مستقبلٌ مجهول بقلم:سلسبيل موسى
تاريخ النشر : 2018-01-19
هل يتوجب علينا التخلي عن شغفنا بسبب ما نُعايشهُ في قطاعنا؟
هل لهذا الحد شغفُنا يستحق التخلي ؟
لقد أضحت اهتماماتنا في قطاعنا تنحصر يوماً بعد يومْ، وباتت أهدافنا التي نعمل جاهدين على تحقيقها ترتدي ثياب المجهول، لقد بات كل شيء يضمحل ولقد أمست غزة مثقلة بحياةِ أبنائها، ليست سعيدة عما يدور في أحشائها، فلا تستطيع تِلك الأم أن ترى أبنائها يتخلون عن شهاداتهم مقابل توفير لقمة عيشهم، باتت منهارةٌ كإمرأة أرملة في سن العشرين بسبب عجزها عن توفير مطالب شبانها و فتياتها، بعدما كانت ملتقى جميع الفئات وأهمها الفئة الشابة، تُرى فهل الحق مع أبنائك يا غزة حينما يتجهون نحو التخلي عن آمالهم؟
خطواتنا الهادئة أصبحت مضطربة مرعبة تتسلل لتحقق ما تريده خوفاً من أيِ طارئٍ يمنعها من الوصول، خطواتنا البريئة في القطاع تحتفظ بكل قصةٍ تراها، فذاك المدرب الرائع، ذو الالقاء المميز، صاحب الاثارة، ذو الهمة القوية، صاب الاهداف التي لا تعرف المستحيل، من يمنحنا القوة وقت ضعفنا و هزلنا، لقد أصبحت روحهِ هشة، وهو ذاك نفسه اليوم الذي يُقبل على بيع " الخيار " في السوق!!
لم يعد اقبال أبناء قطاعنا على التنمية البشرية و تطوير الذات، أصبحوا يتخلون عن تِلك الأهداف مقابل أن يحصلوا على لقمة عيشهم، هل ستجعلنا تلك الظروف المريرة أن نبيع النعناع!
في هذا اليوم نرى بائع السبانخ يحمل درجة الماجستير في اللغةِ العربية، يقوم بإلقاءِ القصائدِ في الشوارع ويوزعُ إبتساماتهِ البائسة على من حوله، ما ذنبه اذاً؟
أليس الفئة الشابة هي قادة المستقبل، ألم تقل هذا يا حضرة الرئيس في مؤتمرٍ سابقٍ لك!
ألم تقل بأنك بجانب الشباب الفلسطينيون فهم موهوبون أكثر من غيرهم، هكذا أمسينا نحن في هذه الفئة نجهل مستقبلنا، كُلٍ ينسجُ أحلامهُ قبل نومه، ليصبح في اليوم التالي مستعداً للكِفاحِ لأجلها لكن خططهُ تفشل وبكلِ أسى، أيغرقُ هو في نفسه، أيستسلم إذاً أمْ ماذا؟
عليك أن تجيب يا رئيس القضية، عليكَ أن تضع المبررات التي تجعل ذاك التخلي عن أحلامنا شيئاً عادياً، فأصابع إتهامنا كلها متوجهة نحوكم-!
نصنع المعجزات، نخطط لأجل الارتقاء، نعمل بكلِ جهدٍ و عناء، نحنُ الكُتابْ، أقلامنا لآ تمِل، ولا تيأس فها هي تحفِرُ آثارِها على وجوهكم.
كم من ليلةٍ سهِرَ ذاك الشاب ليُعِدَ لدراسة الماجستير؟
وكم من تجربةٍ فاشلة مر بها ذاك المُدرب و تخطاها؟ ، وكم من كلمةٍ سامةٍ إبتلعها ثم مضى، كم كان قدره لحِرمانِ نفسه مع جلسة الرفاق أو الأهل لكي يُحقق ما يرنو إليه، كم وكم وكم!
لماذا يا غزة، هل كان ذلك يخطط أن يُصبح بائع "خيار"؟!
أم بائع الكلور الحاصل على درجة البكالوريوس في العلوم العامة، هل نُظلمُ نحنُ هُنا!
أتسائل هل مستقبلي سيكون كذلك رماداً لا سُدى؟
باتت تِلكَ الأحلام يغطيها الضباب، تَودُ زيارةِ الأمل عما قريب لكن لا جدوى لها في ذلك، الأحلام، الآمال، الأهداف، الطموحات، الشغف، تلك الكلمات الذي يرتعد قلبنا فرحاً لِنُطقها، يجب أن لا نتخلى عنها لأننا بعدمها ننعدم هكذا نحنُ في القطاع، قلوبنا مؤمنة بما يختاره الله لنا وأحببنا ما اختاره، فلِأجلِ الله ولأجِلِ أنفسنا لن نتخلى .
الفئة الشابة هي الأحق بتحقيق أحلامها، لأنها تثابرو رهنت التعب مفتاحا لنجاحها، وغزة هي الأحق بأن تسمو وتغرد بناجحيها و بأبنائها، بثباتها، وبذخيرتها من المواهب الصاعدة، بما تحمله في أحشائها، وما رعرعت عليهِ أحفادها.