا لا يستطيع "كتمها أو رميها"، وهذا ما أكده لنا عندما أضاف قائلاً: "
"أكسر توبتي كل مرة، وأعود أتوق لارتكاب فعل الكتابة."
لهذا نجده مستمر في عمله ككاتب كما يستمر تعاقب الليل والنهار، تعاقب الصيف والشتاء والربيع والخريف.
يعترف "نافذ الرفاعي" بالألم الذي يمر به، بالحالة المازوشية التي يعيشها ككتاب حر لا يقبل الخضوع/القبول/التسليم بما هو كائن من خلال قوله:
"صرخةٌ وصوتٌ مجنون يحتلني فيه الحب والتيه والعذاب."
لكن السبب والغاية من هذا التحمل هو:
"يخرج كي لا يموت الثوار والتمرد.
كي تستيقظ الأحلام وتعلو أنشودة الحرية والحب والحياة."
لهذا نقول أن الكاتب وفعل الكتابة هما حالتين تمثلان التمرد والرفض لما هو كائن، وكأنه المرأة الحامل بمولودها، تتحمل ألم الحمل وألم المخاض لخروج حياة جديدة يمكن أن تحقق ما لم تحقق من أهداف وغايات.