خصوصية التطبيع وفضاعة التقريع بقلم:د. جعفر المعايطة
تاريخ النشر : 2018-01-20
خصوصية التطبيع وفضاعة التقريع

اكتب وانا حزين، ومتألم واشعر بالخجل مما آل اليه حال المواطن العربي، وقد اخترت هذا الموضوع وأعي تماماً ما اكتب وما اقول، لا شك ان التطبيع مع الاحتلال (الاسرائيلي ) هو توجه عام في الدول العربية، ها وقد نسفت بل استبدلت جميع اللاءات المشهورة "لا صلح " الى "نعم للصلح " واستبدلت "لا تفاوض " الى "نعم لا بد من التفاوض " وتم شطب عبارة "لا اعتراف بإسرائيل" واصبحت " نعم للاعتراف باسرائيل" ، رغم وجود حركات وحراكات عربية ضد التطبيع منها حركة "بي دي أس الكويت"، وحركة "شباب ضد التطبيع" في قطر، و"الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع". رغم ذلك فقد انطلق قطار التطبيع وبات في العلن من والى تل أبيب رايح جاي عبر اتفاقيات ولقاءات وزيارات، - وتلك امور خاصة وخصوصيات، ولكل وجهة نظر - وليس هذا موضع اهتمامي ومقالي، انما قصدت، وان موضع اهتمامي وما ارقني واحزنني هو:-

١- غرابة، عدم تورع البعض من الكتاب العرب عن التقريع والتبشيع، ولم يستحي ولم يخجل ولم يندى جبينه عندما شد قلمه المعسول مطبعاً مع المحتل، وبري قلمه المسموم مقرعاً غير متسامحاً مع الشعب الفلسطينيي صاحب الحقوق !

٢- المعيب بالتطبيع الانسداحي الانبطاحي هو قلب موازين الكون الحقوقية، وإنكار وابطال كافة حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، زماناً ومكاناً وانساناً، والتشهير بهم !

٣- تزكية واعطاء وهبة ارض فلسطين العربية لصالح المحتل الاسرائيلي، زماناً ومكاناً وعقيدة وتاريخاً وديناً وقديماً وحاضراً !

٤- تمادي الحراك الصحافي العربي الموبوء الشاذ والمؤلم المؤيد للتطبيع مع المحتل (اسرائيل) في حين يرفض هذا الكاتب او ذاك مَعزوفةَ التطبيع مع دول عربية هي الاقرب وهذا ذكرني عندما كان بختم على جواز السفر العربي سابقاً ( جميع الاقطار الا الدول العربية التالية ........... ) جميع الدول الا ال .......العربية . ) جميع الاقطار الا ...............العربية .

٥- ان أنغام التطبيع المُتسارعة على غير العادة في بلاد العرب (رغم انها خصوصيات كما اسلفت) لكن من المهين والمشين والمعيب الطعن بالجلدة العربية وعار على اقلام العار التي وصل بها الأمر الى المطالبة بدفن القضية الفلسطينية وشعبها ومقدساتها واعلاء "هبل" في البيت الاقصى المقدس !

٦- أف لكم كيف تحكمون؟ يا مروجوا وعرابوا التطبيع ودعاة التقارب مع المحتل، في حين اعتبار التطبيع والتسامح والتساهل والتعاطف مع اي دولة عربية على خلاف مع اخرى وعملاً بقانون سكسونيا يعتبر جريمة يستحق الساعي والداعي اليه والمتعاطف الحبس والغرامة لكل من يتعاطف مع المواطن العربي حتى لو على المواقع الالكترونية !

٧- ربما ويعتبر الداعي للتطبيع مع المحتلة إسرائيل حرية رأي وخصوصية تخدم توجهات الكاتب نفسه، وهم قلة، رغم انه من البديهي والمفروض هو عدم التطبيع مع الاحتلال خاصة في هذه الايام الحساسة، كون إسرائيل دولةٌ مُحتلّةٌ، وعدوة، وستبقى كذلك !

٨- لماذا هبت حمية هذه الاقلام الحمأة المسنونة والمسمومة التي تخلت عن عروبتها معززة موقف الاحتلال في هذا الوقت الحساس الحرج الصعب على الأمة الوقت الذي يقارع العرب والعجم المحتل الاسرائيلي دفاعاً عن المقدسات الاسلامية والاقصى والقدس الشريف ؟

٩- لماذا لم تهب حميّة وغيرة الدفاع عن الاحتلال الاسرائيلي عند هؤلاء الذين رفضوا بل حاربوا دعوات التطبيع مع دول عربية من لحمهم ودمهم وجلدتهم وتركوهم في غمار الجوع والمقاطعة ؟

١٠- كم هو محزن واقع العرب البوم ومخجل، والبعيد كل البعد عن المبدئية، وواقعنا بحاجة الى جهد ومحاولات صعبة جدّاً، من أجل التغلّب على جذور المعارضات الكيدية الأمعية (حيث يميل الهوى تميل الاقلام) !

