سامح تؤجر رغم المعاناة حملة لكسر الحصار بقلم:وسام تيسير جودة
تاريخ النشر : 2018-01-14
سامح تؤجر رغم المعاناة حملة لكسر الحصار بقلم:وسام تيسير جودة


سامح تؤجر رغم المعاناة حملة لكسر الحصار

ذات يوم وقبل ما يقارب ثمان وعشرون عاماً أثناء منع التجول على مخيمنا، وكانت الانتفاضة الأولى في أشدها، كنا نسكن منطقة مدخل المخيم، ولا نستطيع التحرك بأي شكل لوجود دوريات الجيش الصهيوني بكثافة تتحرك دخولاً وخروجاً للمخيم من أمام بيتنا، وقد تم الطرق على باب بيتنا بقوة فاعتقدنا أنه الجيش وعند اقترابنا وسؤالنا عن الطارق كان الجواب افتح الباب فعرفنا أنه ليس الجيش ففتحنا الباب بسرعة واذا بكيس كبير على الباب ومن طرق الباب مغادر بسرعة فادخلنا الكيس فاذا به طعام وخضار ومواد تموينية متعددة.
الشاهد في القصة أن شاب يضحي بروحه من أجل ايصال الطعام لنا وهذا العمل يتم لكل البيوت التي لا يستطيع أهلها التحرك أثناء منع التجول، وأيضاً يدل على أننا مجتمع معطاء وكريم ومضحي يقدم الغالي والنفيس من أجل وطنه فالرجال تظهر عند الشدائد.
فمنذ الانتفاضة عام 1987م، ونحن نرى التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الغزي وتلاه في انتفاضة الاقصى وفي سنوات الحصار المؤلمة على قطاع غزة التي لا يزال محاصر.
فمن مظاهر التكافل والتآلف الاجتماعي تتجلى في المناسبات السعيدة والحزينة التي يتعرض لها أفراد المجتمع وأسره، فتجد الجيران والأهل والأقارب في أيٍ من المناسبات تهرع لمساندة بعضها البعض فتجد الناس من مناطق مختلفة وبعيدة تأتي لمؤازرة بعضها، كذلك ظهر مستوى التكافل الاجتماعي بشكل جلي في الحروب التي شنت على قطاع غزة خلال العشر سنوات الماضية، وتحديداً في عمليات الايواء للنازحين من بيوتهم التي تعرضت مناطقهم للقصف، فقد ظهرت في أبهج صورها عندما استقبلت العائلات بعضها البعض وقدمت لهم كل ما يحتاجون من مأكل وملبس وأغطية رغم قلة اليد للكثير منهم.
اليوم وفي ظل الوضع الاقتصادي الخانق الذي يمر به قطاع غزة ، والذي لم يصل إلى هذا المستوى من قبل، فالبطالة والفقر في أعلى مستوياتها، والسلطة برام الله التي زادت الأمر سوءاً وساهمت بوصول الحال إلى هذا المستوى بالعقوبات التي تفرضها من خصومات موظفي رام الله وتقاعدهم، وتقليص كميات الكهرباء من الاحتلال بإيعاز السلطة، والضرائب المفروضة، ومنع التحويلات الطبية، وتلكؤها بتنفيذ استحقاقات المصالحة وبخاصة ملف الموظفين في غزة الذين لا يتقاضون رواتبهم بشكل كامل ومنتظم منذ اربع سنوات، هذا كله زاد من معاناة أهل غزة وتراكمت الديون على الموظفين وانعدمت السيولة المالية، وزاد حجم المطالبات المالية والقضايا المالية للتجار مما جعل الوضع الاقتصادي في أسوء مراحله والهدف إضعاف غزة وأهلها وإخضاعهم للمشروع الكبير المسمى بصفقة القرن.
ورغم كل المعاناة التي يعانيها قطاع غزة إلا أنه في كل أزمة يمر بها يبرز مدى القوة والصلابة التي يتمتع بها فجينات أهل غزة مزيج من القوة والشجاعة والشهامة والعطاء، نعم نفاجأ في كل أزمة بإبداع أهل غزة وتماسكهم الاجتماعي وترابطهم الأخوي،
تفاجأنا بأحد التجار وهو صاحب شركة بيع واستيراد الأحذية من سكان مخيم النصيرات وهو مخيم دائماً ما يخرج منه المبادرات الخيرية بإعلان مسامحته وعفوه عن كل المدانين له وقام بشطب ديونهم بالكامل نظراً للظروف الصعبة التي يمرون بها، هذه المبادرة شجعت الكثيرين للحذو حذوه، وبدأ الناس بشطب ديون من لهم ديون عليهم، واعلان ذلك من خلال تبني مجموعة من الشباب لهذا المشروع الكبير تحت شعار سامح تؤجر،
هذا السلوك ليس غريباً على أهل غزة فهم على مر العصور أهل بذل وعطاء وتنكسر على أرضهم الجيوش والجبابرة، رغم المحاولات البائسة للاحتلال وأعوانه من تغيير سلوكهم وتفرقتهم الا أنه دائماً يبوء بالفشل، فمن يجود بدمه وبيته، من يجود بأبنائه وزوجاته وبناته ، لن يكون غريباً أن يجود بماله من أجل الله وشعبه.
ما أجمل من يسامح وما أعظم أجره عند الله، ما أجمل من يعطي ويبذل ماله لله لييسر على أبناء شعبه، ما أجمل أن تكون هذه المشاريع متواصلة وتزيد أكثر وأكثر ويحذو جميع التجار والميسورين من أبناء شعبنا ومن أبناء أمتنا العربية والاسلامية حذو تجارنا البسطاء في فعل الخير والمسامحة من أجل الله عز وجل .
دمتم شعبنا ودام عطاؤكم وزاد من أرزاقكم وبارك فيها وبعوائلكم، وخاب من حاول إفشال مساعي الخير ومن حاصر ومن كان سبباً بهذه الحالة لأبناء قطاع غزة.