١١- انا متأكد لو مال الهوى الى عدم التطبيع، لمالت كل هذه الاحبار المطبعة والمؤيدة الآن للتطبيع مع إسرائيل، لمالت الى لعن وطعن وشتم الاحتلال وساعة الاحتلال ، وهذا اسوء من الاحتلال الحقيقي نفسه على ارض الواقع !

١٢- من العجيب والغريب واستغرب انا شخصياً من هذا التسامح والتغازل والتقارب الرومانسي مع الاحتلال الاسرائيلي، في حين تكون قسوة صرير هذه الاقلام على المواطن العربي والمسالم والغريب والمشتت والمدافع عن كرامة العرب في بيت المقدس !

١٣- اعتقد وجود دس وتحريض اعلامي ممنهج ومخطط هو احد اهم أسباب تخلي وزهد ومنع اهتمام بعض الاعلامي العربي بمقدسات وشؤون وتداعيات وعروبة القضيّة الفِلسطينيّة، وعزل القضايا العربية بشكل عام !

١٤- تعمد بعض اقلام الاعلام العربي الفاشل لإظهار المواطن الفِلسطيني بصورة الإرهابي الجاني المجرم المعتدي، والتقليل من شأن المقاومة الفلسطينية وانزالها من مقام freedom fighters الى مقام مجرم يشهر السلاح في وجه شعب مسالم ألا وهو حسب رأي الكتاب العرب (الشعب الإسرائيلي)، وهذا هو الخزي والعار بعينه !

١٥- هبوب واشعال عواصف داخل الجبهة الداخليّة العربية، تحرم وتجرم وتغرم كل من يبحث عن الرحمة والتسامح والمحبة في دولة عربية ويعاقب بفَرض الغرامات، وقد يرقى الامر الى حرمان المستثمر العربي من قيام المشاريع الاقتصاديّة ومصادرتها لمجرد سوء تفاهم بين دولتين، لا علاقة للمواطن العربي به لا من قريب ولا من بعيد !

١٦- الرقابة الاعلامية الحثيثة المفروضة على مواقع التواصل الاجتماعي في الدول العربية التي تمنع وتحرم تواصل العرب لبعضهم البعض فقط حصراً وقصراً حلال على بلابل الاحتلال الدوح وحرام السلام والكلام على كل جنسي !

١٧- مناقشة وطرح ايجابيات التطبيع مع الاحتلال، في حين حظر وتحريم مناقشة المواضيع السياسية أو الاجتماعية أو الدينية الداعية لعدم مقاطعة العرب للعرب خاصة وتلك التي تتعارض مع النظام !

١٨- عندما يصرح ويدغدغ اي من أركان وساسة الاحتلال، مشاعرنا المتقلبة بأن هناك مصالح مشتركة تجمع بين العرب وكيان الاحتلال، تتسابق هذه الاقلام لتزيين وتطريز هذه الفقاعات الهوائية المزيفة، خاصة اذا ما تطرق الى ضرب ايران وتأديب حزب الله، هناك يدرك الاحتلال كم هو واقع العرب مؤلم ومخزي !

١٩- التطبيع - مسألة شخصية ذات خصوصية - لكن المقزز والمقرف بالأمر حين تخرج اقلام وصحف تتغنى بأن إسرائيل هي الآن واحة الديمقراطية في الشرق الاوسط وهي الافضل عسكرياً واستخباراتياً وجوياً مما يمنحها فرصة فرض السيطرة على المنطقة، فقط مناكفة وتحدياً وكرهاً لدول عربية اخرى !

٢٠- وفي النهاية معتذراً للقارئ العربي، وللاسف عندما يكون التطبيع مع الاحتلال على حساب ضرب المصالح العربية واضعاف موقف الدول العربية على حساب بعضها البعض والغدر بها دون تحقيق وتقاطع مصالح لصالح القضية العربية والمقدسات الاسلامية، يكون الحال زيد اسوأ من أخيه !

د. جعفر المعايطة
كاتب عمودي الكتروني وباحث اردني